بعد مرور نحو 7 أيام، على عزل المجلس العسكري الانتقالي السوداني للرئيس السابق عُمر البشير، أثيرت الكثير من الشكوك حول موقعه الحالي، حيث جرى وضعه تحت الإقامة الجبرية، حتى أكدت بعض الأنباء باحتجازه في سجن "كوبر" الشهير اليوم. صحيفة "آخر لحظة" السودانية، أكدت أن الجهات المختصة رحلت عمر البشير إلى سجن "كوبر"، تحت حراسة مشددة من بيت الضيافة حيث كان تحت قيد الإقامة الجبرية، مساء أمس، موضحة أن المجلس العسكري أوفى ب"تعهداته بتوفير محاكمة عادلة للرئيس السابق بالداخل، وعدم تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية". ووفقا لموقع "روسيا اليوم"، فإن سجن "كوبر" هو الأخطر في السودان، الذي شيد عام 1903، على مساحة مترامية الأطراف، تبلغ نحو خمسة آلاف متر مربع، والتي تمتد من حي الواحة بالجنوب وحتى المنطقة الصناعية بالخرطوم بحري في الشمال، وشارع بشير محمد سعيد بالغرب، وشارع الشفاء في حي كافوري بالشرق، بهدف عزل السياسيين والمسجلين خطر والمجرمين. يتخذ السجن السوداني شكلا هندسيا، على غرار السجون البريطانية وتحديدا سجن "برمنغهام"، حيث إنه كبير للغاية وذو أسوار عالية، وأشرف على بنائه الجنرال البريطاني، السير ريجنالد وينجت، والذي كان يتولى منصب الحاكم العام للسودان خلال تلك الفترة، بينما يرجع اسمه إلى مسؤول انجليزي يدعى "cooper"، حيث إنه كان مسؤولا عنه وإدارته أثناء الاستعمار البريطاني للسودان القرن الماضي، وعرف بمعاملاته الطيبة، حتى سُمّي على اسمه، بحسب صحيفة "الراكوبة" السودانية. ويتكون السجن من 14 قسما مختلفة، منها قسما للمحكوم عليهم بالإعدام، وآخرا لأصحاب السوابق، وثالثا لذوي الأحكام الطويلة والقصيرة، ورابعا للمنتظرين، وخامسا لأرباب المعاملة الخاصة من كبار الموظفين المدانين، فضلا عن القسم الأهم المخصص للسياسيين الذي ارتبط بالمتهمين بتقلبات الحكم في البلاد، بينما الزنزانة الأشهر هي "الاستقامة"، على حد ما ذكرته "روسيا اليوم". "سجنا لكبار الزعماء والسياسيين".. هو الوصف الأقرب للشخصيات التي احتضنها "كوبر"، وفقا لموقع "سودانيز أونلاين"، موضحا أنه من بين تلك الشخصيات التي دخلته أعضاء جمعية "اللواء الأبيض" التي برزت في عشرينيات القرن الماضي ودعت لبعث الوعي السياسي الوطني ضد الاستعمار البريطاني والوحدة بين مصر والسودان تحت شعار "وحدة وادي النيل". كما دخل "سجن كوبر" أيضا ضباط سودانيون تابعون لقوة دفاع السودان المتمردة ضد الاستعمار أيضا، وجرى تنفذ حكم الإعدام عليهم رميا بالرصاص، في ديسمبر 1924، لتكون تلك هي المرة الأولى التي تجرى بها الإعدام بالسجن، بالإضافة إلى احتضانه أيضا قيادات من الحركة الوطنية المناهضة لبريطانيا، منهم إسماعيل الأزهري، الذي تولى منصب أول رئيس للحكومة الوطنية ووزير الداخلية السودانية في 1954، فضلا عن أكبر حشد من السياسيين والنقابيين المناهضين للحكم المايوي على رأسهم الرئيس الأسبق جعفر النميري. صحيفة "الراكوبة" السودانية، قالت أيضا إنه تعاقب على إدارة السجن العديدون، حيث يرجح أن عددهم يصل إلى 36 سودانيا، أولهم الحكمدار مصطفى سعيد في الفترة من 1935 إلى 1954، موضحة أن السجناء يشهدون ب"كوبر" حلقات دينية وتلاوة وإرشاد وبرامج تأهيل وتعليم الحرف المختلفة.