المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    "القاهرة الإخبارية": توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي غرب رفح الفلسطينية باتجاه الطريق الساحلي وسط إطلاق نار مكثف    بوساطة عُمانية، إطلاق سراح فرنسي كان معتقلا في إيران    إعلام حوثي: إصابة 5 مدنيين جراء عدوان أمريكي بريطاني يستهدف إذاعة محافظة ريمة    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوجه له رسالة شديدة اللهجة لنتنياهو    حزب الله ينفذ 19 عملية نوعية ضد إسرائيل ومئات الصواريخ تسقط على شمالها    الأهلي: طلبنا السعة الكاملة أمام الزمالك.. ولا نعلم موعد السوبر الإفريقي    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    رد رسمي من الأهلي بشأن تفاصيل عقد مارسيل كولر    مصرع 4 أشخاص وإصابة 2 في حادث سير بالمنيا    المفاجآت في قضية سفاح التجمع تتوالى| ارتكب جرائمه ببث مباشر عبر «الإنترنت المظلم»    رسميًا.. تعرف على مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024 بجميع محافظات الجمهورية (تفاصيل)    كيف رد هشام عاشور على لقب "جوز نيللي كريم" قبل انفصالهما؟    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    بث مباشر افتتاح يورو 2024 بين ألمانيا واسكتلندا    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    مصدر يكشف مفاجأة بعد العثور على جثتي شاب وفتاة بكورنيش المعادي    الحج السياحي 2024.. وزارة السياحة والآثار توجه تحذيرا للشركات    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    إصابة العشرات خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في أرمينيا    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    10 سنوات إنجازات.. 3 مدن جديدة و10 آلاف وحدة سكنية لأهالي قنا    عيد الأضحى 2024.. ما المستحب للمضحي فعله عند التضحية    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    اعتقال شخصين بالسويد بسبب إطلاق نار قرب السفارة الإسرائيلية    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    «الصحفيين» تعلن جوائز دورة هيكل الثانية في «تغطية النزاعات والحروب» (تفاصيل)    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    أستاذ تراث: "العيد فى مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر فى عاداتنا وتقاليدنا"    صور.. دار الكتب تحتفل بمسار العائلة المقدسة    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    هيئة الدواء: توفير جميع الخدمات الدوائية خلال العيد.. وخط ساخن للاستفسارات    احذري تخطي هذه المدة.. أفضل طرق تخزين لحم الأضحية    وكيل صحة سوهاج يعقد اجتماع لمناقشة خطة التأمين الطبي أثناء العيد    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    حكم ذبح الأضحية ليلا في أيام التشريق.. «الإفتاء» توضح    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوطن" تنشر نص كلمة رئيس الجمهورية خلال احتفالية "عيد العمال"
أتطلع لإنشاء المجلس الوطني للحوار الاجتماعي لتعزيز الحوار بين طرفي العملية الإنتاجية
نشر في الوطن يوم 30 - 04 - 2014

يلقي المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية المؤقت، اليوم، كلمة خلال احتفالية "عيد العمال"، يطالب فيها العمال بالإخلاص وإتقان العمل لرفعة وتقدم البلاد، مؤكدًا على سعي الدولة لتوفير الغطاء التأميني لهم، ومراجعة شاملة للتشريعات الحاكمة للعلاقة بين العمال وأصحاب العمل، وإعداد مشروع قانون جديد للعمل، فضلًا عن تطلعه لموافقة المجلس الأعلى للقضاء على إنشاء محكمة عمالية لتسوية النزاعات العمالية وتحقيق العدالة الناجزة.
إلى نص الكلمة:
"أتحدث إليكم اليوم.. في يوم الاحتفال بعيد العمال، يوم تكريم السواعد المنتجة، والعيون اليقظة، والأيدي الخشنة، التي يحبها الله ورسوله (ص)، نحتفل معًا بعمال مصر الذين يمثلون قاعدة الوطن، أساسه لبناء متين، من يساهمون إسهامًا مباشرًا في منح هذا الوطن القدرة على أن يكون قراره مستقلًا، من يشاركون في أن يكون وطنهم قادرًا على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل وعلى التصدير إلى الخارج، من يعملون ليل نهار لرفع شعار (صنع في مصر)".
