شرحت دار الافتاء المصرية للمسلمين، كيفية إحياء ليلة القدر. وقالت الدار، عبر موقعها الرسمي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» ، كما نبه صلى الله عليه وآله وسلم على عظم خسارة من لم يغتنم فضل هذه الليلة، فقال: «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم» . وليلة القدر هي ليلة من ليالي شهر رمضان، تنزل فيها مقادير الخلائق إلى السماء الدنيا، ويستجيب الله فيها الدعاء، وهي الليلة التي نزل فيها القرآن العظيم . وسميت ليلة القدر بذلك، لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: {فيها يفۡرق كل أمۡر حكيم} [الدخان: 4] وقيل: سميت به لعظم قدرها عند الله، وقيل: لضيق الأرض عن الملائكة التي تنزل فيها، وقيل: لأن للطاعات فيها قدرا . ومما جاء في سبب تسمية هذه الليلة ب "ليلة القدر": ما قيل للحسين بن الفضل: أليس قد قدر الله تعالى المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: نعم، قال: فما معنى ليلة القدر؟ قال: "سوق المقادير إلى المواقيت، وتنفيذ القضاء المقدر"، فالله تعالى يظهر الأمور والأحكام، والأرزاق والآجال، وكل ما يقع في تلك السنة لملائكته، ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم في ذلك. وقيل: سميت بذلك، لعظم قدرها وشرفها عند الله، كما يقال: لفلان قدر عند الأمير، أي: منزلة وجاه. وسماها الله تعالى مباركة، فقال تعالى: {إنا أنزلۡنه في ليۡلةٖ مبركةۚ إنا كنا منذرين} [الدخان: 3]. وهي ليلة القدر، بدليل قوله سبحانه: {إنا أنزلۡنه في ليۡلة 0لۡقدۡر} [القدر: 1]. ويستحب طلبها في جميع ليالي رمضان، وفي العشر الأواخر، وفي ليالي الوتر منه، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» . واختلف أهل العلم في أرجى هذه الليالي، فروي أنها ليلة إحدى وعشرين، وروي أيضا أنها ليلة ثلاث وعشرين، وليلة أربع وعشرين ، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين، وآخر ليلة، فقد وردت في كل هذه الليالي روايات، وجمع بعض أهل العلم بين هذه الروايات بأنها تنتقل في ليالي العشر. قال الإمام الشافعي، رضي الله عنه،: "كان هذا عندي-والله أعلم- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يجيب على نحو ما يسأل". فعلى هذا كانت في بعض السنين ليلة إحدى وعشرين، وفي بعضها ليلة ثلاث وعشرين، وفي بعضها ليلة سبع وعشرين، وقد ترى علامتها في غير هذه الليالي. قال بعض أهل العلم: أبهم الله تعالى هذه الليلة على الأمة، ليجتهدوا في طلبها، ويجدوا في العبادة في الشهر كله طمعا في إدراكها، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، ليكثروا من الدعاء في اليوم كله، وأخفى اسمه الأعظم في الأسماء، ورضاه في الطاعات، ليجتهدوا في جمعها، وأخفى الأجل وقيام الساعة، ليجد الناس في العمل، حذرا منهما . وقد ورد في الحديث الشريف أنه من علامات ليلة القدر أن تطلع الشمس لا شعاع لها، فقد ورد عن أبي بن كعب في ذكر علامة ليلة القدر كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه أن أمارتها «أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها» . وفي بعض الأحاديث: «كأنها طست» . وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «هي طلقة بلجة لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمرا يفضح كواكبها لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها» . وقيل: إن المطلع على ليلة القدر يرى كل شيء ساجدا، وقيل: يرى الأنوار ساطعة في كل مكان حتى في المواضع المظلمة.وقيل: يسمع سلاما أو خطابا من الملائكة، وقيل: من علاماتها استجابة دعاء من وفق لها. ولا ينبغي أن يعتقد أن ليلة القدر لا ينالها إلا من رأى الخوارق، بل فضل الله تعالى واسع، ورب قائم تلك الليلة لم يحصل منها إلا على العبادة من غير رؤية خارق، وآخر رأى الخوارق من غير عبادة، والذي حصل على العبادة أفضل، والعبرة إنما هي بالاستقامة، بخلاف الخارقة، فإنها قد تقع كرامة، وقد تقع فتنة . ويستحب أن يجتهد المسلم فيها بالدعاء، ويدعو بما ورد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها قالت: يا رسول الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر بم أدعو؟ قال: «تقولين: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» .