تراقب إسرائيل المشهد السياسى المصرى عن كثب، فى انتظار الرئيس المصرى الجديد، قد لا يهمها كثيراً من يكون الرئيس وماذا سيفعل، قدر اهتمامها بتوجهاته السياسية وموقفه من إسرائيل والاتفاقيات بينها وبين مصر، ومواقفه تجاه الفلسطينيين. رغم أن هناك تلميحات إسرائيلية بميلها تجاه المشير عبدالفتاح السيسى، فإنها لم تفصح عن ذلك صراحة، ربما لأن الأمر شبه محسوم، وأن فرص السيسى الأكبر فى صالح إسرائيل، فوجدت إسرائيل أنه لا داعى للإفصاح عن توجهاتها، طالما أنها الأقرب للحدوث. ولسبب آخر، هو أن إسرائيل عندما تعلن ميلها لمرشح فهذا يجعله فى مأزق مع الشعب المصرى، الذى يرفض كل ما تقبله إسرائيل والعكس صحيح، فالمرشح الأشد عداءً لإسرائيل هو الذى يلقى قبولاً لدى فئات الشعب، وحلل ذلك الكاتب «ماتى زوهار» بأن المرشحين يتاجرون باسم إسرائيل فى المبالغة بإظهار مشاعر العداء تجاهها، لكسب تأييد أكبر فئة من الجمهور المصرى. يقول «زوهار»: لو قورنت حالة إسرائيل الآن بحالتها منذ أكثر من عامين أثناء الانتخابات المصرية الماضية، فإن هناك فرقاً شاسعاً، فبينما كانت إسرائيل منذ أكثر من عامين تعلن عن مخاوفها صراحة من قبل بعض المرشحين، حيث كانت ترى أن محمد مرسى وأحمد شفيق هما الأنسب لإسرائيل، وأبدت مخاوفها علانية من عمرو موسى وحمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح، فإن إسرائيل الآن لم تعلن مخاوفها صراحة من «صباحى»، رغم حالة العداء الشديدة التى تكنها إسرائيل ل«صباحى»، على اعتبار أنه يمثل التيار الناصرى، ولأن مواقف «صباحى» الحادة من إسرائيل التى يعلنها صراحة جعلته فى الخانة السوداء عند الإدارة الإسرائيلية، ف«صباحى» تصريحاته منذ سنوات بخصوص إسرائيل لم تتغير، وكلها تدور فى فلك نصرة أهالى غزة وإلغاء اتفاقيات كامب ديفيد ومنع تصدير الغاز لإسرائيل، وهو ما كان يؤرق إسرائيل كثيراً، حيث وصفته إحدى الجرائد الإسرائيلية بأنه معادٍ للسامية ومن أشد الكارهين لإسرائيل. وأضاف: رغم كل هذا لم تعلن إسرائيل عن مخاوفها من «صباحى» هذه المرة، ربما لأن الأمر قد يكون شبه محسوم لصالح السيسى، وهو ما تجده إسرائيل مطمئناً. ونشرت جريدة «يديعوت أحرونوت» مؤخراً تقريراً مفصلاً حول «السيسى» منذ عزل «مرسى» فى 30 يونيو الماضى، وذكرت بعض مواقفه، مؤكدة أنه يمتلك كاريزما عبدالناصر وذكاء السادات، ولقّبه كاتب المقال روى قيسا ب«المرشح الكاريزماتى»، وأنه ليس فقط عسكرياً جيداً وإنما سياسى جيد أيضاً، وعلق الكاتب على بعض مواقف السيسى التى وصفها بالمتناقضة، فذكر أنه عام 2006 فى مقابلة مع صحيفة «ديلى ستار» صرح السيسى بأن الإخوان المسلمين يعطون سمعة سيئة عن الإسلام. وأكد الكاتب أن السيسى كان يظهر إخوانيته للرئيس مرسى كى يكسب وده. وأضاف أن ظهور السيسى مؤخراً بصحبة زوجته التى ترتدى الحجاب وأن مظهرها بدا محافظاً ومتديناً يؤكد أن السيسى لديه خلفية دينية كما يتردد. وأضاف الكاتب أنه يثق تماماً فى وجود علاقة قوية بين الإخوان والسيسى فى فترة حكم مرسى، ولقّبه بأنه كان رجل المهام الخاصة للإخوان وكانوا يثقون به وكان بالنسبة لهم الرجل الأول فى الجيش حتى ثورة 30 يونيو عندما أطاح السيسى ب«مرسى». وتابع: فى الأشهر الأولى من ولاية مرسى بدا ثمة اتفاق غير مكتوب بينه وبين السيسى، خاصة بعدما نجح فى وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، من خلال عملية «عمود السحاب»، فقط فى ذلك الوقت أصبح واضحاً أن تعيين السيسى وزيراً للدفاع كان سيفاً ذا حدين ل«مرسى»، ففى الوقت الذى كانت فيه أسهم «مرسى» بالنسبة للشعب تتجه لأسفل كانت اتجاهات الشعب نحو «السيسى» فى ارتفاع، حتى انتهى الأمر بخروج ملايين المصريين فى الشارع، وبسبب قراءة السيسى الجيدة للمشهد تربع على قلوب المصريين بعد أيام.