كنا قاعدين بنتفرج، أنا وجوزى، على استفتاء «القرم»، وجوزى مبتسم أوى. سألته: إنت مبتسم على إيه؟ رد علىّ: مبتسم على اللى بيتعمل فى أمريكا.. واضح إنها الدولة العظمى فى العالم بالبُق بس، لكن وقت الجد كلامها ولا ليه أى لازمة. فعلاً كلام جوزى صح.. أمريكا الحلم هى أشبه بوهم.. شباب كتير من شبابنا بيحلم إنه يروح أمريكا ويعيش الحلم الأمريكى والديمقراطية الأمريكية، اللى هى بالمناسبة حبر على ورق مش أكتر من كده.. كل فضايح التجسس الأمريكى اللى حصلت فى الشهور اللى فاتت بتقول إن الدولة اللى بتتكلم على الحرية والديمقراطية هى فى الواقع ديكتاتورية لا تحترم الحريات ولا الخصوصية، لا للأفراد ولا للدول، سواء الدول دى كانت حليفة أو عدوة. شبابنا بيحلم بالحق الأمريكى اللى برضو هو بالمناسبة مش أكتر من شوية شعارات وخلاص. وقت الجد أمريكا بتحسب الأمور بمزاجها. الحق ده حسب المزاج عندهم واللى بيتابع المشهد العالمى هيلاقى ده بيطّبق حسب المزاج: تقسيم السودان وانفصال الجنوب عن الشمال حق أصيل تدعمه السياسة الأمريكية، لكن تيجى بقى تقول إن من حق إقليم «القرم» إنه ينفصل عن أوكرانيا وينضم لروسيا بعد استفتاء شعبى.. لا وألف لا.. ده مش حق، ده عدوان روسى. حضرتك تقول: إن من حق الشعب المصرى إنه يخلع الرئيس الإخوانى القاتل الجاسوس، ترد عليك خالتى أمريكا وتقول لك: إنت هتهرج؟ ده انقلاب عسكرى وانقلاب على الشرعية. «أقعد أنا أنزل المظاهرات من يوم 27 يونيو لحد 3 يوليو علشان أمريكا هانم فى الآخر تحسب مجهودى ده انقلاب عسكرى».. لكن حضرتك مظاهرات كييف وخلع الرئيس الأوكرانى المنتخب واستخدام عناصر مدربة لقتل المتظاهرين والاعتداء على أجهزة الدولة اسمها حرية الشعوب.. لا يا راجل؟! طب بلاش نقارن ما بين اللى حصل فى مصر واللى حصل فى أوكرانيا.. تعالوا نقارن بين اللى حصل فى مصر فى 2011 واللى حصل فى مصر فى 2013.. عند الناس السوية المفروض إنهم ثورتين على نظامين، لكل منهما أخطاؤه اللى خلت الشعب يشيلهم.. لكن عند طنط أمريكا نظام مبارك شلناه علشان نجيب نظام السمع والطاعة والحليف الإرهابى اللى هيساعد مخططنا الأكبر فى المنطقة.. ازاى بقى المصريين يتجننوا فى دماغهم ويفكروا يشيلوه من غير استئذان؟! نرجع بقى لأوكرانيا.. من الحاجات اللطيفة فى موضوع أوكرانيا إن غالباً الشخص اللى كان شغّال على ملف أوكرانيا فى المخابرات الأمريكية قال لك أنا لسه هألّف حاجة مخصوص لأوكرانيا، وراح واخد الملف المصرى لثورة 25 يناير 2011 وقال نعيد تنفيذه فى أوكرانيا.. نفس الأحداث بالميللى: اقتحام المبانى والمنشآت الأمنية، قتل المتظاهرين العزل برصاص القناصة، أعمال سلب ونهب.. ودى مشكلة الإدارة الأمريكية حتى مع عملائها فى مصر، تحس كده إنها بتسترخص مش بتصرف على تدريبهم وتأهليهم علشان يبقوا عملاء محترمين، والنتيجة إنهم بيقعوا بسرعة وبسهولة.. نفس الموضوع فى أوكرانيا، حمّلت سيناريو فشل فى مصر ومتوقعة إنه هينجح فى أوكرانيا، والنتيجة إنه فشل تانى وانفجر فى وش الأمريكان بانفصال «القرم». روسيا خلّت أمريكا شكلها بااااايخ.. طلّعتها «بُق» على الفاضى.. الحقيقة إن دى مش أول مرة روسيا تعمل كده.. عملت ده فى سوريا ومصر.. وواضح إن ده هيبقى النظام الفترة الجاية.. أمريكا دولة عظمى بالبُق وروسيا دولة عظمى بالفعل. الحقيقة أن أمريكا، نتيجة سياستها الخارجية اللى بتتلون بمزاجها، ما قدرتش ترهب الدول التانية.. لا خالص، أى دولة محترمة بقت عارفة كويس جداً إن أمريكا دى «بتخاف ما تختشيش» وماشية بمبدأ «خدوهم بالصوت». وبوتين أكتر حد عارف ده.. فى سوريا قالوا نتدخل عسكريا، قال لهم اجروا العبوا بعيد.. فى مصر قالوا انقلاب عسكرى، قال لهم ثورة شعبية.. فى أوكرانيا قالوا ثورة، قال لهم انقلاب على الشرعية.. قال هاخد القرم، قالوا له هنفرض عليك عقوبات، قال لهم أنا أخدت القرم خلاص وأعلى ما فى خيلكم اركبوه. أمريكا وحلفاؤها فى أوروبا ولا يعرفوا يعملوا حاجة لروسيا، وأى عقوبات أوروبا هتعملها، روسيا هتقفل محبس الغاز بتاع أوروبا كلها.. أمريكا هتحط عقوبات على روسيا، روسيا هتمسك ورقة إيران. روسيا أثبتت اللى دايماً بنقوله: اللى عايز يعمل حاجة ما بيتكلمش كتير.. اللى بيتكلم كتير ده ما تاخدش منه غير كلام وبس. أتمنى إن شبابنا يفهم إن الحلم الأمريكى ده وهم كبير مش أكتر.. أمريكا لا دولة عظمى ولا حاجة.. أمريكا دولة عظمى فى السينما الأمريكية، لكن على أرض الواقع دولة بتلت وتعجن.. بتتكلم كتير وخلاص.