البنك المركزي الصيني يخفض الفائدة على عمليات إعادة الشراء العكسية 20 نقطة أساس    الوضع كارثى، تصريح خطير لوزير الصحة اللبنانى    أمريكا: لا ندعم التصعيد بين إسرائيل وحزب الله ولدينا أفكار لمنع اندلاع حرب أوسع    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 24-9- 2024 والقنوات الناقلة لها    وكيل ميكالي: الأرقام المنتشرة عن رواتب جهازه الفني غير صحيحة    التحقيقات: لا شبهة جنائية في حريق شركة بمصر الجديدة    توقعات طقس اليوم.. حار رطب مع شبورة صباحية ورياح معتدلة على مناطق متفرقة    إجراء عاجل من مستشفيات لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي    آخر تحديث ل سعر سبيكة الذهب ال10 جرامات في مصر    مصر للطيران تعلق رحلاتها إلى لبنان: تفاصيل وتداعيات الأحداث الجارية    نجيب ساويرس: ترامب وكامالا هاريس ليسا الأفضل للمنطقة العربية    اليوم.. الجنايات تستكمل محاكمة متهمي داعش كرداسة الثانية    مصرع شخص في حريق منزله بمنطقة الموسكي    30 قيراط ألماظ.. أحمد سعد يكشف قيمة مسروقات «فرح ابن بسمة وهبة» (فيديو)    مدين ل عمرو مصطفى: «مكالمتك ليا تثبت إنك كبير»    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    «الباجوري» بعد تصوير «البحث عن علا 2» في فرنسا: لم أخشَ المقارنة مع «Emily in Paris»    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    جامعة العريش تُعلن عن وظائف جديدة.. تعرف عليها    الرئيس الإيراني يكشف أسباب تأخر الرد الفوري على اغتيال هنية    برج الجدي.. حظك اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024: تلتقي بشخص مثير للاهتمام    مؤسسة محمد حسنين هيكل تحتفل بميلاد «الأستاذ».. وتكرّم 18 صحفيا    قنصل السعودية بالإسكندرية: تعاون وثيق مع مصر في 3 مجالات- صور    شركة مياه الشرب بقنا ترد على الشائعات: «جميع العينات سليمة»    موعد صرف الدعم السكني لشهر سبتمبر    الجزائر تدعو إلى إطلاق مسار جدي لإعادة التوازن المفقود في منظومة العلاقات الدولية    جيش الاحتلال الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوى جنوب وشرق حيفا    السيطرة على حريق باستراحة تمريض بسوهاج دون إصابات    بلاغ جديد ضد كروان مشاكل لقيامه ببث الرعب في نفوس المواطنين    جسر جوي وبري لنقل المساعدات والوقود من العراق إلى لبنان    الأمين العام الجديد لمجمع البحوث الإسلامية يوجه رسالة للإمام الطيب    «سجل الآن» فتح باب التقديم على وظائف بنك مصر 2024 (تفاصيل)    أسامة عرابي: مباريات القمة مليئة بالضغوط ونسبة فوز الأهلي 70%    مروان حمدي يكشف كيف ساعده الراحل إيهاب جلال في دراسته    موتسيبي: زيادة مكافآت الأندية من المسابقات الإفريقية تغلق باب الفساد    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    "لم أقلل منه".. أحمد بلال يوضح حقيقة الإساءة للزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    الصحة اللبنانية: ارتفاع شهداء الغارات الإسرائيلية إلى 492 والمصابين إلى 1645    أحمد سعد: اتسرق مني 30 قيراط ألماظ في إيطاليا (فيديو)    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق أبو غالب في الجيزة    هل منع فتوح من السفر مع الزمالك إلى السعودية؟ (الأولمبية تجيب)    فرنسا تدعو لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول لبنان    وزير الأوقاف يستقبل شيخ الطريقة الرضوانية بحضور مصطفى بكري (تفاصيل)    تأثير القراءة على تنمية الفرد والمجتمع    الفوائد الصحية لممارسة الرياضة بانتظام    الآن رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والشهادات الفنية (استعلم مجانا)    حتحوت يكشف رسائل محمود الخطيب للاعبي الأهلي قبل السوبر الإفريقي    محارب الصهاينة والإنجليز .. شيخ المجاهدين محمد مهدي عاكف في ذكرى رحيله    ارتفاع حصيلة مصابي حادث أسانسير فيصل ل5 سودانيين    أحمد موسى يناشد النائب العام بالتحقيق مع مروجي شائعات مياه أسوان    طريقة عمل الأرز باللبن، لتحلية مسائية غير مكلفة    جامعة عين شمس تستهل العام الدراسي الجديد بمهرجان لاستقبال الطلاب الجدد والقدامى    في إطار مبادرة (خُلُقٌ عَظِيمٌ).. إقبال كثيف على واعظات الأوقاف بمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفاعى طه: «بن لادن» هو الذى أشعل الثورة المصرية.. والإخوان والجماعة الإسلامية نفذوها
القيادى فى «الجماعة الإسلامية» فى أول حوار بعد العفو : أمن الدولة لا يزال يعمل حتى بعد وصول «مرسى» إلى الحكم
نشر في الوطن يوم 15 - 09 - 2012

لم يكن رفاعى طه، الرجل القوى فى الجماعة الإسلامية كما أطلقت عليه صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، بعيداً عما يجرى فى مصر. وحتى خلال فترة هروبه من نظام مبارك خلال عقد التسعينيات من القرن الماضى، وبقائه فى أفغانستان التى عاش فيها متنقلاً بينها وبين السودان واليمن وإيران، كان يقود الجماعة، ليصبح شاهداً على كل ما قامت به، قبل أن يُقبض عليه ويُسلم إلى المخابرات المصرية التى ظل سجينا «على ذمتها» أكثر من 5 سنوات، حتى أُخلى سبيله مؤخرا.
رفاعى طه، الذى خص «الوطن» بأول حوار صحفى له، لم يرد التحدث عن ملفات خاصة يحملها فى جعبته، مؤكداً أنه لم يحن الوقت بعد لحديثه عنها، وأنه سيأتى اليوم الذى يكشف فيه عن فترة قيادته للجماعة، وبالأخص ما يتعلق برحلته خارج مصر.
وفى هذا الحوار، يقول رفاعى إن أسامة بن لادن وضرب برجى مركز التجارة العالمى فى 11 سبتمبر هما اللذان أشعلا 25 يناير، وإن مقتل السادات ما كان إلا محاولة لإقامة الدولة الإسلامية عن طريق الثورة والانقلاب العسكرى، متمنيا الإفراج عن المسجونين، ومنهم الشيخ أحمد سلامة، أحد قادة تنظيم الجهاد، وباقى المعتقلين خلف القضبان، مثل الشيخ مصطفى حمزة الذى خطط لمحاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا، فضلا عن ضباط الجيش الذين انحازوا للشعب. وإلى الحوار:
* لماذا تؤكد دائما أن «أمن الدولة» المنحل رسميا لا يزال يعمل حتى بعد وصول واحد من التيار الإسلامى إلى الحكم فى مصر؟
- أنا أعلم أن هذه الأجهزة تعمل ضد التيار الإسلامى منذ 50 عاماً، ولا يعقل أن تنقلب مرة واحدة على كل ما كانت تقوم به، بحكم انتمائها للنظام السابق، أو مصالحها التى فقدت منها، أعتقد أن «أمن الدولة» لا يزال يعمل حتى بعد وصول مرسى إلى الحكم فى مصر، وأتمنى أن تتوحد هذه الأجهزة فى المستقبل خلف الرئيس المنتخب.
* ألم يكن «أمن الدولة» والحكومة المصرية هى ذاتها التى ساعدتكم فى الانتشار داخل الجامعات المصرية من قبل؟
- الحكومة أنشأت تياراً دينياً فى الجامعات المصرية، ولكنه كان تياراً صوفياً تابعاً للأزهر، وهذا هو ما يسمى ب«الجماعة الدينية»، التى يتحدث عنها الليبراليون، ولكنها كانت صوفية، ولم يكن لنا بها صلة، وكان السادات يمدها بالمعونات، بينما كنا نعتبرها نحن تابعة ل«أمن الدولة»، وقائد الجماعة كان يسمى «مسئول الجماعة الدينية»، وليس أميراً، وهو من كان يتلقى المساعدات من المحافظ، أو عميد الكلية.
