داخل منزل بسيط بمركز أبوكبير بالشرقية، جلست على الأرض «أم عبدالسلام» زوجة محمد عبدالواحد، 53 عاماً، تاجر الدواجن الذى لقى مصرعه على أيدى بلطجية مسلحين اعترضوا طريقه على طريق أبوحماد، وقتلوه لسرقة 20 ألف جنيه، بينما ترنو إلى صورته المعلقة على الحائط، مرددة: «حسبى الله ونعم الوكيل، ربنا قادر يرجعلك حقك، ينتقم من اللى قتلك وحرمنا منك». انخرطت الزوجة فى البكاء وهى تسترجع سيرة زوجها: «كان كل اللى لينا فى الدنيا وسندنا وظهرنا، كان قبل ما يسافر يوزع الفراخ أوصيه يخلى باله من نفسه، وفى آخر مرة زى ما يكون قلبه كان حاسس لما قلت له خلى بالك من نفسك عشان إحنا عاوزينك قالى: ما يمكن أروح ما ارجعش، قلبى انقبض وقلت له انت بتقول كده ليه، حرام عليك، فقالى هو أنا قلت حاجة، الأعمار بيد الله ومحدش عارف عمره هيخلص إمتى، وسابنى ومشى». «كل شوية كنت باطمن عليه لحد ما قالولى إنه انضرب بالنار»، تتابع الزوجة: «وبعدها بكام ساعة عرفت إنه مات، أنا مش عاوزة حاجة غير القصاص، حرام نعيش خايفين والبلطجية بيتحكموا فينا». سمير عبدالواحد، شقيق المجنى عليه، تحدث عن الجريمة بقوله: «إحنا فوجئنا يوم الحادث الساعة السابعة مساء بالسائق اللى كان مع أخويا بيتصل بى ويقولى إلحقنا إحنا على الطريق وانضرب علينا نار، فأسرعت أنا وأحد الجيران إلى مكان الحادث، ولما وصلنا عرفنا أن الإسعاف نقلت أخويا إلى مستشفى أبوحماد المركزى ومنه إلى مستشفى الأحرار، فذهبنا للمستشفى، ووجدتهم فى المستشفى اتحفظوا على جثته فى المشرحة». وتابع: «سألت السائق عما حدث، فأوضح أنهما كانا فى طريق عودتهما للمنزل بأبوكبير عقب انتهاء عملهما بالقاهرة وتوزيع كمية من الدواجن على أصحاب محلات الطيور وتحصيل مبلغ 20 ألف جنيه، وأثناء سيرهما بالسيارة (ربع نقل محملة بأقفاص دواجن فارغة) على طريق قرية العباسة التابعة لمركز أبوحماد وأمام كوبرى الشباب المار أمام القرية، فوجئنا بثلاثة مسلحين ملثمين يستقلون سيارة ملاكى حمراء واعترضوا طريقنا وأجبرونا على النزول من السيارة تحت تهديد السلاح، وذلك بعد أن أطلقوا الأعيرة النارية على إطارات وكاوتش السيارة، وقام أحدهم بالاشتباك معى للاستيلاء على ما بحوزتى من نقود، وتمكنوا من الاستيلاء على مبلغ 150 جنيهاً وتليفون محمول، وأثناء ذلك كان (محمد، المجنى عليه) يحاول الفرار، وهرول مسرعاً إلا أن الاثنين الآخرين تتبعاه وأطلقا عليه الأعيرة النارية، مما أدى إلى إصابته بطلقتين ناريتين بالظهر، فسقط على الأرض، وعقب ذلك قام الجناة بتمزيق ملابسه، وتمكنوا من الاستيلاء على مبلغ 20 ألف جنيه كان بحوزته، لافتاً إلى أنه فى ظل انشغالهم بمحاولة الهروب لم يلتفتوا إلى أن المجنى عليه كان يضع 1200 جنيه فى جيب داخلى بالجلابية التى كان يرتديها». وأضاف السائق أنه عقب ذلك لاذ الجناة بالفرار، وأصيب هو بحالة من البكاء الهستيرى، وأثناء مرور بعض الأهالى مستقلين سياراتهم قاموا بالتوقف والاتصال بالإسعاف التى نقلتهما إلى المستشفى. واستكمل شقيق المجنى عليه حديثه قائلاً: «أخويا كان موظف بالإدارة التعليمية بمركز أبوكبير، وبيشتغل بعد الظهر عند تجار دواجن وبيقوم بالتوزيع مقابل أجر، وكان فاتح محل صغير لبيع الدواجن أسفل منزله، ومن حوالى 4 أشهر فكر فى الاقتراض من أحد البنوك على راتبه مبلغاً يساعده فى توسيع تجارته حتى يستطيع تحمّل نفقات المعيشة الغالية، وقام باقتراض مبلغ 40 ألف جنيه ودفع نصفها مقدماً لشراء سيارة ربع نقل». وتابع: «نجح المشروع فى بدايته وتمكن أخى من سداد أول أقساط البنك، إلى أن وقع الحادث واستولى الجناة على جميع ما يملك (20 ألف جنيه) المبلغ الذى تحصّل عليه من بيع الدواجن بالقاهرة»، قائلاً: ما حدث هو «موت وخراب ديار»، مشيراً إلى أن الإدارة التعليمية التى كان يعمل بها شقيقه رفضت إعطاءه أى مستحقات، سواء «مراسم الدفن، أو مكافأة نهاية الخدمة أو المعاش»، واشترطت سداد قيمة القرض كاملاً ثم صرف مستحقاته، لافتاً إلى أنه شقيق المجنى عليه الوحيد، ولا يملك دفع هذا المبلغ، إضافة إلى أن شقيقه ليس لديه سوى ابن واحد لا حيلة له ولا قوة. وتابع قائلاً: «يرضى مين اللى بيحصل ده بس، ونناشد مين من المسئولين عشان ينظروا بعين الرحمة والرأفة لنجل شقيقى ووالدته اللذين أصبحا بلا عائل، وتتراكم عليهم المديونيات». وطالب بالقصاص لشقيقه، وأن تعمل الجهات الأمنية على سرعة ضبط الجناة وتوفير الأمان للأهالى، قائلاً: إن «الداخلية مشغولة فى الأمن السياسى، وتركت الأمن الجنائى، فأصبحنا غير آمنين على أنفسنا». والتقط السيد عبدالرحيم محمد قراجة، تاجر دواجن، ابن عم المجنى عليه، طرف الحديث، قائلاً: «ذنبه إيه اللى رايح يشوف رزقه يرجع جثة عشان البلطجية واخدين راحتهم فى البلد، طريق أبوحماد عند الكوبرى الشباب، حصلت عليه حوادث سرقة وقتل كتير، فين الحكومة؟ وليه مش بيعملوا كماين على الطريق؟ كل شوية نسمع إن فيه استنفار أمنى بس مش بنشوف استنفار للأمن، ده إحنا بنشوف استنفار للبلطجية، إحنا بقينا خايفين نمشى على الطرق». وتابع: «أنا واحد من الناس مش هاتاجر فى الدواجن تانى عشان مش هينفع أمشى بعربية محملة بأقفاص فراخ ألاقى البلطجية يا إما يسرقوهم وبيتى يتخرب، يا إما يقتلونى وبيتى هيتخرب برضو، فين العدل يا ناس وفين الأمن والأمان؟».