اشرنا في مقالاتنا السابقة الى تخلف نظم التعليم في مصر وانعكاستها على البحث العلمي فى ظل تواضع الميزانيات المخصصة وعدم الاستفادة من خبرة العلماء والباحثين مما جعل عائد الانفاق على البحث العلمي غير ملموس وذكرنا اننا تحدثنا طويلا عن ارتباط تدني التعليم بتدني مردود البحث العلمي وربما عدم الاعتراف بالبحث العلمي في التنمية والاكتفاء بعقد المؤتمرات والتدوات وأصبح الحديث عن أهمية البحث العلمي أكثر من الدخول مباشرة عصر العلم والتكنولوجيا . وربما يكون الاصوب ان نقف على توصيف دقيق لأوضاع التعليم بصفة عامة والجامعي على وجه الخصوص لتوضيح مساؤه او مزاياه ان كان له مزايا وفي البداية لابد ان نشير الى اننا نسير في نفق مظلم من حاكم الى حاكم ومن مسئول وزاري الى مسئول وزاري آخر ولكل أهتماماته وللاسف كانت جميعها لاتعكس رؤية اجمالية تقدر ماكانت تحمل رؤية شحصية تحت مسمى استراتيجية تعقد لها الندوات وحلقات العمل والمناقشة تخرج بأطروحات وتوصيات وجداول واحصائيات وجميعها تخدم اهداف المسئول الشخصية دون ان تحرك الواقع الى حل المشكلات حلا جذريا او حتى تضع الامور على طريق الحل السليم وسرعان ما يتغير المسئول ليأتي آخر ويدور في نفس الدائرة ويكون المنتج متواضعا ويتعمد الجميع التوقف عند مشكلة الثانوية العامة على سبيل الشهرة فقط واللعب على وتر ارضاء اولياء الامور وسوف نعرض هنا في مقالين متتابعين توصيف اسباب تراجع مستوى التعليم العالي والبحث العلمي ثم بعد ذلك مقترحات بحلول لهذه المشكلات تتلخص أسباب تراجع مستوى التعليم العالي والبحث العلمي في مصرفي القائمة التالية : انهيار البنية الاساسية للعملية التعليية والبحثية الامر الذي ادى الى عدم توافر المناخ التعليمي او البحثي المناسب وبالتالي فقدت المنظومة التعليمية الادوات المساعدة على التعليم والبحث العلمي الذي يؤدي الى التطوير . ضعف النظام الاداري الذي يعتبر الركيزة الاساسية لتطبيق منظومة تعليم متطور . تكدس أعداد الطلاب في الكثير من الكليات خاصة الكليات النظرية مما اثر سلبا على استيعاب الطلاب ورغبتهم في حضور المحاضرات وحصص التمارين التعليمية الى اسلوب نمطي يعتمد على الحفظ ولايعتمد على الفكر والبحث . عدم تطوير اللوائح الدراسية بصفة دورية مما ادى الى تخلف عدد كبير من المقررات عن ركب العلوم الحديثة وغياب مقررات حديثة وبالتالي تراجع مستوى الخريج عن اقرانه في الدول المتقدمة غياب نظم التقييم والتقويم التي تساهم بشكل مباشر في التطوير المستمر لمنظومة التعليم ومعالجة اي خلل ينشئ في تطبيق المنظومة . هذا البند قد يساهم بشكل سلبي في تراخي اداء عناصر المنظومة من الطلاب واعضاء هيئة التدريس والكادر الاداري والقيادات . عدم تفرغ العديد من أعضاء هيئة التدريس نتيجة عدم الاهتمام بشئونهم في توفير المناخ العلمي للبحث العلمي العلمي والتدريس مع تدنى مستوى دخل عضو هيئة التدريس مقارنة بالكوادر الاخرى في الدولة مما يجعلهم يشعرون بعدم تقدير الجهودهم مما جعلهم يوجهون جهودهم لتدبير سبل العيش الكريم لهم ولأسرهم . هجرة العقول المفكرة خاصة في التخصصات التكنولوجية الحديثة مما يشير الى ان مصر اصبحت تنفر العلماء من العودة لبلادهم والمساهمة في تطوير التعليم والبحث العلمي . ضعت منظومة الانشطة الطلابية التي يجب ان تساهم بشكل فعال في بناء شخصية الطالب والتي لاتقل أهمية عم المادة العلمية التي يتلقاها اثناء الدراسة وهذا كان له اكبر تأثير سلبي على وجود فراغ فكري على المستوى الثقافي والديني والسياسي مما جعل الشباب المصري صيد سهل للحركات الفكرية المتطرفة والمنظمات العالمية التي تسعى جاهدة لتدمير وإضعاف البلاد إنهيار الهرم الطبيعي لأعضاء هيئة التدريس بكثير من الكليات حيث اثر عدم وجود عناصر شابة كافية بهيكل اعضاء هيئة التدريس على حيوية وتحديث منظومة التعليم . الفجوة العميقة بين الطالب والاستاذ أدت الى غياب القدوة الحسنة التي تعين الطالب على إكتساب ثقافات ومبادئ ومثل عليا وتعلم خبرات تجعله يواجه الحياة بثقة . إنهيار مستوى طلاب الثانوية العامة كمدخل رئيسي لمنظومة التعليم العالي الامر الذي يزيد من صعوبة إدماج الطالب في منظومة تعليم حقيقية تعتمد على البحث والمعلافة والتي غابت عن منظومة التعليم قبل الجامعى . الفجوة الكبيرة بين مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والمؤسسات الصناعية والاستثمارية مما اثر سلبا على استثمار العقول المصرية في بناء اقتصاد البلاد وحل مشاكلها . عدم وجود تفاعل حقيقى بين الجامعات والمجتمع مما ادى سلبا على ايجاد حلول علمية عملية لمشاكل المجتمع في جميع المجالات وخاصة في المناطق العشوائية . ضعف القوانين المنظمة للعملية التعليمية وتشتتها على مدى العقود السابقة واصبحت من احد المعوقات الاساسية للتطوير والتحديث . التباين الكبير في المستوى التعليمي بين مؤسسات التعليم الحكومى ومؤسسات التعليم الخاص وكذلك التباين فيما بين مؤسسات التعليم الخاص وذلك بسبب عدم وجدود معايير موحدة يتم تطبيقها على جميع المؤسسات التعليمية سواء الخاص منها أو الحكومى .