سادت حالة من الحزن والترقب بين أهالى 3 قرى تابعة لمركز إطسا بمحافظة الفيوم، بعد أنباء وردت من منطقة «الأحواش» بالهضبة الشرقية بمنطقة صلاح الدين فى طرابلس الليبية، تفيد باختفاء ما يزيد على 40 شخصاً من أبنائهم وأقاربهم العاملين هناك صباح أمس الأول الجمعة. أبناء القرى الثلاث ذهبوا إلى ليبيا بحثاً عن الرزق ولقمة العيش التى لم يجدوها فى الفيوم، وكل منهم يحمل فى قلبه العديد من الأمنيات التى سافر وتغرب من أجل تحقيقها. السيدات جلسن على «مصاطب» أمام المنازل فى قرية «قلهانة» التى تقع فى منتصف طريق «الفيوم - قلمشاة» بمركز إطسا يبكين غياب أبنائهن ولا يعرفن هوية من ألقى القبض عليهم وهم فى سكنهم بليبيا، ويتساءلن: هل الخاطفون من الشرطة أم مجموعات مسلحة تريد فدية، أم هناك خلفية سياسية لخطف أبنائهم؟ سيدة فى الأربعين من عمرها، جلست والدموع تنهمر من عينيها أمام منزلها بقرية «قلهانة»، وتردد عبارات من بينها: «يا ترى يا اولادى انتو عايشين ولا ميتين؟». وقالت السيدة، والدة الشابين أحمد عبدالعليم محمود، 22 عاماً، وشقيقه «تامر»، 18 عاماً، اللذين اختفيا مع آخرين: «ولدىّ كانا يعملان باليومية فى الفلاحة والمعمار بالقرية قبل سفرهما إلى ليبيا، حيث غادر «تامر» فى البداية خلال شهر رمضان الماضى إلى هناك، ثم لحق به شقيقه «أحمد» عقب العيد مباشرة، بحثاً عن لقمة العيش التى لم يجدوها فى مصر». وواصلت حديثها قائلة: «أحمد ابنى خاطب، وعندما ضاق به الحال فى مصر سافر إلى ليبيا بعد الحصول على فيزا للعمل مع كثير من المصريين، ليوفر لنفسه بعض الأموال التى تعينه على الحياة ويساعدنا فى مصاريف المنزل وتجهيز عش الزوجية الذى يحلم به، أما شقيقه فهو غير مرتبط، لكنه قرر أن يلحق بشقيقه لمساعدته فى العمل بالمعمار هناك». وحسب روايتها، أكدت والدة الشابين المختفيين أن أسرتهما تلقت صباح أمس الأول اتصالات هاتفية من بعض أصدقاء ابنيها، يخبرونهم أنه فى ساعة متأخرة من مساء الجمعة، هاجم عدد من المسلحين بزى الشرطة الليبية المنزل الذى يقطنون فى الأدوار الثلاثة الأولى منه، وحطموا كل محتوياته، واضطر زملاؤهم فى الطابق الرابع إلى غلق الأنوار حتى لا يصعد هؤلاء الأشخاص إليهم. ناهد ربيع، ربة منزل، جلست تبكى أيضاً على ابنها مصطفى سيد، 22 سنة، الذى كان يقيم فى نفس السكن مع ابنى عمه «أحمد وتامر»، فى نفس المنطقة بليبيا، وتتساءل عن مصير نجلها الذى سافر إلى هناك بحثاً عن لقمة العيش. الأم الحزينة جلست تروى عن ظروفها ونجلها المختفى فى ليبيا، هو الشقيق الأكبر ل4 من أشقائه، وهو العائل لهذه الأسرة بسبب كبر سن والده، وواصلت الأم بكاءها وهى تقول: «ابنه اتولد وما شافوش.. يا ترى انت فين يا مصطفى.. عايش ولا ميت؟!». زوجة «مصطفى» المفقود وضعت، منذ شهر فقط، طفلها الأول ويُدعى «آدم»، دون أن يراه والده، حيث تعيش مع عائلته فى المنزل، وكانت تنتظر عودته من ليبيا، بعد أن يجمع المال لضمان مستقبل هذا الطفل الرضيع، بعد أن ضاقت به الدنيا، ولم يجد طريقاً للرزق فى الفيوم، مثله مثل باقى أهالى القرية الذين يسافرون إلى ليبيا من أجل البحث عن فرصة عمل. ويؤكد فرج عبدالسميع زيدان، صاحب محل بقرية «قلهانة» وهو قريب ال3 المختفين فى ليبيا، نفس الرواية التى روتها والدتا الشباب الثلاثة المختفين، وقال: «نريد أن نعرف لماذا تم خطفهم.. هل من أجل طلب فدية، أم أن هناك خلفية للحدث تعود إلى خلافات سياسية بسبب الأحداث فى مصر وليبيا»؟!. وفى عزبة الخشاب، التى تبعد دقائق قليلة عن قرية «قلهانة»، تجمّع الأهالى وهم فى حالة ترقب لأى نبأ يرد إليهم من أصدقاء ذويهم بليبيا أو من السفارة المصرية بها، ليطمئنوا على ذويهم الذين اختفوا اليوم من منزلهم. رجب عبدالعظيم محمد، عم كل من أحمد سمير عبدالعظيم، 29 سنة، الذى سافر منذ شهرين، ليلحق بشقيقه «هانى» بعد سفره ب4 أشهر، وقريبهم أحمد سيد عبدالعال، 24 سنة، الذى سافر منذ 5 أشهر، قال إن الشباب لا يجدون فرصة عمل فى مصر، فقرروا السفر إلى ليبيا مثلما يفعل باقى الشباب، للعمل فى المعمار، وسكنوا جميعاً فى منزل واحد يتكون من 4 طوابق.