مجددا، تطرح سلطنة عمان نفسها ك"جينيف" الشرق الأوسط، حسبما تصفها العديد من الأدبيات، فهي دولة تعلن حيادها الإيجابي من الأزمات الإقليمية، تماما كما تفعل سويسرا، الدولة المعروفة بحيادها وعدم دخولها في أية تحالفات لطرف على حساب الآخر، فبعد أن نجحت عمان كوسيط للاتفاق بين إيران والقوى الكبرى لمنع نشوب صراع دولي، جددت السلطة سعيها لتهدئة التوتر الراهن بين واشنطنوطهران. وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، قال إن بلاده تسعى جاهدة، لتهدئة التوتر، في الأزمة الحالية بين الولاياتالمتحدةوإيران، مشيرا إلى "خطورة وقوع حرب... يمكن أن تضر العالم بأسره إذا اندلعت". وأكد أن الطرفين (الأمريكي والإيراني) "يدركان خطورة الانزلاق أكثر من هذا الحد"، حسبما ذكر في مقابلة نشرت صحيفة الشرق الأوسط أجزاء منها. وتقوم السياسة الخارجية العمانية على مبادئ الحياد الإيجابي والتوافق وحل النزاعات من خلال الوساطة والمساعي الحميدة، وعدم التدخل في الصراعات، والنأي بالنفس عن الاستقطاب الإقليمي. وخلال الحوار الذي جاء في ظل الحشود العسكرية الأمريكية في الخليج، لم ينفِ "بن علوي" أو يؤكد وجود وساطة عمانية بين طهرانوواشنطن، لكنه أشار إلى أن بلاده إلى جانب أطراف أخرى تسعى جاهدة لتهدئة التوتر بين الطرفين. وأكد وجود اتصالات مكثفة في هذا الخصوص، ودعا المجتمع الدولي إلى بذل جهد تشترك فيه سلطنة عمان لمنع المخاطر قبل وقوعها. وتحول الدور العماني إلى موازن إقليمي في منطقة الخليج مع الوقت، ليتطور من ميسر ووسيط في عملية التفاوض بين إيران والغرب، إلى عاصمة للحكمة وصوت العقل وسط التوترات والاستقطاب الإقليمي، الذي وصل إلى داخل البيت الخليجي نفسه. وقد لعب وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي دورا أساسيا في مفاوضات الملف النووي الإيراني، حتى تم الوصول للاتفاق في 2015، كما استضافت العاصمة العمانيةمسقط العديد من اللقاءات التي كانت غير مسبوقة بين إيران والغرب، خاصة تلك التي جمعت المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين في المحادثات التمهيدية. وعقب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، العام الماضي، قالت الخارجية العمانية إن: "سلطنة عُمان التي تربطها علاقات صداقة وتعاون مع كل من الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران ستستمر في متابعة هذه التطورات، وبذل الجهود الممكنة والمتاحة للحفاظ على حالة الأمن والاستقرار بالمنطقة". ولعل هذا الدور العماني الذي يسمح لها بالتحرك كوسيط محايد، هو ما يفسر استمرار علاقاتها مع سوريا، واستقبالها النادر لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، فضلا عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النادرة للسلطنة في 2018، والتي لم تمنع السلطنة من توجيه الاتهامات القوية للسياسة الإسرائيلية المرفوضة إزاء الفلسطينيين. وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية العماني، خلال حواره المنشور اليوم الجمعة: "لا يمكن قبول أن تكون لإسرائيل دولة... وللفلسطينيين خيام، هذا لن يكون مقبولا... هذا الكلام قلناه للأمريكيين، وأكدنا لهم أن المسألة ليست مسألة أموال، لكن مسألة شعب يُقدر بنحو عشرة ملايين في الداخل وفي الشتات. ويجب أن تكون إسرائيل دولة صديقة للفلسطينيين، وأن تكون دولة شريكة وليست مغتصبة... وإذا لم تعالج الخطة الأمريكية كل هذه الأمور فستكون خطة ناقصة". وتوقف الوزير العماني، الذي يشغل منصبه منذ عام 1997، في العاصمة الإيرانيةطهران، الإثنين الماضي، في طريقه إلى لندن، حيث التقى مع نظيره الإيراني جواد ظريف، وقال إنه استمع إلى وجهة نظر الإيرانيين، و"هم لا يريدون الدخول في حرب".