مرتديًا بدلة سوداء ورابطة عنق من نفس اللون، جالسًا على كرسي متحرك، يترقب انتهاء الجلسة، ويقف بجانبه نجلاه علاء وجمال مبارك داخل القفص الزجاجي، محمد حسني مبارك، الذي حكم مصر على مدار ثلاثة عقود متتالية، ظل دائمًا ينكر جميع الاتهامات الموجهة له بالقول: "كل ما ذكرته النيابة العامة لا أوافق عليه على الإطلاق لأنه لم يحدث أبدًا"، فكان ذلك رده أيضًا على قضية اتهامه بالاستيلاء على 125 مليونًا و779 ألف جنيه من المخصصات المالية للقصور الرئاسية. واليوم.. عاقبت محكمة جنايات القاهرة والمنعقدة بأكاديمية الشرطة، الرئيس الأسبق مبارك بالسجن 3 سنوات مشددة، ونجليه جمال وعلاء بالسجن المشدد 4 سنوات، وإلزامهم برد مبلغ 21 مليونًا و197 ألف جنيه، وتغريمهم متضامنين 125 مليون جنيه، وذلك في القضية المعروفة إعلاميًا ب"قصور الرئاسة" والمتهمين فيها بتسهيل الاستيلاء على مبلغ 125 مليون جنيه من ميزانية رئاسة الجمهورية والمخصصة للقصور الرئاسية، والتزوير فى محررات رسمية، والإضرار العمدي بالمال العام. أكثر من 125 مليون جنيه تم الاستيلاء عليها بين عاميّ 2003 وتنحي مبارك عن الرئاسة في مطلع 2011 لإنفاقها على المملتكات الخاصة لآل مبارك مع تزوير المستندات الرسمية لتصويرها على أنها نفقات صيانة مراكز الاتصالات الرئاسية، وهي ممتلكات مملوكة للدولة مثل قصريّ الاتحادية وعابدين في القاهرة، والمعمورة ورأس التين في الإسكندرية تخضع لسلطة وإشراف وزارة الآثار وليس لرئاسة الجمهورية، أثبت باليقين القاطع أن المصريين أنفقوا دون علمهم ملايين الجنيهات على قصور آل مبارك. ما أخذه مبارك وأولاده بالأمس من جيوب المصريين، يدفعه اليوم من حريته داخل قفص الاتهام، بوسائل مختلفة مارس فيها مبارك وزوجته وأبناؤه التحكم في أموال المصريين للبذخ على حياتهم الخاصة، ما بين "تجهيز ومشتريات وفواتير استهلاك الخدمات في المكتبين الخاصين اللذين استخدمهما علاء وجمال مبارك لإدارة استثماراتهما المربحة في شارع السعادة بروكسي في مصر الجديدة"، و"تحميل الدولة فواتير كل جنيه قامت بإنفاقه هايدي راسخ زوجة علاء على ترميم وتجهيز الفيلا الجديدة التي اشتراها الزوجان في منطقة الجولف الراقية بالقطامية هايتس في القاهرة الجديدة"، و"تصميم وإنشاء جناح جديد منفصل للمولودة فريدة، ابنه جمال مبارك في قصر العروبة بمصر الجديدة، بعدما أنجبها من زوجته خديجة في 2010". يضاف لذلك "مكتب خاص في فندق سيتي ستارز إنتركونتيننتال الجديد، قررت سوزان مبارك يومًا ما أن يكون لها، ودفع المصريون تكلفة ديكوراته وكل قطعة من أثاثه"، واستخدام شركة المقاولين العرب موازنة مراكز الاتصالات الرئاسية في بناء مقبرة جديدة ضخمة لآل مبارك في مدينة نصر، كما تم إنفاق عدد كبير من الفواتير والتي تم صرفها على الفيلات الخمس، التي امتلكها مبارك وولداه في أحد منتجعات شرم الشيخ ضمن أملاكهم الخاصة، وعلى مزرعة تبلغ مساحتها 25 فدانًا يمتكلها جمال وعلاء على طريق القاهرة - الإسماعيلية. "تركيب مصعد داخلي بفيلا علاء وهايدي في القطامية للوصول إلى سطح الفيلا من أجل صيانة أطباق الدِش الموجودة على السطح، وتركيب حمام جاكوزي في مقر الإقامة العام بمصر الجديدة، وتكلفة استئجار خيمة عملاقة وشراء شموع من أجل حفلة بإحدى فيلات شرم الشيخ"، جميعها أعمال غطتها موازنة الدولة للصرف على بذخ "آل مبارك"، في الوقت الذي يموت فيه ملايين المصريين وهم أحياء في انتظار رغيف عيش.