إنَّ قيمة الإنسان تقدر بقيمة ما يؤديه من خدمة لمجتمعه ووطنه وأمته، والعمال ركيزة أساسية لبناء المجتمع، وإغنائه بعوامل البقاء والاستمرار، وتوفير متطلبات الحياة والعيش الكريم، إنكم عمال مصر، قطاع وطني هام، مكون رئيسي في المجتمع، قوة دافعة لنموه وازدهاره، عملكم شرف، وجهدكم مقدر، وكما أوصت تعاليم ديننا الحنيف، إن العمل عبادة، فأخلصوا وأتقنوا في محراب العمل، واعلموا أن وطنكم الذي ينتظر ثمرة جهودكم، عملا دؤوبًا وإنتاجًا وفيرًا، يحرص على أن تكون حقوقكم دومًا بإذن الله مصانة، فتعمل الدولة لتوفير الغطاء التأميني اللازم لكم، بشقيه الاجتماعي والصحي، وبما يضمن حياة كريمة لكل العمال في هذا القطاع العريض.
الإخوة والأخوات.. شعب مصر العظيم..
إن مصر في أعقاب ثورتين شعبيتين في أمس الحاجة لكل جهد مخلص، لكل حبة عرق، لكل ساعد ينتج ويتقن عمله، فالمرحلة المقبلة هي مرحلة البناء من أجل الوطن، ويلزم أن نشارك فيها جميعًا.
فمنذ حقبة الستينيات، وما شهدته من طفرة صناعية حقيقية، لم تعرف مصر خطة اقتصادية طموح منظمة وقابلة للتنفيذ، تستهدف تغيير وتطوير هيكل الإنتاج في مصر، وتحويل اقتصادنا من اقتصاد ريعي يواجه عواصف الظروف واختلاف المتغيرات، إلى اقتصاد إنتاجي راسخ وقوي قادر على المنافسة، جودةً وسعرًا، إن حقبًا طويلة مضت لم تشهد تدشين قواعد صناعية تتوسع في الصناعات الثقيلة، الحديد والصلب والألومنيوم والسيارات، فضلًا عن العزوف عن اقتحام الصناعات التكنولوجية والالكترونية، التي باتت تمثل سوقًا عالمية ضخمة تحمل في طياتها فرصا لا حدود لها، وذلك على الرغم من وجود نواة صناعية وخبرة مصرية، يمكن استثمارها والبناء عليها.. إن اقتصادنا يحتاج إلى طفرة حقيقية، وتطور قطاع الصناعة المصرية وترتقي به إلى مصاف القطاعات المناظرة.. في الدول التي بدأت نهضتها الصناعية مع مصر، في خمسينيات القرن الماضي، وأضحت الآن في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديًا، بفضل سواعد عمالها والنهوض بقطاعها الصناعي.
أقدر أن المرحلة المقبلة ينبغي لها أن تشهد تقاسمًا للجهد المبذول من أجل رفعة هذا الوطن، على أن تكون المسؤولية الواجبة موزعة على كافة قطاعات المجتمع، وفي القلب منها العمال، ركيزة التقدم لهذا الوطن.. إذ أن الصناعة مثلت وما زالت، نواة التطور الاقتصادي.. ولقد أدركت مصر هذه الحقيقة منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي، فشهدت هذه الحقبة تدشين الصناعات الثقيلة بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي السابق، ولأن الصناعة ستمثل قاعدة البناء الاقتصادي لمصر الجديدة، فإن الدولة تحرص على تنمية وتطوير القلاع الصناعية القديمة، بالتعاون مع الدول الصديقة التي بدأنا معها تدشين هذه القاعدة الصناعية وغيرها، لنُحَصِّلَ ما فاتنا من ركب النمو والتقدم، ولنحقق الرفاهية والرخاء لمجتمعنا، ولقد تجلت أولى خطواتنا نحو اقتحام مجال الصناعات التكنولوجية وعلوم الفضاء، من خلال التعاون العلمي "المصري – الروسي" لتصميم وتصنيع القمر الصناعي المصري الجديد "إيجبت سات 2"، الذي سيُستخدم، ضمن جملة أمور أخرى، في أغراض التنمية والزراعة والتخطيط والرصد المبكر للسيول.
