فى الظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة، الذى يمتد لآلاف الأفدنة فى وادى النطرون والنوبارية، تنتشر المئات من شركات الاستثمار الزراعى والمزارع الخاصة، التى تحتاج بشكل يومى لآلاف من عمال اليوميةً. وتشتهر قرى مركزى أبوالمطامير وحوش عيسى بأنها أكثر المناطق توريداً للعمالة اليومية وخاصة الأطفال لأنها الأقرب إلى الظهير الصحراوى بوادى النطرون والنوبارية، حيث تكون تكلفة نقل العمال أرخص وتجميعهم أسهل ونقلهم أسرع من المناطق النائية الأخرى، وبالتالى يصبح مقاول العمالة أكثر ربحاً، حتى إن تسببت هذه التجارة فى إنهاء حياة 17 عاملاً بينهم أطفال فى حادث واحد، كما وقع مؤخراً. فى قرى أبوالمطامير، التى ينتمى إليها ضحايا الحادث الأخير، يقول محسن الشريف، مقاول أنفار من أبوالمطامير، إن أغلب زملائه المقاولين يوردون عمالة إلى مزارع الطريق الصحراوى بالنوبارية ووادى النطرون من أبوالمطامير وحوش عيسى والدلنجات، مضيفاً: «المناطق دى الناس اللى فيها شغلهم كله على الشركات والمزارع اللى فى الصحرا، وعشان مفيش توظيف وحال البلد مايل، الناس بتسترزق من اليومية اللى بتطلعها». ويدافع مراد الشربينى، أحد المقاولين فى حوش عيسى، عن عمالة الأطفال قائلاً: «إحنا فلاحين وعيشتنا بسيطة وأغلب الناس حالتها تعبانة، ومفيش دخل، اللى معاه خمس ست عيال ومريض ومش قادر يشتغل هيوكل عياله إزاى ويعلمهم إزاى؟ يبقى لازم العيل يطلع من صغره شايل المسئولية ويقدر يوفر القرش لأهله». ويوضح حسين كمال النجار، مدير إحدى شركات الاستثمار الزراعى بالنوبارية، أن التعامل المعتاد للمقاول هو التعاقد الشفوى مع المزارع والشركات الزراعية، حيث يتفق المقاول مع الشركة على سعر «الرأس» من العمال، على حسب تصنيفه، الطفل له سعر والبنت لها سعر والرجل له سعر، وتحاسب الشركات المقاول على العامل بسعر يتراوح من 50 إلى 40 جنيهاً، يحصل المقاول على مكسبه من نسبة يستقطعها من أجر العامل، وتصل أجرة العامل فى يده إلى 20 أو 30 جنيهاً، وقد يبخس المقاول العامل حقه، ولا يعطيه سوى جزء ضئيل مقارنة بما يحصل عليه من الشركة، فى الوقت الذى يعامل فيه بعض المقاولين الأطفال ممن لا تتجاوز أعمارهم الثانية عشرة، معاملة «نصف أجر» بحجة أن إنتاجه أقل. الأخبار المتعلقة: رحلة الموت مع «أطفال التراحيل» عمال السخرة ل«الوطن»: «الرزق» مغموس ب«الدم» مدير «العمل الدولية»: عمالة الأطفال «ورقة ضغط» للغرب ضد مصر