منذ أن تم إنشاء الإذاعة المصرية عام 1934، ونحن لم نسمع سوى بعض المحطات الإذاعية المحدودة، والتي لا نزال نسمع بعضها حتى الآن، وكانت المحطات الغنائية لا تتعدى محطتين فقط، ومنها الموجودة حتى الآن، وهي المحطة التي صممت خصيصًا لكوكب الشرق (أم كلثوم)، وأضيفت إليها منذ فترة إذاعة الأغاني التي تقدم الأغاني القديمة المحببة لدى الكبار. ولكن في الأونة الأخيرة انتشرت المحطات الإذاعية الشبابية من وجهة نظري فظهرت لنا في الأعوام الأخيرة شركة "راديو النيل"، والتي تخصصت في إطلاق بعض المحطات الإذاعية التي تخصصت في الأغاني الحديثة المحببة لدى الأطفال والشباب، والتي بدأت بإذاعة (نجوم إف إم)، وتلاها (ميجا، ونغم إف إم... إلخ). وكانت تلك الإذاعات تقدم الأغاني الشبابية التي يفضلها الأطفال والشباب من هذا الجيل، ولكن بعد وقت قليل من بدء هذه الإذاعات الشبابية، وجدنا تدفق غزير لبعض البرامج المختلفة التي تضم بعض المذيعين الغير معروفين؛ حتى أصبحت تلك الإذاعات لا تقدم سوى البرامج بالرغم من أنها إذاعات غنائية في المقام الأول. والأدهى والأمر -قرائي الأعزاء- أن تلك البرامج هي برامج للرغي فقط، فمنها البرامج التي تعتمد فقط على مقدميها، وبرامج تستضيف بعض الفنانين، ولكن كل البرامج تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن فيما يتحدثوا في هذه البرامج نجدهم يتحدثوا في أي كلام فاضي معقول - مع الاعتذار للبرنامج -. لا أعرف ما هذه البرامج التي تذاع من خلال تلك الإذاعات، وما الداعي لاستبدال الأغاني التي نرفه بها عن أنفسنا، وتسلينا حتى ونحن في العمل، ويحل محلها بعض البرامج الساذجة التي أراها تستخف بعقل المستمع المصري؛ لأنها تناول بعض الموضوعات تافهة، فمثلًا في أحد البرامج التي كنت أسمعها في يوم "شم النسيم" مذيعة من ضمن المذيعات تتحدث عن "الرنجا"، وهي وجبة المصريين المفضلة في مثل هذا اليوم من كل عام، وكانت تتحدث عنها، وكأنها تسخر منها فإذا كانت لا تحبها فهي وشأنها، ولكن ما ذنب المستمعين في ذلك، وغيره الكثير من تلك المواضيع التافهة المستفزة التي تضايق البعض. من الواضح أن هؤلاء المذيعين يغفلون أن هناك منافسة شديدة بين تلك الإذاعات بعضها البعض، فإذا كانت هذه البرامج دون المستوى؛ سيدير المستمع مؤشر الراديو، وتقل نسب الاستماع إليها، وذلك يجعلها تفشل، وهذا يؤدي لنجاح الإذاعة المنافسة لها، ومن هنا نرى أن كل إذاعة تجعل فريق عملها يبذل ما في وسعه من أجل أن تنجح. ولكن للأسف هذه البرامج التي تصدعنا بما تحتويه من مواضيع تافهة وسطحية، ستجعل تلك الإذاعات تفشل فشل ذريع، وربما يتم غلقها، ويضيع عليها كل ما تم إنفاقه لافتتاحها، ومن هنا أناشد المسؤولين عن تلك الإذاعات ورؤساءها أن يعيدوا النظر في هذا الموضوع، ويلحقوا إذاعاتهم قبل أن تضيع.