وجنبًا إلى جنب مع المشروعات العملاقة، التي تمثل قاطرة الصناعة، يتعين إيلاء قدرًا أكبر من الاهتمام للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، نظرًا لدورها الحيوي في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن قدرتها على تحقيق تنمية اقتصادية متكاملة، متوازنة ومستدامة، وتوفير فرص العمل والحد من مشكلة البطالة، فمن خلال تكلفة رأسمالية منخفضة نسبيًا، تساهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في زيادة الناتج القومي، بما ينعكس على تحسين ميزان المدفوعات من خلال التأثير الإيجابي على الصادرات، فضلًا عن حدها من الاستيراد لمكونات الإنتاج والمواد الأولية، باعتبار أن جانبًا من إنتاجها يمثل مدخلات للمشروعات الكبرى، إضافة إلى قدرتها على تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة نتيجة لسهولة انتشارها الجغرافي.
الإخوة والأخوات.. عمال وعاملات مصر الأوفياء..
أود أن يكون حديثي معكم اليوم، حديث المكاشفة والمصارحة، فكما تعلمون يمر قطاع الطاقة في مصر، بأزمة لمسنا جميعًا تأثيرها السلبي وتداعياتها على حياة الأسرة المصرية، وعلى قطاع الصناعة بوجه عام، حيث توقفت العديد من المصانع عن العمل، ما أثر سلبًا على مستوى دخول العمال، وانعكس في ارتفاع أسعار السلع التي كانت تنتجها، ولا سيما صناعة الأسمنت، وما يرتبط بها من تداعيات سلبية على قطاع التشييد والبناء، أحد أهم قطاعات الاقتصاد المصري.
إن هذه الأزمة تتطلب تضافرًا لجهودنا جميعا، للبحث عن مصادر بديلة للطاقة، أهمها مصادر الطاقة المتجددة، ولا سيما الطاقة الشمسية، التي حبا الله عز وجل بها بلادنا طوال العام، والتي تتزايد جدواها الاقتصادية وتشهد كلفتها انخفاضًا تدريجيًا، فضلًا عن طاقة الرياح، واستغلال المخلفات المنزلية والزراعية لإنتاج الوقود الحيوي، والتخلص من المشكلات الصحية والبيئية الناجمة عنها، إلا أن هذه الحلول وإن كانت لا غنى عنها، فإنها تتطلب بعض الوقت لتنفيذها، وستعمل الحكومة جاهدة في سبيل تحويل هذه الأفكار والمقترحات إلى واقع ملموس، بما في ذلك تنويع مصادر الطاقة، حيث يتألف مزيج الطاقة في مصر من 91% من البترول والغاز الطبيعي، دون مصادر الطاقة الأخرى، ولقد بدأت إرهاصات تطبيق الحكومة لتلك الأفكار تلوح في الأفق، من خلال التنسيق الجاري بين وزارة الكهرباء والطاقة وبين الهيئة العربية للتصنيع .
الإخوة والأخوات.. عمال مصر وعاملاتها..
إن الدولة تتفهم مطالبكم، وتقدر صبركم لعقود مضت على أوضاع اقتصادية صعبة، وغلاء للأسعار وغياب العدالة في توزيع الدخل، أمور حدت جميعها بكم بعد أن فُتِح باب الحرية، لأن تكون لكم مطالبكم الخاصة التي لا تنكرها عليكم مصر، ولا على أي من أبنائها الأوفياء.. لكم كل الحقوق، طالما أديتم عملكم بإخلاص وتفان كما عهدناكم، إلا أن دقة المرحلة الراهنة، والإرث الثقيل من الأعباء والمشكلات السياسية والاقتصادية، تفرض علينا جميعًا وتتطلب منكم، عمال مصر، إبداء قدر من التفهم.. وطنكم بحاجة إليكم.. إلى دعمكم وعملكم.. إلى إخلاصكم وجهدكم.. وكونوا على ثقة أن الوطن سيقدر جهودكم.. فمصر تقدر كل حبة عرق.. تبذل في سبيل رفعتها وتقدمها.
