همهمات مبهمة، آهات وصرخات من جسد معطوب، لا يجيد لغة طبيبه، فتعامل المصابين الكوريين في انفجار طابا مع الأطباء كان يحيط به صعوبة بالغة، وكل محاولات تضميد جراحهم تمت من خلال إشارات بالأيدي، شكواهم دائما غير مفسرة، الصرخات تتعالى بين الحين والآخر، البكاء يزداد. كان الوصول لمترجم كوري ضربا من ضروب الخيال، استطاع الوصول له السفير الكوري الذي وصل لمستشفى شرم الشيخ صبيحة اليوم التالي من حادث تفجير الأتوبيس. على أسرّتهم يرقدون في سكون، أحياء في سكون الموتى، فالراقدون والأطباء سئموا حوار الإشارة، فاللغة الإنجليزية لا يجيدها الكثير منهم، ما دعا أحدهم للإجهاش في البكاء. وبعد وصول المترجم تعلق به المصابون الكوريون كالظمآن الذي لمح ماء في صحراء جافة، خرجت الألفاظ متلاحقة، والجميع على رواية واحدة، ومشهد لن ينسوه أبدا في روايتهم للمترجم، والتي نقلها للحاضرين من وكلاء النيابة والصحفيين وغيرهم: "حاول أحدهم الدخول إلى الأتوبيس وحاول المرشد السياحي منعه، ففجر نفسه على أبوابه". المترجم "سيدي نو" الذي رافق وكلاء النيابة، بزيه الأنيق، وملامحه الحزينة، قال ل"الوطن": "أعيش في القاهرة، منذ سنوات، وأعمل مترجما لبعض الصحف والإعلام الكوري الذي يتوافد على القاهرة في الأحداث الضخمة"، يظهر على ملامحه التأثر والعطف كلما روى أحدهم روايته، يشاطرهم الحزن، وأجهش في البكاء بين يدي والدة المرشد السياحي الكوري الذي كان يرافق الفوج، رافضا اقتراب أحد من الصحفيين المصريين منها، يحاول بكل جوارحه الحفاظ على شعورهم.