أما نحن فكان من الطبيعى أن يكون لنا معاملات سياسية مع الدولة، أو مع باقى التيارات، لكن ذلك ليس معناه تلقى المساعدات من النظام الحاكم الذى كان يريد تياراً دينياً تابعاً للحكومة، وليس نحن، وأنا أظن أن القول بأن السادات دعم التيار الدينى لضرب اليسار مغالطة تاريخية، لأنهم اعترفوا له بمنبر فى نفس الوقت الذى رفض السادات الاعتراف للإسلاميين بمنبر.
* ولكن قيادات «الإخوان» ومنهم الشيخ عمر التلمسانى كانت تحضر فى الصفوف الأولى مع السادات، فى الوقت الذى سُمح لكم فيه بحرية الدعوة؟
- المشكلة أن كل التيارات العلمانية لا تريد للتيار الإسلامى أن يتنفس، ولا يريدون له إلا السجون، ولا يريدون لمساجده إلا الحصار، رغم أنه يتعرض دائماً لأقسى صنوف العذاب، ثم يقولون إن هناك اتفاقاً بين النظام والتيار الإسلامى، وأنا أستطيع أن أصف علاقتنا بالسادات بأنه أعطى هامشاً كبيراً من الحريات، وحرم منه الإسلاميين، لكنهم استفادوا من هذا الجو المعطى للآخرين ببراعة، وهذا يدل على ديناميكية الحركة الإسلامية التى تتعامل مع كل الظروف وتستفيد منها بذكائها.
* فلماذا قتلتم السادات إذن؟
- السادات انقلب على هامش الحرية، وظهر ذلك بوضوح مع التيار الإسلامى، الذى وصل إلى الأغلبية فى اتحادات الطلاب، وحال النظام المصرى دون ذلك، وجاءنا حسنى مبارك بنفسه فى جامعة عين شمس، وطلب منا ألا نختار رئيس اتحاد طلاب ملتحيا، وإلا سيصدر قرارٌ بحل الاتحاد، واخترنا رئيس اتحاد غير ملتحٍ، ورغم ذلك حل الاتحاد ونكص عن أول تجربة ديمقراطية، وأول اختبار حقيقى فى الديمقراطية رسب فيه السادات، ولذلك كانت معركتنا معه على الديمقراطية هى السبب الأول الذى انتهى بقتله، بالإضافة إلى قراءتنا لما كان يحدث مع «الإخوان» أيام عبدالناصر من قتل وتعذيب، وتوصلنا إلى أننا لن نسمح للسادات أن يدخلنا السجون كلقمة سائغة، وإذا قدر لنا ذلك ستكون اللقمة غصة فى حلقه.
وتصورى النهائى أن قتل السادات ما كان إلا محاولة لإقامة الدولة الإسلامية عن طريق الثورة والانقلاب العسكرى، وهذا ما كان مخططاً له فى حينه، للوصول إلى موقع صناعة القرار، لأننا طليعة هذا الشعب، نحارب معه وليس بديلاً عنه، والظروف كانت أسرع منا قبل القيام بثورة شعبية عارمة، وفى هذه الفترة لم تكن وسائل الاتصال متطورة بهذا الشكل.
* أين كنت لحظة قتل السادات؟
- كنت هارباً، فقد كان «أمن الدولة» يقبض علىّ دائماً قبل الامتحانات حتى أرسب، وعندما حدثت قرارات التحفظ هربت، وجاءت أحداث أسيوط، ولم يقبض علىّ إلا بعد عام 82، وحكم علىّ ب5 سنوات بتهمة الانتماء للجماعة، وليس بتهمة المشاركة فى الاغتيال، والشباب فى حينه كانوا مؤمنين بما يفعلون، لأنهم كانوا يعتقدون أنهم حملوا السلاح من أجل خطتهم الرامية إلى إقامة الإسلام فى مصر، والخلاف بين الشباب حول أحداث 81 كان فقط حول هل كان الوقت مناسباً أم لا، لأننا كنا معتقدين أن النظام لم يترك فرصة لإعادة الشعب المصرى لحريته إلا مواجهته.
* هل تعتبر أن الصدام مع السادات ومن بعده مبارك جاء مبكراً؟
- لم يكن مبكراً، ولكنه جاء حينما أردنا أن ننقل دعوتنا من الجامعات إلى الشارع المصرى، خصوصاً أننا كنا تياراً جاداً فى «أسلمة» المجتمع المصرى، وتحويله من علمانية صنعها محمد على إلى إسلام النبى محمد، والاقتداء بالنبى محمد خير من علمانية محمد على.
