ما أشبه اليوم بالبارحة، فبعد مصر، ظهرت عناصر ال"بلاك بلوك" الليلة الماضية بمدينة "نانت" بغربي فرنسا في مظاهرات وأعمال عنف وشغب ومواجهات مع الشرطة أسفرت عن إصابة 4 من عناصر الأمن وخسائر مادية فادحة. عناصر ال"بلاك بلوك" ظهروا للمرة الأولى في مصرعام 2013 مع الذكرى الثانية لثورة 25 يناير متسببة في أعمال العنف وتأجيجها بعد أن اندسوا في مظاهرات عدة كانت معظمها سلمية في البداية، ولكن تطل الظاهرة الخطيرة برأسها اليوم على الشطر الآخر من البحر المتوسط بغربي فرنسا. وتلك الجماعة أو ما يسمى ب"الكتل السوداء" هي مستقلة وأناركية فوضوية استلهمت فكرتها مما يسمى بحركة الحكم الذاتى فى ألمانيا وعرفت فى بادىء الأمر بجماعة "شوارزر بلوك" أو (البلاك بلوك باللغة الألمانية)، وعرفت تلك المجموعات الصغيرة بارتداء عناصرها للملابس السوداء، والأقنعة وأغطية الرأس، لتجنب رصدهم وتحديدهم من قبل الشرطة. وهدفهم الرئيسي يكون عناصر الأمن من أجل خلق الفوضى في المكان الذي يتواجدون به وبالتالى كسر هيبة الشرطة. ويتضمن تكتيك ال"بلاك بلوك" بعض التصرفات العدوانية مثل قتال الشوارع، وتخريب الممتلكات العامة، والتظاهر، والعصيان المدني من دون أي ترخيص، وتكون تصرفاتهم من أجل تضليل السلطات وتهريب المحتجزين من الشرطة وحمايتهم، وظهر للمرة الأولى فى عام 1980 في احتجاجات حركات الإستقلال الذاتى الأوروبية ضد عمليات إخلاء وضع اليد، وسياسات الطاقة النووية وفرض قيود على الإجهاض إلى جانب أمور أخرى. فالمظاهرات التي بدأت أمس في نانت باحتشاد آلاف الأشخاص، ضد بناء مطار جديد بالقرب من المدينة وجرت بشكل سلمى مشروع، لتتحول إلى أحداث عنف، حاولت الشرطة أن تفرقها باستخدام المياه والغازات المسيلة للدموع، ردا على إطلاق زجاجات فارغة ومولوتوف والطوب والحجارة على عناصر الشرطة المنتشرة للسيطرة عليها. وإتهم وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس، مثيرى الشغب وكان عددهم نحو ألف شخص بانهم "يريدون كسر الشرطة والدرك". مستنكرا التجاوزات التي ارتكبت من قبل تيار "أقصى اليسار" وعناصر "البلاك بلوك". وقال فالس، في تصريحات صحفية، أن نحو ألف شخص من اليسار المتطرف، والكتل السوداء "بلاك بلوك" العنيفة للغاية قاموا بأعمال عنف وبإنتهاكات "لا تطاق" مستخدمين قنابل المولوتوف، والمسامير التى قذفوا بها قوات الأمن، وقاموا أيضا بتدمير واجهات المحلات ونهبوا عددا من المتاجر، وبتكسير الشوارع ومدخل مركز للشرطة. وحذر وزير الداخلية الفرنسية من تحويل هذا الحدث إلى "حرب للعصابات في المدن الحضرية". موضحا أن هذا العنف الذى يأتي من اليسار المتطرف والبلاك بلوك التي تنشأ في بلادنا ولكن أيضا في بلدان أجنبية، هى أمر غير مقبول". وتوعد "فالس" تلك العناصر التي قال عنها "أن الدولة مصممة على التعامل معهم ومعاقبتهم". مذكرا بأن قوات الأمن كانت قد حالت دون وصول هؤلاء إلى وسط مدينة نانت لإنها كانت لديها "أدلة كافية" على أن بعض الجماعات تريد "استخدام هذا الحدث لمهاجمة قوات الأمن". أعمال العنف والاشتباكات قوبلت بإستهجان من قبل أعضاء الحكومة الاشتراكية بما فى ذلك رئيس الوزراء، جون مارك أيرولت، الذي قال أنه "في الدول الديمقراطية، فإن التظاهر أمر مشروع، ولكن أعمال العنف غير مقبولة". وكذا وزير النقل فريديريك كوفيليه، الذي أدان العنف ووصفها بأنها "لاعذر لها" وأكد أن مشروع مطار نوتردام دي لاند يتفق مع القانون. ومن ناحيته. أعلن عمدة نانت، باتريك ريمبير، أنه تقدم بدعوى قضائية ضد مجهول بسبب الأضرار المادية التى لحقت بالمدينة بسبب أعمال الشغب والفوضى التى شهدتها.