الشارع شديد الازدحام، السيارات تسير فى كل اتجاه، تقف عربات توك توك وميكروباص عند مدخل الشارع، «عايز تطلع رخصة؟ ولا هتجدد العربية؟ عملت شهادة باطنة ورمد؟» أسئلة تخرج من مجهولين للمارة، وفى حالة تجاهلهم، يتجمع العشرات منهم وراء السيارات فى محاولات عديدة لإيقاع زبون يريد قضاء مصلحة من داخل «وحدة تراخيص فيصل». أمام امتحان القيادة النظرى يوجد طابور طويل، «السماسرة اللى واقفين بره، عرضوا عليا فى البداية تخليص جميع أوراق الرخصة مقابل 850 جنيهاً، وبدون أى امتحانات، وحذرونى من دخول الامتحان بدون وساطة منهم عشان مايكنش مصيرى الفشل»، قالها محمد على «طبيب» حاملاً أوراقه فى منتصف الطابور. الرصيف المقابل للمبنى، مزدحم على آخره بالباعة الجائلين الذين يبيعون شهادات الباطنة والرمد بدون كشف، سعر الشهادة يتراوح بين 20 و50 جنيهاً! مختومة من طبيب، بجانبهم توجد وجوه متربصة تحرص على تفحص المارة جيداً ثم يعرضون عليهم خدماتهم لتخليص أى أوراق أو استخراج رخص من داخل إدارة الوحدة التى علقت لافتات عديدة داخل الإدارة مكتوباً عليها: «الراشى والمرتشى فى النار»، و«الوساطة مفادها الفوضى واغتصاب حق الغير» فى محاولة بسيطة منها للتغلب على تلك الظاهرة. «لو عايز تطلع رخصة من غير امتحان ب900 جنيه، ومالكش دعوة، الرخصة هتكون معاك»، قالها «أبويوسف» أو «المخلص» كما يطلق على نفسه، مؤكداً أنه يستخرج شهادات الرمد والباطنة ب30 جنيهاً! أما المقهى الموجود أمام مبنى الوحدة، بحسب أحمد فتحى، أحد الجالسين عليها منتظراً دوره فى امتحان القيادة، أن القهوجى عرض عليه استخراج الرخصة مقابل مبلغ مادى يتراوح بين 800 و850 جنيهاً، كما وعده بتخليص الورق فى ظرف ساعات. العقيد أيمن الغريب، رئيس وحدة المرور، قال إنه على علم بكل الفوضى التى تدور خارج الوحدة، ووصف من يبيع الشهادات المضروبة بأنهم نصابون، ولكن وزارة الداخلية لا تتعاون مع إدارة المرور، مستكملاً: «شهادات الباطنة والرمد تخرج من دكتور نصاب يعمل تحت الكوبرى، لكن ليس من حق الإدارة التدخل لأن الورق الذى يأتى لهم مختوم، والإدارة لا تحكم إلا بالورق الذى أمامها».