* تقول إنكم كنتم تياراً جاداً، فهل «الإخوان» والسلفيون لم يكونوا جادين؟
- الإخوان هم من اخترق الجامعات والمدن فى بدايات عهد السادات ونشروا الدعوة، وكان هناك آخرون لا يرضون إلا بالهدى الظاهر وهم السلفيون، والخطاب المائل ل«الإخوان» وغيرهم، وعدم التزامهم بالهدى الظاهر جعلنا لا نستوعب أسلوبهم، وبمرور الوقت تجاذب معنا الشباب وانتشرنا فى كل أنحاء مصر، ولم يرضَ مبارك بذلك، وقتل علاء محيى الدين المتحدث الإعلامى باسم الجماعة.
* أفكاركم أم مبارك ونظامه هو الذى تسبب فى أحداث العنف فى التسعينيات؟
- النظام المصرى أيام مبارك قرأ التاريخ قراءة خاطئة، وبدلاً من أن يساعد الذين يحاولون منع الانفجار داخل الجماعة، وقف ضدهم، لأن الجماعة انقسمت إلى فريقين؛ فريق رأى أن يحاصر «مبارك» كما يحاصر ويقتل كيفما يقتل، ويفعل ما يفعل، ونستمر فى الدعوة، وفريق آخر رأى أن يرد على المواجهة بمثلها، وإذا قتل رجالنا قتلنا رجاله.
* ولماذا شكلتم الجناح العسكرى وبدأتم أحداث العنف فى التسعينيات؟
- لم يكن للجماعة جناح عسكرى بالمعنى المفهوم، فكل من حملوا السلاح كانوا معروفين، وإخوة المبادرة أخطأوا حينما قالوا: «تم حل الجناح العسكرى للجماعة»، إنهم فقط أرادوا أن يروجوا مقولة تعجب الآخرين.
* فمن إذن الذى كان يحمل السلاح فى مواجهة الداخلية المصرية؟ ومن الذى كان يرسل المجموعات القتالية من خارج مصر؟
- أحداث العنف كانت دفاعية، لأن شباب الجماعة دافعوا عن أنفسهم قبل القبض عليهم، ولم يكن لنا -كما قلت- جناح عسكرى منظم بالمعنى المفهوم، ولكنهم مجموعة من الشباب ردوا على الممارسات الديكتاتورية، و«الجماعة الإسلامية» طوال تاريخها لم تمارس الإرهاب، بل أعداؤها هم الإرهابيون، والأنظمة الديكتاتورية هى التى لا تستطيع العيش فى جو الحريات، ولكنها تحيا فى جو الحرب، التى سماها مبارك وأعوانه «الحرب على الإرهاب»، ورغم ذلك فشلوا وربحنا نحن، واستفدنا من المواجهات كسب تعاطف الكثيرين.
* لكن الشيخ طلعت فؤاد قاسم «أبوطلال القاسمى» قال فى تصريح له إن للجماعة جناحا عسكريا داخل الجيش؟
- الشيخ طلعت فؤاد قاسم غُيِّب بمؤامرة أمريكية مصرية، وخطف من كرواتيا، وتأكدت بنفسى أنه تم تصفيته داخل المخابرات المصرية، وقتل هناك تحت تأثير التعذيب، وكان كل ما يقال إن تصريحه بوجود جناح عسكرى داخل الجيش هو سبب قتله، وهذا كلام الإعلام فقط، وقد قتلوه كما قتلوا علاء محيى الدين، لأنهما متحدثان إعلاميان باسم الجماعة، وليست المسألة متعلقة بالأعمال القتالية للجماعة، لأنهم كانوا لا يريدون لنا دورا سياسيا.
* أنت ترى أن الجماعة ربحت، والقيادة التاريخية رأت أنها خسرت بالعنف والعنف المضاد، ومن ثم أطلقت المبادرة؟
- الإخوة سامحهم الله فى ما كانوا يقولونه، ومبادرة وقف العنف أطلقها بعض قيادات الجماعة، «ناجح وكرم»، ولم تطلقها الجماعة، وأعتقد أن مرحلة المبادرة كانت تحتاج إلى إدارة أفضل ممن كانوا يديرونها داخل الجماعة، لأنها لم تكن إدارة على المستوى المطلوب، وقد يكون سوء إدارة مرحلة المبادرة قد تسبب فى خلافات داخل التنظيم، فى مرحلة ما بعد الثورة.