ينقلني الحديث عن الحقوق والواجبات إلى التفريق بين مفهوم النمو والتنمية، فعلى الرغم من أن الأرقام كانت تشير في أعوام مضت إلى تحقيق الاقتصاد المصري لمعدلات نمو مرتفعة، ناهزت 7 بل و8% سنويًا في بعض الأوقات، إلا أن هذه الزيادة في النمو، لم يواكبها أي تحسن ملحوظ في مستوى معيشة المواطنين، ولا في مستوى الخدمات التي تُقدَم إليهم، سواء في قطاع الصحة أو التعليم، أوغيرهما من القطاعات الحيوية.. إن من حق المواطن المصري أن يحصل على نصيب عادل من الدخل القومي، وخدمات لائقة ومناسبة في مختلف القطاعات، فضلًا عن حقه الأساسي في التنمية البشرية، في النهوض بوعيه ومستوى تعليمه ونضجه، وتدريبه على كافة وسائل التكنولوجيا الحديثة ذات الصلة بمجال عمله وإنتاجه، لتمثل حافزًا له على بذل المزيد من الجهد والعمل والإنتاج، والتعبير عن الإبداع الذي يجب أن يمتد ليشمل كافة مناحي حياتنا، بما فيها الإبداع العلمي والتكنولوجي والصناعي.
الإخوة والأخوات..
عندما نتحدث عن التنمية البشرية، يتعين أن تكون أولى خطواتنا في هذا الصدد على صعيد تطوير التعليم الفني، والاِستعانة بخبرات العديد من الدول التي نجحت في النهوض بهذا القطاع الحيوي، ما كان له أكبر الأثر على جودة إنتاجها وإتقان صناعتها، الأمر الذي يصب بشكل مباشر في مضاعفة قدراتها التنافسية، وتفضيل منتجاتها على غيرها، وذلك بسبب جودتها و دقة صناعتها.. إن تطوير التعليم الفني، يتعين أن يكون جزءًا من منظومة متكاملة، تتضمن إعداد وتأهيل الموارد البشرية اللازمة للتنمية الشاملة.. إن قيمة العمل هي بالأساس قيمة أكد عليها ديننا الحنيف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"، ولكن للأسف، يحرص مجتمعنا أحيانًا على تقليد ثقافة مجتمعات وشعوب هذه الدول، في أمور لا تفيد، أو تتنافى مع منظومتنا القيمية، ويغض الطرف عن اكتساب قيم حب العمل والتفاني في إنجازه.
عمال وعاملات مصر الأوفياء..
إنني أتطلع لإنشاء "المجلس الوطني للحوار الاجتماعي"، الذي يستهدف تعزيز الحوار بين طرفي العملية الإنتاجية، العمال وأصحاب الأعمال، كما سيدعم مشروعات اقتصادية تعمل على توفير فرص العمل المناسبة، وسيرسم السياسات التنفيذية لتنمية الموارد البشرية، واستخدامها الاستخدام الأمثل لإعادة تأهيل ورفع مستوى العامل المصري، والارتقاء بقدرته التنافسية ورفع إنتاجيته، باعتبار ذلك الطريق الحقيقي والضروري، لزيادة أجور العمال والارتقاء بأوضاعهم، فلقد كشفت السنوات الأخيرة عن حاجتنا للمزيد من العمالة الماهرة، لتفي بالاحتياجات الجديدة لسوق العمل داخليًا وخارجيًا.. ونحن ماضون في تعزيز مهاراتكم وقدراتكم الإنتاجية، لنؤهلكم للحصول على فرص عمل أفضل، وأجور ومستوى أفضل من الكسب والعيش الكريم، لضمان الحياة الكريمة لكم ولأسركم.
