قال وزير خارجية سوريا، وليد المعلم، للكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك، في أول مقابلة له مع صحفي غربي منذ بداية الثورة، "إن الولاياتالمتحدة تعد اللاعب الرئيسي ضد النظام السوري، وبقية الدولة بمثابة أدوات تحركها". وأضاف المعلم، في حديث خاص مع فيسك نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية على موقعها الإلكتروني، اليوم الثلاثاء، "إن واشنطن وراء حالة العنف في سوريا، التي لن تنتهي حتى مع انتهاء المعركة حول مدينة حلب"، مضيفا "إنني أبلغت الأوروبيين: لا أفهم شعاراتكم حيال رفاهية الشعب السوري، بينما تدعمون 17 قرارا ضد رفاهية هذا الشعب. كما أبلغت الأمريكيين: يتعين عليكم أن تستوعبوا جيدا ما فعلتموه في أفغانستان والصومال، كما أنني لا أدرك شعاركم في مكافحة الإرهاب الدولي بينما تدعمون الإرهاب في سوريا". وأشار الكاتب البريطانى إلى الأجواء المحيطة بالمقابلة، حيث ذكر أن المعركة الدائرة في دمشق يمكن سماع دويها داخل مكتب وزير الخارجية وليد المعلم، حيث يهتز المكتب من القذائف ونيران الدبابات في ضواحي العاصمة. وتابع فيسك إن المعلم تحدث باللغة الإنجليزية لكن ببطء شديد، ربما بسبب المعركة الدائرة في الخارج أو بسبب أن هذا اللقاء الأول له مع صحفي غربي منذ اندلاع الثورة السورية العام الماضي. وقال الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك "إن الصراع بين الثوار والقوات الحكومية في دوما وعربين وجوبر والقابون، حيث أسقطت المروحية، أصبح مدويا يمكن مشاهدته من نافذة الوزير السوري"، فسأله فيسك عن شعوره عندما يسمع ذلك، فقال المعلم "قبل أن أكون وزيرا، فإنني مواطن سوري، أشعر بالحزن العميق عندما أرى ما يحدث في سوريا بالمقارنة مع العامين الماضيين. وهناك العديد من السوريين مثلي تماما حريصون على عودة سوريا إلى الأيام الماضية (أي أيام ما قبل الثورة) عندما كنا نفخر بأمن بلادنا". وشكك فيسك في قول المعلم بأن العديد من السوريين يرغبون في عودة سوريا إلى أيام ما قبل الثورة الشعبية، إلا إن المعلم زعم أن 60% من حالة العنف الدائرة في بلاده تأتي من الخارج، من تركيا وقطر والسعودية، فضلا عن الولاياتالمتحدة، التي تمارس نفوذها وسلطتها على الجميع. وأوضح المعلم موقفه بالقول "عندما تذكر الولاياتالمتحدة أنها تزود المعارضة بوسائل اتصالات متطورة، فإن هذا جزء من تحرك عسكري، كما تزود دول الخليج العربي حركات المعارضة". وقال فيسك إنه أخبر المعلم بأنه حضر مأدبة غداء مع أمير قطر خلال العام الماضي، حيث أعرب عن سخطه مما أسماه أكاذيب بشار الأسد، زاعما أن الرئيس السوري تراجع عن اتفاق حول السماح لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالعودة إلى وطنهم. من جانبه قال المعلم "إذا قابلت الأمير نفسه منذ عامين ماضيين، كان سيمتدح الأسد ويصفه بالصديق العزيز. فكانت أسرته تقضي دائما إجازاتها في دمشق، وأحيانا في الدوحة". وأشار فيسك إلى أن المعلم ليس لديه أدنى شك في القوة الأمريكية، حيث قال "إن الإدارة الأمريكية نجحت في إثارة الرعب في نفوس دول الخليج حيال القدارت النووية الإيرانية، وأقنعتهم بشراء الأسلحة منها لحماية أنفسهم من إيران". وقال فيسك إن المعلم أعرب عن اعتقاده بأن الإدارة الأمريكية هي اللاعب الرئيسي ضد سوريا، وبقية الدول أدوات لها، إلا أن الكاتب تذمر عندما أشار المعلم في حديثه إلى مؤسسة بروكينجز، أكبر مراكز التفكير في واشنطن، حيث أجريت دراسة خلصت إلى أنه إذا أردت احتواء إيران، ينبغى البدء بسوريا. وقال المعلم إن عددا من المبعوثين الغربيين أبلغوا الحكومة السورية في بداية اندلاع الاحتجاجات بأن العلاقات بين سوريا وإيران، وسوريا وحزب الله، وسوريا وحماس، من العناصر الأساسية وراء هذه الاحتجاجات، وفي حال تسوية هذه العلاقات، ستساعد الولاياتالمتحدة في إنهاء هذه الأزمة. وتابع فيسك إنه بالنسبة لوزير الخارجية السوري، بدأت الأزمة السورية الراهنة "بمطالب مشروعة"، وهي إجراء إصلاحات وإعلان دستور جديد، ثم تلاها تدخل عناصر أجنبية، مستخدمة المطالب المشروعة للسطو على هذه الأجندة السلمية وتحقيق أطماعها". وأشار المعلم إلى أنه يتعين على الحكومة السورية حماية مواطنيها، ويمثل الأسد الوحدة في سوريا، ويشارك جميع السوريين في خلق مستقبل جديد لسوريا. ويغادر المعلم سوريا غدا متوجها إلى إيران لحضور قمة حركة عدم الانحياز، لتعزيز ما دعاه "مساعي بناءة لمساعدة سوريا". وسأله فيسك عن إمكانية استخدام الحكومة السورية أسلحة كيماوية لقمع الثورة، فأكد المعلم على أنها لن تستخدم أسلحة من هذا القبيل ضد أبناء شعبها، حيث تقاتل الحكومة جماعات مسلحة في حلب وضواحي دمشق، ومسؤوليتها حماية الشعب. واختتم فيسك تقريره بالقول إنه ليس هناك اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد وزير الخارجية السوري وليد المعلم حتى هذه اللحظة، إلا أن دوي الانفجارات والأسلحة لا يزال يهز مكتبه.