بجانب شرطى التوحد والعمل الجماهيرى والسياسى المنظم على الأرض ولكى تصبح معارضة ديمقراطية وفعالة للإسلام السياسى الحاكم الآن، تحتاج الأحزاب والتيارات الوطنية الليبرالية واليسارية لتطوير بدائل محددة لمشروع النهضة ولسياسات الرئيس مرسى وطرحها على المواطنات والمواطنين كسبا لثقتهم. بعيدا عن طبيعته الفضفاضة وشعاراته الكثيرة، يحمل مشروع النهضة فى المجال الاقتصادى والاجتماعى انحيازا واضحا للأفكار اليمينية المرتبطة بحرية النشاط الاقتصادى والتجارى والاستثمارى وباقتصاد سوق لا تتدخل به الدولة إلا فى حدود دنيا. وفى مجال الحريات السياسية وحقوق الإنسان، يقر مشروع النهضة بالديمقراطية كصندوق انتخابات نزيه وتداول سلطة وبسيادة القانون وبالحقوق السياسية للمواطن، ويصمت عن مبادئ تكافؤ الفرص واستقلالية الأجهزة العامة التنفيذية والإدارية. وفى مجال الحريات الشخصية وحرية الإبداع والفكر والتعبير عن الرأى والبحث العلمى، لن يجد من يطالع المشروع إلا اللغة الإخوانية التقليدية من قبيل حرية الفرد فى إطار التزام الآداب العامة، وحرية الإبداع والفكر والفن الهادف وغير المتجاوز، وغير هذا من صياغات فضفاضة وخطيرة لما تتضمنه من قيود على الحريات. مسئولية الأحزاب الليبرالية واليسارية هى الاشتباك مع مشروع النهضة وطرح رؤى وسياسات بديلة فى المجال الاقتصادى والاجتماعى، يبرز ملف العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة فى إطار اقتصاد سوق غير متوحش ودور للدولة فى تحقيق الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية للمواطن. فى المجال السياسى، ينبغى التركيز على مكونات الديمقراطية التى تهمل لصالح مكون الإسلام السياسى المفضل وهو صندوق الانتخابات. والمكونات الأخرى هذه هى استقلالية الأجهزة والمؤسسات العامة وتكافؤ الفرص دون تمييز بين المواطنات أو المواطنين والشروط الضامنة لنزاهة صندوق الانتخاب بما تستدعيه من رفض للخلط بين الدين والدولة وبين الدينى والسياسى الحزبى أو السياسى الانتخابى. وفى الحريات الشخصية وحريات الإبداع والفكر والبحث، يصبح الانتصار لحرية غير مقيدة وحماية المبدع والفنان والعالم من التعقب مسئوليتين أساسيتين ينبنى حولهما الكثير من العمل التشريعى والسياسى. بدائل محددة إذن هى التى تحتاجها الأحزاب والتيارات الليبرالية واليسارية لكسب ثقة المواطن وللاشتباك كمعارضة بناءة وحيوية مع مشروع النهضة، مشروع من يحكم الآن. دون هذا، سينصرف عنهم الناس ولن ينصتوا طويلا لنقد للإسلام السياسى لا يحوى بديلا.