* وهل هذا يفسر استقالة بعض قادة «الجماعة الإسلامية» والانشقاقات فيها بعد الثورة؟
- يجب أن يعذر بعضنا بعضاً، وأن نحترم اجتهادات الجميع، من قاموا بالمواجهة المسلحة، واجتهاد من عارض المواجهة، وأى عمل كبير لا بد أن يحدث حوله خلاف، وجماعة بهذا الحجم لا بد أن يحدث بها ما حدث، وأثبتت الجماعة فى النهاية أنها رغم ما تعرضت له من ضغوط، فإنها بفضل الله تعالى خرجت قوية بعد الثورة، وقادرة على الفعل، ولو قورنت بأى جماعة أخرى أو حزب من ناحية ما تعرضت له، وحجم الانشقاقات داخل الجماعة مقارنة بغيرها، فهو محدود، ولا يعد على أصابع اليد الواحدة، على الرغم من الصعوبات.
* يقولون إنك أخرجت الجماعة الإسلامية من المحلية إلى الإقليمية والدولية؟
- ليس بهذا التصور، ولكننا كنا مطاردين، فذهبنا إلى السودان واليمن وباكستان وإيران التى عشت فيها 6 أعوام، ومنا من كان يعمل فى الدعوة أو التجارة، أو يجاهد مثل الأخ عبدالكريم النادى، من أرمنت، الذى طلب أن يجاهد فى البوسنة، أو فى أى مكان، وكان فى إثيوبيا لحظة محاولة اغتيال مبارك، وقبض عليه هو والأخ «صفوت» من سوهاج، وآخر لا أذكر اسمه، وما زالوا مسجونين هناك، دون تضامن من أحد مع قضيتهم، ولو فرض أنهم اشتركوا فى أى عمل كان موجهاً إلى النظام المصرى فى حينه، فإنه لم يكن موجهاً إلى إثيوبيا.
* فهل كنت معهم فى أديس أبابا؟
- كنت أعيش فى السودان هارباً من بطش النظام المصرى، وقد قبض علىّ بمؤامرة سورية أمريكية، على أثر مكالمة تليفونية لى التقطتها أمريكا بالأقمار الصناعية، وأبلغوا المخابرات السورية أننى موجود فى مبنى يسمى «الطيران»، فجاءوا وأخبرونى أن هذه الشقة محظور السكن فيها، وسنضيفك بصفتك سودانيا، وكنت أحمل جوازاً سودانياً، فقلت لهم سأذهب إلى فندق، فرفضوا، فذهبت معهم دون مقاومة، وهناك قالوا لى إنك معارض لمبارك، ونحن نحترمك ولكننا سنتركك فى المياه الإقليمية لألبانيا، وعملوا تمثيلية سخيفة بأنه تم اختطافى من السواحل الألبانية، وبقيت 5 سنوات فى مقر المخابرات المصرية، وكنت أتوقع أن أقتل كما قتل طلعت فؤاد قاسم، ونجانى الله تعالى.
* ولكنك كنت تنسق مع أسامة بن لادن ودخلت فى جبهة محاربة اليهود والصليبيين، ثم عدت وانسحبت منها؟
- حقيقة هذه الواقعة ما يأتى: إنه فى عام 1998 اتصل بى الأخ أبوحفص المصرى، وكان أحد أعوان بن لادن يرحمه الله، وطلب منى أن أوقع على بيان لنصرة الشعب العراقى ضد أمريكا، وكنا أصدرنا بيانات فى وجوب إيقاف هجمات الأمريكيين، قلت: لا أجد مانعاً، ولكن لا بد أن أرجع للتشاور، فرجعت، ووافقوا أن نوقع مع بن لادن، ولم يتحدث معى أبوحفص عن «الجبهة الإسلامية لقتال اليهود والصليبيين»، ثم فوجئت بالصحف تتناقل أن هناك جبهة إسلامية بقيادة بن لادن ورفاعى والظواهرى، واستفسرت من أبوحفص، فقال: «والله هذا خطأ، فتجاوزوا عنه»، فتشاورنا ولم أشأ لطبيعة العلاقة بيننا وبين بن لادن أن نعلن أننا لسنا أعضاء فى الجبهة، ولكنه تحتم علينا فيما بعد أن نتحمل وجودنا فى جبهة لسنا أعضاء فيها، وحفظا لماء وجه بن لادن و«القاعدة» قررنا أن يكون إظهار الحقيقة فى أخف صورة، فعقد الإخوة لقاء صحفياً معى فى مجلتنا «المرابطون» وسألونى عن الجبهة، فقلت: لم نشترك فى الجبهة، فسألونى: ماذا لو دعيتم للاشتراك؟ فقلت: سنرد الأمر لقيادة الجماعة، وعن مقاومة الأمريكان قلت: نحن معها، فهم أحد الأعداء الرئيسيين للحركة الإسلامية.