ويجب أن تستهدف هذه المنظومة الشاملة ربط التعليم بسوق العمل المصرية، فلا يمكن أن يزدهر مستقبل وطننا وكل منهما في جزر منعزلة، فنستمر في تخريج أجيال بأعداد هائلة في تخصصات لا تحتاج إليها سوق العمل، التي تتعطش لتخصصات أخرى، ونحن أحوج ما نكون إليها لإحداث النهضة الصناعية المطلوبة.. وإذا كانت الدولة تقع على عاتقها مسؤولية التنسيق بين مختلف وزاراتها وهيئاتها المعنية لتحقيق ذلك، فإن ساحة المجتمع لا تخلو من مسؤولية هي الأخرى، مسؤولية تغيير الثقافة المجتمعية، التي لا تعطي للحرف والمهن احترامها اللائق.. نعلم جميعًا أن كثيرًا من أنبياء الله عز وجل، أشرف خلقه وأكرم البشر، كانوا يأكلون من عمل أيديهم.. إن مجتمعنا بحاجة ماسة إلى أن يعي أنه لا تعارض على الإطلاق، بين التحضر والثقافة، وبين أن يمتهن الانسان حرفة تدر عليه رزقًا من حلال، وتقيه وأهله مذلة السؤال وعوز الفقر والحاجة.
الإخوة والأخوات.. شعب مصر العظيم..
وفي خضم ما يكتنف المرحلة الانتقالية، مرحلة العبور نحو المستقبل، من مصاعب وتحديات، يطل علينا إرهاب بغيض يحصد الأنفس ويكدر أمن وطننا الحبيب، يرغب في أن يحيل أمل الناس يأسًا، وفرحتها بالمستقبل حزنًا.. فيلقي بظلاله السوداء على قطاع حيوي، وركيزة أساسية من ركائز اقتصادنا الوطني، وهو قطاع السياحة، الذي يرتبط به العديد من قطاعات الصناعة المصرية.. إن مصر في هذه المرحلة الدقيقة تحتاج إلى تكاتف أبنائها الشرفاء كافة، لدحض هذا الخطر الداهم واجتثاثه من جذوره، لنستعيد أمن وطننا، ولتواصل السياحة المصرية دورها المعهود، ليس فقط كمصدر أساسي من مصادر الدخل القومي، ولكن أيضًا كنافذة للعالم على مصر، ليروا وجهها الحقيقي.. خلود حضارتها، وعظمة تاريخها، وروعة عمارتها، وبهاء فنونها.. إننا لا نريد لوطننا أن تكون مكانته بين الأمم مستمدة فقط من ماضيه الخالد، ولكن نود أن يكون لحاضره المعاصر ومستقبله القادم، إسهامهما في تكوين الصورة الذهنية عن مصر على المستوى الدولي، فإذا كنا نعتز بوقائع تاريخنا، فلا بد أيضًا أن نفخر بما نبنيه لمستقبل هذا الوطن وأبنائه.
الأخوة والأخوات..
إن مصر المستقبل ما بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو المجيدتين، لديها آمال وطموحات وتطلعات كبيرة، وهذا المستقبل يحتاج إلى دور الدولة بكافة مؤسساتها.. دور ستتجنب فيه الدولة أخطاء الماضي، وستعمل دون كلل لوقف أية خسائر قد يتكبدها قطاع الأعمال العام، فلا بيع لأصول هذا القطاع بثمن بخس ودون رؤية واضحة، إنما سيكون هناك عمل دؤوب متواصل وتطوير هيكلي وإداري مستمر.. إلى أن يتحول هذا القطاع، بدعم الدولة وعزيمة وإنتاج أبنائه، إلى مساهم جوهري في إثراء الدخل القومي المصري، جنبًا إلى جنب مع كونه مساهمًا في تحقيق العديد من أهداف الدولة، التي تخدم أمنها القومي، وإلى أرباب الأعمال والمستثمرين أقول، إن الدولة وعلى التوازي مع اعترافها بدور المؤسسات والقلاع الصناعية والاقتصادية المصرية؛ تدرك أهمية مواكبة روح العصر والتطور، والاعتراف بدور ومكانة القطاع الخاص.
