لم تكن العنصرية جديدة على المجتمع الإسرائيلي يومًا ما، لأنها قامت من الأساس على العنصرية التي سبقت إعلان إقامة الدولة من خلال إعلاء كل من هو يهودي في مقابل الآخر، ومن بعدها ظهرت العنصرية جليًا بعد إقامة الدولة المزعومة في التركيبة الاجتماعية الإسرائيلية وسياسة التعامل معها، وجرى التفرقة بين اليهود الذين أتوا من الغرب ويهود الشرق، وإعطاءهم مميزات أكثر، واستمر ذلك الأمر الآن بزيادة الطوائف وتعدد تركيبات المجتمع الإسرائيلي من عرب والذين من بينهم «دروز وبدو»، ويهود شرقيين، ويهود الفلاشا وغيرهم، وتستمر تلك العنصرية حتى الآن في صور جديدة آخرها إقرار ثلاثة مستشفيات إسرائيلي من أصل 4 قدمت ضدهم دعوى بالمحكمة أنها تعمد على سياسة الفصل بين الأمهات العربيات واليهوديات في أقسام الولادة، وزعمت أنها تقوم باعتماد نهج الفصل وفقا لطلب من الوالدات. وبحسب ما نقلع موقع «عرب 48»، فإن 3 من المستشفيات الأربعة التي اعتمدت سياسة فصل الأمهات اليهوديات والعربيات، وهي مستشفيات "هداسا" "هار هتسوفيم"، و"هعيمق" بالعفولة و"سوروكا" في بئر السبع، اعترفت خلال مداولات المحكمة، بأنها تفصل الأمهات اليهوديات والعربيات وفقا لطلبهن، بينما ينكر مستشفى "الجليل" الغربي المدرج أيضا في الدعوى، أن يكون الفصل جزء من سياسة الطاقم الطبي.وكتب صندوق المرضى "كلاليت"، الذي يمثل مستشفيي "سوروكا" و"هعيمق"، للمحكمة المركزية في القدس، ردا على كتاب الدعوى، أن فصل الأمهات هو جزء من الحياة في الواقع الإسرائيلي، قائلا إن "عدم احترام الطلبات المختلفة للأمهات لمواقع محددة سيخلق شراكة قسرية في الحالات التي لا يهتم فيها الطرفان، إذ أن قسم الولادة لا يمكنه خلق بوتقة انصهار مصطنعة". وردا على الدعوى الجماعية، كتب المركز الطبي "هداسا" أنه "في ضوء الاختلافات بين المجموعات السكانية المختلفة، تطلب أحيانا أمهات من نفس المجموعة المكوث في نفس الغرفة مع أمهات من نفس المجموعة السكانية، وفي حالات محددة يوافق الطاقم على الطلب". جهاد الحرازين ل«الوطن»: العنصرية موجودة في كل المؤسسات التابعة لدولة الاحتلال وعلق الدكتور جهاد الحرازين المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة «فتح» قائلًا إن: «سياسة الفصل العنصري والأبرتهايد التي تستخدمها دولة الاحتلال في مجالات الحياة كافة للتمييز في المعاملة بين المواطنين وبخاصة إذا كانوا عربا تجدها في المؤسسات التابعة لدولة الاحتلال كافة»، مضيفًا أن سياسة الفصل والتمييز العنصري نهجا متبعًا وفكرًا ينبع من الأيدلوجيا والفكر الإسرائيلي يمارس ويطبق على أرض الواقع. وأضاف الحرازين في اتصال هاتفي ل«الوطن»، قائلًا إنه «ليس من المستغرب أن تجرى عملية الفصل بين النساء العربيات والإسرائيليات في المشفى الواحد أو حتى بين التلاميذ في المدارس أو حتى في العمل أو أمام القضاء أو في المعاملات الرسمية أو حتى في الحقوق حيث يكاد نظام الفصل العنصري أن يختفي من العالم تمارسه دولة الاحتلال في قطاعات الحياة كافة على المواطنين العرب والأكثر من ذلك عندما تجرى حماية قطعان المستوطنين والمتطرفين من قبل شرطة وجيش الاحتلال في أثناء اعتدائهم وارتكابهم الجرائم بحق المواطنين الفلسطينيين وأرضهم». وتابع: «بالإضافة إلى ذلك عندما يقوم أحد جنود الاحتلال بعملية قتل أو إعدام بدم بارد يحاكم بالحبس أيام وعندما يلقي طفل أو فتى أو شاب فلسطيني حجرا أو يواجه قوات الاحتلال بشكل سلمي يحاكم بالسجن سنوات رغم مشروعية نضاله ضد الاحتلال فهناك مئات الآلاف من النماذج التي أدلل أن هذه الدولة هي دولة عنصرية ومجرمة وعندما يتعلق الأمر بالمهنة الانسانية ألا وهي مهنة الطب فهذه من أفظع وأبشع وسائل العنصرية والتمييز العنصري الذي يستخدم بحق المواطنين الفلسطينين والعرب مما يتطلب وقفة جادة من قبل المجتمع الدولي لمواجهة الدولة الأكثر عنصرية وتطرف بالعالم كما فعل مع جنوب أفريقيا إبان الحكم العنصري».