* معنى هذا أنه كان هناك انفصال تام بين تنظيم القاعدة بقيادة بن لادن وبين «الجماعة الإسلامية»؟
- كنا نحبه ويحبنا، ولنا علاقات معه كثيرة، ولكننا لم نكن أعضاء معه، وكنا نختلف، لطبيعة عملنا وسياساتنا المختلفة، رغم علاقة الاحترام والحب، فقد كنا نرى أنه رجل مخلص لدينه ووطنه، وكان صالحاً منذ نعومة أظافره، وكان صادق اللهجة وصادق النية، كريماً لأقصى درجة، ترك كل ثروته التى كان يمكن أن يعيش من خلالها ملكاً، وعاش حياة الفقراء، وجاهد فى سبيل الله حسب رؤيته الخاصة، وأحسبه أنه لقى الله شهيداً.
* ألا تتفق معى أن بن لادن قتل يوم ثارت الشعوب العربية، وقُضى على فكرته الجهادية؟
- لا أتفق مع ذلك، لأن بن لادن هو من أشعل الثورة المصرية، وهو السبب الرئيسى لها، وضرب برجى مركز التجارة العالمى فى 11 سبتمبر كان تمهيداً كبيراً ل25 يناير، لأن الولايات المتحدة قبل ضرب البرجين كانت تدعم الأنظمة الديكتاتورية بكل قوة، وتبين لها أن ذلك ولّد لها الانفجار باعتبارها الداعم لهذه الأنظمة، وفطنت أمريكا لوجوب دفع الأنظمة للحريات ودفعها للتغيير، وسارع الرؤساء العرب للإعلان بصفة مستمرة أنهم بصدد التغيير، وكان عبدالله صالح يقول: «نحلق رؤوسنا بأيدينا قبل أن يحلقها لنا غيرنا»، وتنفست الشعوب الحرية، وساعدهم ذلك باندلاع الثورات المباركة، وأعتقد أن مواجهة الحركة الإسلامية لأمريكا هى السبب فى «الربيع العربى»، لقد وُلدت ثورة يناير يوم قتل السادات، ووُلدت يوم واجهت الجماعة النظام السابق فى مساجدها، وانتشرت بدعوتها فى الجامعات وغيرها، وبمظاهراتها التى كانت فى بعض الأحيان تفوق ال50 ألفاً، وكان لا يعرفها أحد، لأنه لم يكن موجوداً معنا «الفيس بوك»، فى حين لم يتصدَّ أحد للنظام السابق كما تصدينا له.
* سمعنا أنك تعد لثورة داخلية وهيكلية جديدة فى الجماعة بعد إخلاء سبيلك؟
- أنا تحت أمر قيادة الجماعة، لو اعتبرونى إضافة خلال الفترة المقبلة، وأعتقد أن الجماعة فى أفضل حالاتها، والقيادة الحالية هى الأفضل، وهى قيادة موفقة جداً وخاضت الانتخابات وحصلت على 15 مقعداً، وأصبح لها وجود سياسى ملموس، رغم أنها خرجت منهكة من السجون.
* فهل أنت راضٍ عن أداء الجمعية العمومية للجماعة الإسلامية بعد الثورة المصرية؟
- أنا راضٍ عن الجمعية العمومية للجماعة، لأن الشيخ عبدالآخر حماد هو من كان يشرف عليها، وفى ظل ظروف صعبة جداً، بعد أكثر من 50 سنة من تأسيسها، وفيها بعض الهنات فلا بأس.
