باتخاذه قرارا لا سابق له ينص على تعيين ولي العهد المقبل، يسعى الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى تأمين خلافته، في ظل توتر إقليمي، دون مشاكل في السعودية الدولة الأولى المصدرة للنفط في العالم. ووفقا للنظم السارية المفعول لانتقال الخلافة، تنتقل السلطة في المملكة من شقيق إلى آخر مع الأخذ في الاعتبار التراتبية في العمر بين أولاد الملك المؤسس عبد العزيز. وكان الملك يقوم بتعيين ولي للعهد فور تسلمه السلطة. لكن العاهل السعودي (90 عاما) أصدر، أمس، قرارا مفاجئا ينص على تعيين أخيه غير الشقيق الأمير مقرن أصغر أبناء الملك المؤسس الخمسة والثلاثين وليا للعهد مستقبلا. وقال دبلوماسيون إن الأمير مقرن (69 عاما) الذي تولى رئاسة جهاز الاستخبارات بين العامين 2005 و2012 من المقربين جدا من الملك و"محل ثقته". وبغية قطع الطريق أمام أي محاولة لإلغاء أو تغيير القرار في حال وجود خلافات، أكد الملك أنه "لا يجوز تعديله بأي حال من الأحوال أو تبديله بأي صورة كانت ومن أي كائن كان أو تسبيب أو تأويل". وحصل التعيين على موافقة "ثلاثة أرباع أعضاء هيئة البيعة" وعددهم 34 أميرا، بحسب البيان. وتأتي عملية التعيين في ظل أزمات عدة تعصف بالمنطقة فضلا عن أعمال العنف التي تطوق المملكة من العراق شمالا إلى البحرين شرقا واليمن جنوبا. كما أنها تتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إذ بالإمكان اعتبارها رسالة من الملك إلى الأمريكيين. وفي هذا السياق، قالت مصادر دبلوماسية إن أوباما سيبحث مع الملك عبد الله خطوات "ترتيب انتقال سلس للسلطة دون مشاكل في ظل تقدم قادة المملكة في السن وما يعانونه من مشاكل صحية". وأضافت: "الأمريكيين لا يحبذون المفاجآت في أول بلد مصدر ومنتج للنفط في العالم نظرا لانعكاساتها المحتملة على سوق الطاقة والإمدادات النفطية". وتابعت: "قد يفضل الأمريكيون محاورا معينا يتواصلون معه لكنهم يفضلون استقرار المملكة الذي يشكل أولوية بالنسبة لهم". وفي الإطار ذاته، رأت افتتاحية "الشرق الأوسط" المقربة من دوائر الحكم، أن السعودية "تعيش في وسط إقليمي مضطرب وشديد الهياج وهناك دول انهارت أو على وشك الانهيار، من حولها". وأضافت: "لذلك فهي أكثر حساسية وإدراكا لأهمية التعجيل بحسم ملف انتقال الحكم، وعدم ترك هذا الأمر للصدف والمفاجآت". لكن قرار التعيين تحول إلى مادة دسمة للتعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدين ومعترضين على غرار كل المسائل التي تطرح للنقاش في تويتر وغيره. فرأى البعض في تعيين الأمير مقرن خطوة استباقية لقطع الطريق أمام غيره من الأمراء في حين كتب آخرون أن الأمر مجرد مناورة لكي يتم تعيين وزير الحرس الوطني نجل الملك الأمير متعب نائبا ثانيا لرئيس الوزراء. ويمهد قرار الملك تعيين أخيه غير الشقيق وليا مقبلا للعهد الطريق أمامه لكي يتبوأ سدة العرش. وقد أكد الأمر الملكي تعيين الأمير مقرن "وليا لولي العهد" مع الاحتفاظ بمنصبه نائبا ثانيا لرئيس الوزراء. كما نص على أن يكون الأمير مقرن "وليا للعهد في حال خلو منصب ولي العهد أو منصبي الملك وولي العهد" فتتم حينها "مبايعته ملكا". وكانت مصادر سعودية مطلعة أكدت أن الملك طلب من هيئة البيعة الموافقة على تعيين الأمير مقرن وليا للعهد بعد تولي الأمير سلمان العرش على أن يحل الأمير متعب مكان الأمير مقرن نائبا ثانيا لرئيس الوزراء.