يتطلع المصريون إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة حتى يحسموا أمرهم ويختاروا رئيسهم المقبل، ليبدأوا معه رحلة الإنتاج والعمل لتحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية، فى مجتمع آمن مستقر، بعد أن يتم القضاء على جماعة الإرهاب ويأمن الوطن جرائمهم. واليوم أتوجه بالخطاب إلى المواطن الذى طالبته مع أغلبية المصريين بأن يترشح فى الانتخابات الرئاسية التزاماً بوعده «ألا يدير ظهره للوطن» واستكمالاً للمسيرة التى بدأها مع الشعب وساعده فى التخلص من حكم إخوان الإرهاب وعام المعزول الذى كان «عاماً من الإخفاق والفشل والتآمر ضد مصالح الوطن العليا». خطابى اليوم موجه إلى السيد عبدالفتاح السيسى الذى أرجو مع غالبية المصريين أن يصل إلى منصب الرئيس بأصوات الجماهير المصرية وأقدم له مشروعاً قومياُ توفرت على إعداده نخبة من علماء وخبراء هيئة التخطيط العمرانى بوزارة الإسكان ومجموعة من الخبراء المتعاونين مع الهيئة، مع مشاركة كاملة من كافة الوزارات ذات العلاقة، كان نتيجة جهدهم جميعاً إنتاج «المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية»، وكان المايسترو فى إنجاز تلك الملحمة الوطنية الدكتور محمد فتحى البرادعى وزير الإسكان والتعمير فى حكومة الدكتور عصام شرف، حيث وافق مجلس الوزراء على المخطط فى صورته المبدئية بتاريخ 9/6/2011. وقد اشتمل المخطط على رصد ووصف الحيز المعمور الحالى وتحليل الخصوصية المصرية، وأوضح نظام الإدارة الحالية للتنمية، وحدد الطريق إلى المستقبل.ثم حدد المخطط الرؤى التنموية وأهداف التنمية، وبيّن فى تفصيل كبير كيف يمكن تحقيق الهدف الذى اشتمل على التنمية الاقتصادية، التنمية البشرية، المقوّمات الأساسية للتنمية، التنمية المكانية والأقاليم التخطيطية، واقترح نظاماً بديلاً لإدارة التنمية يقوم على اللامركزية. ومن سوء الطالع، لم يلتفت المسئولون إلى ذلك الجهد الكبير حتى الآن، وكان الأمل أن تلتفت حكومة المهندس إبراهيم محلب إلى تنفيذه، خاصة مع إسناد وزارة الإسكان والتعمير إلى د. مصطفى مدبولى، الذى كان رئيساً للهيئة العامة للتخطيط العمرانى وقت إعداد ذلك المخطط! وقد رأيت أن أثير اهتمام رئيس الجمهورية «المحتمل» بذلك المشروع، لعله يتبناه ليكون أساساً لبرنامجه الرئاسى، حيث وردت ملامح منه فى التصريحات التى أدلى بها السيد عمرو موسى عن برنامج السيسى من دون أن يشير صراحة إلى مصدر تلك الملامح. إن مشروع المخطط القومى الاستراتيجى للتنمية العمرانية يهدف إلى تقسيم مصر إلى 10 أقاليم تنموية تضم 32 محافظة، منها 5 محافظات جديدة بمناطق التنمية ذات الأولوية والاهتمام بتنمية المناطق الحدودية الشرقية والغربية والجنوبية، والعمل على استيعاب الزيادة السكانية المتوقعة خلال 40 عاماً، مع تحقيق التوازن السكانى المتكافئ والمتوازن مع مقومات التنمية على مستوى المحافظات، وقد أولى المخطط اهتماماً رئيسياً بتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت فى توزيع الموارد والثروات بين الأقاليم والحد من الفقر، والعمل على دمج المناطق الفقيرة مع المناطق الغنية بالموارد ومقومات التنمية. ويمثل المشروع امتداداً لجهود التنمية حتى العام 2052، لتتم إضافة حوالى 12 مليون فدان إلى الرقعة المعمورة من مصر، لتصبح 11% من المساحة الكلية بدلاً 5.7%. وكذلك يرمى المشروع إلى توفير 29 مليون فرصة عمل جديدة، يبلغ إجمالى الاستثمارات المطلوبة لتوفيرها 3 تريليونات جنيه، كما يهدف المشروع إلى الاعتماد على موارد غير تقليدية، بالاتجاه إلى استثمار الطاقة الشمسية وتحلية مياه البحر، والتوسع فى الخدمات اللوجستية كأنشطة اقتصادية جديدة، ويعمل على تعظيم أنشطة السياحة والزراعة والصناعة، باعتبار تلك الأنشطة هى ركائز النهضة «الحقيقية» لمصر المستقبل. وقد شمل المشروع عدداً من البرامج التنموية العاجلة ليتم تنفيذها خلال 5 سنوات، منها تنفيذ المرحلة الأولى لتطوير محور قناة السويس كمركز لوجيستى عالمى، والسعى لتحقيق نتائج تطبيقية للبحث العلمى فى مجالات الطاقة الشمسية وتحلية المياه، والانتهاء من كافة المناطق العشوائية غير الآمنة، وزيادة حصة مصر من مياه النيل إلى 62 مليار م3 عن طريق المشروعات المشتركة مع دول حوض النيل. ويحقق المشروع العدالة بتطوير الريف المصرى وتوفير خدمة الصرف الصحى لكافة القرى المصرية فى غضون 15 عاماً، وإنشاء 1264 منطقة صناعات زراعية وحرفية بكافة الوحدات المحلية القروية خلال 7 سنوات، وتطوير شبكات الطرق المحلية التى تربط بين قرى الوحدات المحلية والمراكز فى 5 سنوات. إن هذا المخطط للتنمية العمرانية يحقق نقلة من «دورة حضارية قامت فى مصر أساساً على نشاط معيشى واحد وهو الزراعة الموسمية فى وادٍ شريطى ضيق تحفه الصحراوات من الجانبين، إلى دورة حضارية جديدة تقوم على أسس مختلفة عن الحضارة الأولى، منها التعدد والتنوع فى الأنشطة الحياتية واستخدام تقنيات علمية متقدمة فى الإنتاج والخدمات مع الانفتاح المعرفى على العالم على أوسع مدى، سوف يتولد عنها بالضرورة قيم وأعراف جديدة أكثر اتساقاً مع ضرورات زمانها ومكانها، وسوف يمتد التغير فى أنماط الحياة إلى نظام إدارة المجتمع، إذ إنه سوف يتحول من النظام المركزى الحالى الذى تهيمن فيه الحكومة المركزية هيمنة شبه مطلقة على الأقاليم والمحليات إلى نظام معاصر يتسم باللامركزية وبالمشاركة الشعبية الحقيقية». وإلى الأسبوع المقبل حيث نعرض لمشروع آخر لم يقدر له أن يرى النور وهو «الإطار الاستراتيجى لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية حتى عام 2022» الذى قادت فريق العمل فى إعداده وزيرة التخطيط والتعاون الدولى السابقة السيدة فايزة أبوالنجا، وكان الهدف منه مضاعفة الدخل فى نهاية فترة العشر سنوات. حمى الله مصر وبارك فى عطاء أبنائها المخلصين!