إن متغيرات العصر وتطور الأنظمة السياسية والاقتصادية، أفردت للقطاع الخاص في كل دولة مساحة لكي ينمو ويزدهر، ويساهم إسهامًا فاعلًا في تطورِها الحضاري وتقدمِها الاقتصادي.. ومن موقعي هذا، أوجه الدعوةَ لرجال أعمال مصر ومستثمريها، ساهِموا بفاعلية في بناء مستقبل وطنكم، صونوا حقوق عمال مصانعكم ومؤسساتكم، كونوا على ثقة في أن حصولهم على حقوقهم كاملة، سيُترجم عمليًا لصالح إنتاج مصانعكم وشركاتكم، جهدًا مخلصًا، وعملًا دؤوبًا، وثمارًا مرجوة.. استشعروا مع الدولة المسؤولية الوطنية الواجبة، واستعيدوا تاريخًا مجيدًا لرجال شرفاء، واذكروا دومًا أن اقتصاد مصر الحديث قام على أكتاف الاقتصادي المصري، طلعت حرب، الذي عمل على توطين الاقتصاد وإثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي، فضلًا عن دوره الحيوي في القطاع المصرفي ومجال التأمينات.. استمروا في عطائكم من أجل الوطن الذي سيذكر لكم دومًا مواقفكم المشرفة.
ولعمال مصر الأوفياء أقول، إن المرحلة المقبلة ستشهد مراجعة شاملة للتشريعات الحاكمة للعلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال، ولقد بدأت الحكومة في اتخاذ أولى خطواتها في هذا الصدد، من إعداد مشروع قانون جديد للعمل، يحافظ على حقوق الطرفين، ويحدد واجبات والتزامات كل منهما بوضوح، ويعتمد الحوار والتشاور منهجًا لتسوية المشكلات.
وإدراكًا من الدولة للمطالب المشروعة للعمال، وما يعانون من مشكلات تتعين تسويتها دفعًا لعجلة الإنتاج، فإنني أتطلع إلى موافقة المجلس الأعلى للقضاء على إنشاء محكمة عمالية تهتم بتسوية النزاعات العمالية، وتحقق العدالة الناجزة.
إن الدولة المصرية تدرك تمامًا، احتياجات المواطن المصري، وغلاء الأسعار ووطوابير الخبز، وهموم الأسرة المصرية واحتياجات فقراء هذا الوطن ومحدودي الدخل.. ولذا فقد وجهتُ الحكومة لاتخاذ عدة قرارات تستهدف صالح المواطن المصري البسيط، والعمل بكافة السبل وبشكل عاجل، من أجل أن يصل الدعم إلى مستحقيه في السلع الأساسية، بأساليب متطورة تتيح للأسرة المصرية اختيار السلع المدعومة، وفقًا لاحتياجاتها وتحمي دخل الأسرة المصرية من تقلبات الأسعار، إضافة إلى قرار مساندة المصانع المتعثرة من خلال القطاع المصرفي، واستمرار تمويل عجز الأجور في شركات قطاع الغزل والنسيج، مع العمل على تطوير وإعادة هيكلة القطاع ككل.
إنني أثق في وعي الشعب المصري، الذي يدرك أن زيادة الدخول تتحقق بالعمل والعرق والكد والكفاح، وليس بشعارات تعود بنا إلى الماضي، أو محاولات للتحريض والإثارة.. تستخف بمقدرات وطننا وشعبنا وتتاجر بمعاناة الناس، وتعجز عن طرح الخيارات والبدائل والحلول.. إنه العمل يا عمال مصر، فكلما عملتم زاد الإنتاج، وزادت قدرة الدولة على الوفاء بحقوقكم لديها، وما يمكن أن تقدمه لكم من دخل كريم ورعاية صحية واجتماعية مناسبة، وبيئة عمل مستقرة وآمنة.
تحية للعمال في يوم عيدهم.. تحية للكادحين من أجل حياة كريمة في كل عمل شريف.. تحية لكل مستثمر يفتح بابًا للرزق ويتيح فرصة للعمل.. تحية لكل من يسهم بإنتاج متميز.. ويدعم اقتصادنا الوطني .. وتحية لكل من يطرح رأيًا أو فكرة أو مقترحًا نافعًا.. لكل من يبعث الأمل والتفاؤل في قلوب المصريين.. ولكل من يدفع خطاهم إلى الأمام على الطريق.
حفظ الله مصر بلدًا عزيزًا آمنًا.. وسدد برعايته خطى شعبها.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.