مصطلح الأخونة الذى ابتكره العبدلله منذ شهرين تقريباً ليس مصطلحا أمنيا كما يردد بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، فهو يعبر عن حالة غسيل وإحلال. وهو أمر بارز وواضح بالأرقام وبالأسماء. بمعنى أن الكلام بشأنه ليس كلاماً مرسلاً، فأنت تتحدث عن مناصب ومواقع قيادية وأسماء محددة ليست فى خيالك، بل هى تنتمى بالعضوية لهذا الفصيل أو غيره. والأخونة هنا لا تعنى باحتكار أعضاء الجماعة للمناصب، بل احتكار كل من هو منتم للجماعة فكراً واشتياقاً، ومن تسعى الجماعة لرد الجميل له حتى لو كان من خارجها. كل هذه الأمور تتم بشكل تدريجى حتى لا تثير تخوف القوى والتيارات السياسية المنافسة للتيار الدينى، التى أصبحت بدورها متكلسة وعاجزة عن فعل شىء، فى إطار الرغبة وحب الظهور والزعامة والتنافس البينى. التدرج أو الأخونة خطوة خطوة هى الأسلوب الذى يمكن ملاحظته فى تشكيل مجلس الوزراء منذ شهر تقريباً، ثم تعيين نحو 25 من مستشارى الرئيس ومساعديه، والآن فى حركة المحافظين وتشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة ورؤساء تحرير الصحف القومية ورؤساء مجالس إداراتها. كل ما سبق يتم ونحن على أعتاب وضع دستور جديد من جمعية تأسيسية الفصيل الإسلامى صاحب الأغلبية العددية فيها، وكل ذلك يتم قبل أشهر قليلة من انتخابات البرلمان وكذلك انتخابات المجالس الشعبية المحلية. خذ على سبيل المثال مجلس الوزراء الذى يحتل فيه التيار الإسلامى نحو 8 مقاعد فى تحالف واضح مع فلول النظام السابق. خذ كذلك حركة المحافظين العشرة المشتملة على 4 شخصيات إخوانية وشخصية خامسة مقربة من الإخوان فى محافظة العاصمة. خذ كذلك وضع شخصيات سلفية فى مجلس حقوق الإنسان تكره أصلا أن تسمع هذه الكلمة، فما بالك بأداء هؤلاء فى المستقبل، واستبعاد بعض أعمدة المنظمات الحقوقية والنشطاء السياسيين فى مصر أمثال حافظ أبوسعدة وناصر أمين وجورج إسحاق. وضم قطبيين من أعضاء الجماعة كمحمود غزلان للمجلس وهو أمر مستغرب بسبب ثلة المناصب التى تغدق عليه من كل حدب وصوب فهو عضو تأسيسية الدستور ومكتب إرشاد الجماعة والمتحدث الرسمى باسم الجماعة. بالانتقال إلى المجلس الأعلى للصحافة، نجد استبعادا لشيوخ المهنة لصالح شخصيات غير متخصصة أمثال نادر بكار الشاب السلفى الذى هاله إقحامه فى مجال غير متخصص فيه، فآثر السلامة واعتذر بشكل حظى بإعجاب الكثير من المهتمين والمعنيين. خلاصة القول إن ما يجمع كل ما سبق هو الميل للجمع بين المناصب والمجاملات وعدم التخصص واستبعاد الطرف المدنى والتدرج فى الأخونة أو على الأقل أسلمة هياكل الدولة ومفاصلها. قد يقول قائل باللغة العامية «خليهم يشيلوا الشيلة» بمعنى لنجعلهم يتحملون المسئولية وحدهم حتى لا ينحوا باللائمة بعد فوات الأوان على الأطراف الأخرى. لكن هذا القول مردود عليه أيضاً بأننا لا يمكن أن نعيد الأمر إلى نصابه مرة أخرى لو استمرت حركة الأخونة بهذا المعدل.. وعلى الله قصد السبيل.