دعم ثورة ليبيا في أوج المذابح التي ارتكبها العقيد الراحل معمر القذافي، وساند الشعب الليبي بصفته مبعوثا خاصا للولايات المتحدة للمعارضة الليبية، وبعد نجاح الثورة، عمل سفيرا للولايات المتحدة في ليبيا، وأعلن مرارا مساندته للشعب الليبي في أكثر مناسبة.. حتى قتله الليبيون، بدعوى الاحتجاج على الإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. هو جون كريستوفر ستيفنز، الذي أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية صباح اليوم، مقتله في ليبيا، في هجوم على مجمع القنصلية الأمريكية بمدينة بنغازي، حيث كان يحضر مع وفد السفارة الأمريكية في طرابلس، حفل إحياء ذكرى أحداث 11 من سبتمبر. قُتل الرجل الذي عبر عن احترامه لكفاح الشعب الليبي من أجل حريته ووحدته، مشبها كفاح ليبيا من أجل الوحدة، بكفاح الولاياتالمتحدة من اجل الاتحاد، بعد الحرب الأهلية الكبرى، وهو ما أظهره "وثائقي قصير" أنتجته وزارة الخارجية الأمريكية يظهر فيه السفير القتيل، يؤكد فيه أن الشعب الأمريكي عانى كثيرا في سبيل الحرية والسلام والازدهار، وهو ما رصده بنفسه في تطلعات الشعب الليبي للحرية. "السلام عليكم.. اسمي كريس ستيفنز، وأنا السفير الأمريكي الجديد في ليبيا، كنت مبعوثا للمعارضة الليبية في فترة الثورة، والآن أنا متحمس للعودة إلى ليبيا لمواصلة العمل العظيم الذي بدأناه، وهو بناء شراكة متينة بين الولاياتالمتحدة وليبيا، لمساعدتكم أنتم أيها الليبيون لتحقيق أهدافكم". هكذا قدم السفير القتيل نفسه، سفره إلى ليبيا لتسلُم مهام عمله الجديد. ورغم قصر مدة بقاء الرجل هناك، إلا أنها فترة قد تعني الكثير بالنسبة للأمريكان أنفسهم، باعتبارها دليل على حب ستيفنز للإسلام والعرب، وتأييده لثوراتهم ضد حكام الأنظمة الديكتاتورية، ورغم ذلك قتل الرجل على يد من ساعدهم لنيل حريتهم بعد سنوات من قمع القذافي وجيشه. ربما كان ما تعرض له ستيفنز أمس، لا يتناسب تماما مع وجهات نظره التي أعلنها سابقا، خصوصا وأن مقتل الرجل الذي روج للصورة الإيجابية عن العرب والإسلام، على يد مسلمين عرب، بمثابة مفارقة درامية قاسية، جاهزة لأن تستغلها المنظمات الدينية المتطرفة بالغرب، لتأكيد ادعاءاتها ضد الإسلام والعرب، فضلا عن أن الرجل قتل في يوم إحياء ذكرى 11 سبتمبر، التى شوهت صورة العرب والمسلمين في أمريكا نفسها، السفير القتيل، الذي أعلن حبه للإسلام وتضامنه مع العرب والشعب الليبي، راح ضحية عمل يناقض توجهاته ووجهات نظره التي أعلنها مرارا، ليصبح الفيديو القصير الذي أنتجته الخارجية الأمريكية، أداة جاهزة لاستغلالها في تشويه صورة العرب والإسلام، فبدلا من الانتقام من صناع الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، كانت مقار السفارات الأمريكية وقنصلياتها ضحية للهجوم من قبل الشباب المتحمس، وكان الضحية هذه المرة، رجل أيد الصورة الإيجابية للإسلام والعرب "بالصوت والصورة". وفي نعيه ل "ستيفنز"، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إن كريس كان "شجاعا، ومثالا للدبلوماسي المحترم بالولاياتالمتحدة". أما وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، فأكدت أنه خاطر بحياته لمد يد المساعدة للشعب الليبي، "لكنه انتهج بعضهم أعمال عنف راح هو نفسه ضحيتها".