وسط تكدس المتظاهرين على رصيف الاتحادية وقفت الطفلة «حبيبة خالد» وعلى خديها الصغيرين مرسوم علم مصر، وفى يدها ممسكة بواحد تلوح به، «الشعب يريد سقوط الإخوان، وارحل يا مرسى»، بصوت طفولى رقيق تردد «حبيبة» وهى تدور حول أسرتها، والدتها الفنانة «رولا أسير»، ووالدها ضابط شرطة بمديرية أمن الإسكندرية. أمام توحد الأهداف تزول الفوارق وتستوى الطبقات، فحسب قولها عند أول تجمع بشرى.. تركت الممثلة برجها العالى ونزلت تشارك الناس الرأى وتدافع عن وطنها بوسيلة تناسبها، وفى موقع لا يقل أهمية عن باقى بقاع المحروسة. بمصاحبة «شريف الفخرانى» صديق العائلة، خلعت الفنانة «رولا أسير» ثوب الصمت والسلبية، تاركة جدران المنزل لتعبر عن رأيها بحرية وبأعلى صوت، معترفة: «أنا أول مرة أشارك فى مظاهرات الثورة، لأنى كنت من حزب الكنبة.. ولما لقيت الدنيا بتخرب زيادة عن اللزوم قلت لازم أنزل من على الكنبة بقى»، ترى «رولا» ضرورة فى نزولها للحيلولة دون تردى الأمور، موضحة: «لما كل واحد مربى دقنه بيتكلم باسم الدين والدولة والحكومة، يبقى لازم نتحرك عشان نصلح الأوضاع دى»، مضيفة أنه لما الجنود تقتل على الحدود ومياه الشرب تُسمم والشغل يصبح أمنية، يكون النزول للتظاهر واجبا وضرورة، تقول: «الميه العادية مسمومة والمعدنية مش موجودة والدين اتخلط فى السياسة، يبقى باقى إيه؟»، تهاجم الفنانة الشابة وصف المتظاهرين بأنهم جاءوا للفسحة قائلة: «اللى عاوز يتفسح يروح حديقة أو سينما ولّا ييجى يقعد فى التراب فى الشارع؟». «أنا قاعدة هنا ومش رايحة مكان تانى لحد ما يمشى»، تتحدث «رولا» متحدية «مرسى» بثقة عالية وعزيمة قوية.. فهى تسكن فى مواجهة قصر الاتحادية: «معنديش مشكلة أطلع بيتنا وأنزل تانى وأدينى معتصمة»، الخوف على لقمة العيش وراء مشاركتها فى التظاهر ضد الإخوان ولإسقاط مرسى، «رولا» تقول: «فى الأول قلنا يا ريت ييجو الإخوان، يخلوا الإخوان، أنضف من حاجات كتير، لقيناهم بالعكس زى نظام مبارك وأسوأ»، ففى رأيها مجالات الصحافة والفن والإعلام «مش شغالة واللى شغال منهم بيقفلوه ويقعدوا الناس». بشجاعة مطلقة.. تتقمص الممثلة الشابة أجواء بدايات الثورة: «نازلة أنا وبنتى الوحيدة أدافع عن مصر، ويا عالم نرجع تانى ولّا لأ»، وتؤكد أن أى عدد كافٍ لإسقاط النظام مع الصمود: «لو فضلوا رجالة بس»، معبرة عن تفاؤلها بالإقبال والاستجابة التى شاهدتهما فى الحشد. زوج «رولا أسير» ضابط شرطة، منعته ظروف العمل من الحضور معهم، «هو مش بيتدخل فى حريتنا سواء موجود أم لا»، مدافعة عنه بأن أكثر الفئات معاناة هم ضباط الشرطة لأنه فرد واحد بين منظومة أمن كبيرة، «لإنهم بياخدوا أوامر بس ولو منفذوش يتشردوا ومستقبلهم يضيع». الممثلة وابنة خالتها «ياسمين» والفخرانى صديق العائلة، يطالبون بإبعاد جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم، وعدم خلط الدين فى السياسة ورحيل الرئيس؛ «مرسى يرحل يرحل يرحل»، وتؤكد «رولا» أن المظاهرة والاعتصام سلميان، وليس التخريب كما يقول رجال الإخوان على الفضائيات، لاستعطاف الشعب كعادتهم. ياسمين -18 سنة- تريد تغيير حكم الإخوان، لأنهم لم يفعلوا شيئا، حسب كلامها، أكثر الأشياء إزعاجا لها هو غياب الأمن فى الشارع، موضحة: «البنات مبقتش تمشى فى أمان من كتر المضايقات والمعاكسات والاحتكاك بيهم وده بيحصل»، وتنادى «ياسمين» بتحقيق مطالب الثورة الأساسية: «الإخوان ركبوا الحكم وطوابير العيش زادت وخرجوا الإرهابيين من السجون.. فين العدالة والتجارة والبرنامج اللى قال عليه الرئيس؟».