* أنتم مثل باقى التيارات السلفية، كنتم تحرمون العمل الحزبى ثم انقلبتم على أفكاركم؟
- هناك تشويش على فكر الجماعة قبل المواجهات، فنحن لم نكن نحرم العمل الحزبى، وكانت هذه رؤى تعبر عن أصحابها، مثل كتاب «إعلان الحرب على مجلس الشعب»، ورغم أنه رُوّج له على أنه كتاب الجماعة فإن هذا خطأ، ولكن لأغراض سياسية ودعوية، رُئى السكوت عن التصريح بذلك، لأن مبارك لم يكن جاداً فى الديمقراطية، وكان يتاجر بالعمل الحزبى، ولم نكن نريد أن نزين وجهه القبيح، والأحزاب كانت ورقية، وكنا نرى أن العمل الحزبى متى أتيحت أسبابه الحقيقية فلا بأس من المشاركة فيه.
* الجماعة الإسلامية كانت رأس الحربة فى مواجهة التيار العلمانى دون غيرها بعد الثورة.. هل هذه خطة مشتركة بينكم وبين «الإخوان»؟
- لا، ولكن العلمانيين يحاولون أن يطمسوا هوية الشعب المصرى، ويريدون أن يطفئوا نور الله، والشعب المصرى شعب مسلم وستظل هويته مسلمة مهما فعلوا ببعض أكاذيبهم، وأرجو من الشرفاء منهم أن يعيدوا قراءة الإسلام مرة أخرى، ويتحاوروا مع الإسلاميين، ويتعلموا دينهم قبل أن يرفضوه، فإنهم يرفضون هوية دينهم قبل أن يعرفوه، وعليهم أن ينحازوا للمشروع الإسلامى، ويمكن أن نتناقش حول الأمر، ولا يعقل لمسلم منهم ألا يلتزم بشرائع الله عز وجل.
* هناك من يتهمكم بأنكم سرقتم الثورة؟
- أنا أعتقد أنها محاولات من الإعلام لتشويه «الإخوان»، وأن يجعلوا منهم «بعبع» للشعب، فبعد أن كانت الجماعة أيام مبارك محظورة أصبحت مهيمنة، لكل عصر أدواته التى يستخدمها ضد الحركة الإسلامية، كلهم يحارب الفكرة، وبدل «أسلمة» المجتمع المصرى يقولون «أخونة المجتمع»، لأنهم لا يريدون الإسلام.
وأنتهز الفرصة وأقول لشباب الثورة: فارق بين أن تقود الثورة وأن تقود دولة. وأتصور أن من النقاء الثورى، إذا كانوا مخلصين لدينهم ووطنهم، المفترض أن يولوا قيادتها للصادقين، أصحاب التجربة، لأن وجودهم مهم، وقد نقلوا البلد نقلة حقيقية لحال أفضل، لكن القيادة تحتاج تجربة، وهم عليهم حماية الثورة، وليس بالضرورة أن يقود الدولة بعد أن قاد الثورة، وأخشى لو كانوا قادوا الثورة أن يكون مصير مصر كمصيرها ما بعد ثورة يوليو 52، من العودة إلى الديكتاتورية والاستئثار بالسلطة.
* وكيف ترى مستقبل مصر فى ظل حكم «الإخوان»؟
- عندى أمل كبير فى مصر بعد الثورة، ولن تضيع دماء الشهداء، وأناشد مرسى الإفراج عن كل المعتقلين، خاصة ضباط الجيش الذين انحازوا للشعب.
«الإخوان» لم يسرقوا الثورة، هم الذين صنعوا الثورة، ولكن يناورون، والفشل كان أمام أعينهم، ولكننى لا أستطيع أن أجزم بمدى نجاح أى تجربة داخل مصر، وتجربة «الإخوان» شاركوا فيها منذ ساعاتها الأولى، لكن تجربة السودان التى رأيتها بعينى جاءت عقب انقلاب عسكرى.
وأيام الصادق المهدى كنت أحتاج إلى واسطة كبيرة للحصول على 5 أرغفة من الخبز يوميا، ونجح البشير بعدها اقتصادياً، وفارق بين أن ينجح النظام وأن يحارب الفساد وأن يرتفع باقتصاد الشعب، وأنا أتوقع نجاح «الإخوان» نجاحاً عظيما فى مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.