يبدأ المسلمون في بقاع العالم كل عام في العشر الأواخر من رمضان سنة الاعتكاف، وهي سنة عن النبي تهدف إلى الانشغال بالطاعات المحضة، وتجنب ما لا يعني المسلم من أقوال وأفعال، وتجنب الجدال، والتخلي عن الدنيا، والانقطاع عما فيها من أجل العبادة، دون الانشغال بشيء يفوت على المعتكف قصده. وفي ظل وباء كورونا وغلق المساجد، يتساءل كثير من المسلمين عن حكم الاعتكاف، وهل يمكن الاعتكاف في البيوت في ظل تلك الظروف؟ حيث نشرت صوت الأزهر، الناطقة باسم مشيخة الأزهر، تقريرا حول الاعتكاف ونشر عبر البوابة الرسمية للأزهر والصفحة الرسمية لصوت الأزهر. حيث أكد الدكتور عبدالفتاح خضر عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر، أن الاعتكاف سنة عن النبي وقائمة في المساجد لكن في ظل الظروف الحالية ووباء كورونا، واتخاذ إجراءات احترازية فالاعتكاف في البيت اعتكاف لغوي باعتبار أنه لا اعتكاف إلا في المساجد مصداقا لقول الله "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد"، ما يدل على أنه لا اعتكاف في البيوت لكننا يمكن أن نطلق على الوضع الحالي أنه فرصة للخلوة مع الله تعالى فلا اعتكاف إلا في المساجد، ومن ثم فالمعنى في الاصطلاح الفقهي أنه لا يوجد اعتكاف إلا في المسجد لما يترتب عليه من التحرر من البيت والأولاد والزوجة والبعد عن المعتاد من المعيشة. وتابع: "هذا الاعتكاف يقوم فيه المسلم بالخلوة مع الله حيث الذكر، وقراءة القرآن، والتسبيح، والتهليل، وكثرة الصلاة من قيام الليل والتهجد فيما يتعلق بالرجال، أما اعتكاف المرأة في منزلها فهو جائز والأفضل الاعتكاف في مصلاها بالمنزل مثل حجرة بمفردها تعتكف فيها على ذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن، من أجل مزيد من طاعة الله تعالى للجميع والتواصي بالصبر والمرحمة، وباعتبار أنه المتاح هذا العام". وأكد أن من اعتاد الاعتكاف كل عام في المسجد واعتكف هذا العام في بيته فأجره كما هو كل عام في المسجد لا ينقصه شيء مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على مكرمة ثم جاء ما يعطله عنها دون تعمد منه فإنه يأخذ أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"، ما يطمئن المسلمين بأن أجر الاعتكاف هذا العام لا ينقص شيئا عن سابقه الأمر الذي يدفعنا الى اغتنام تلك الفترة في التقرب إلى الله فتلك فرصة ربما لا تعوض. من جانبه قال الدكتور أيمن الحجار أستاذ الحديث المساعد بكلية أصول الدين، إن الاعتكاف الشرعي لا بد فيه من المسجد، ولما كانت الظروف الآن لا تسمح بذلك خوفا على صحة الإنسان من العدوى وهو مقصد شرعي من المقاصد الكلية والضرورية التي جاءت بها الشريعة امتثالا لقوله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، فإن الإنسان يمكن أن يجعل من اعتكافه فى بيته وسيلة تشبه هذا الاعتكاف في الأعمال والقربات بحيث يلزم الطاعات، من ذكر ودعاء، واستغفار مع أسرته ليعلمهم، ويشرح لهم بعض ما تعلّمه من أمور الشرع الحنيف ويستدرك ما فاته من خيرات وقربات في هذا الشهر فليجعل العشر الأواخر فرصة لختم القرآن، والتهجد والإكثار من النوافل، وتحري ليلة القدر حيث قال صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في الوتر من العشر الأواخر"، فلنبدأ في الاجتهاد وتعويض ما فات لأن الوقت يمضي والعمر يجري.