لم يدُر فى خلده أن يوم الثاني عشر من أغسطس للعام قبل الماضي سيدفع به من كونه الأصغر فى أعضاء المجلس العسكري إلى أن يصير رئيسه، حيث اتخذ الرئيس المعزول محمد مرسى، وقتذاك، قرارًا بإقصاء قيادات المجلس العسكري، على رأسهم المشير طنطاوي والفريق سامى عنان، وعين بدلًا منهما الفريق عبدالفتاح السيسي، والفريق صدقي صبحى، ويصبح بعد ذلك مطلب شعبي ورغبة ملحة في توليه رئاسة مصر، بعدما عزل جماعة الإخوان ورئيسها من السلطة، وأنهى تمكين الجماعة من مؤسسات الدولة لإعادة إنتاج نظام سابق. "الجنرال الهادئ" ابن حي الجمالية، وصفته "بوابة الحرية والعدالة"، الموقع الرسمي للحزب التابع لجماعة الإخوان المسلمين، قبل عام بأنه "وزير دفاع.. بنكهة الثورة"، وأن له مواقف تختلف عن باقي أعضاء المجلس العسكري، الذي ظل ممسكًا بالسلطة في البلاد منذ 11 فبراير 2011، وأول من اعترف فعليًا بإجراء كشوف العذرية، وأعلن صراحة الحاجة إلى تغيير ثقافة قوات الأمن، وأعطى تأكيدات بأن هناك تعليمات بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين وحماية المعتقلين من التعرض للمعاملة السيئة، وأن الجيش لا ينوي اعتقال النساء مرة أخرى. قوبل تعيين "السيسي" بوزارة الدفاع على أنه "محاولة جديدة من جماعة الإخوان للسيطرة على الجيش وتنفيذ مخطط الأخونة"، واتهموه بأنه "إخواني"، ومع انحيازه لإرادة الشعب المصري، فإن رجل مصر القوي الآن الفريق أول عبدالفتاح السيسي، الذي يستعد للقب "المشير" اعتبارًا من 1 فبراير المقبل، حاول منذ قدومه أن يستقطب كل التيارات السياسية جانبه، وأراد أن يحول خريف العلاقة مع القوات المسلحة إلى ربيع جديد، وخطف الانتباه برده غير المباشر ولغته العاطفية والحاسمة على تهديدات قيادات إسلامية بالتصدي بالقوة لتظاهرات 30 يونيو الماضي. وبعد عام على تولي السيسي منصبه، تغير موقف جماعة الإخوان المسلمين تمامًا، بعد الموجة الجديدة من الثورة في 30 يونيو الماضي، واستجابة الجيش للشعب وإزاحة مرسي والإخوان من الحكم، فأصبح "السيسي" هو "فرعون هذا الزمان"، و"خائن" و"يدعو لحرب أهلية"، ووصل الأمر بأحد شيوخهم وهو وجدي غنيم، إلى تكفير السيسي، وقال إنه "ارتد عن دين الإسلام"، إلا أنه على العكس تمامًا يراه الغالبية العظمى من المصريين، أنه رجل المرحلة المقبلة و"ناصر" جديد، فهو رجل متدين وقومي النزعة، ومعجب مثل الكثيرين من أبناء المؤسسة العسكرية بشخصية جمال عبد الناصر. ولد الفريق أول "عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي" يوم 19 نوفمبر 1954 في القاهرة، وحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية 1977، كما حصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان 1987، ومن كلية القادة والأركان البريطانية 1992، بالإضافة إلى زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا 2003، وزمالة كلية الحرب العليا الأمريكية 2006، هو متزوج ولديه ثلاثة أولاد وبنت. تدرج عبد الفتاح السيسي في عدد من المناصب العسكرية، حيث عمل في سلاح المشاة، وتولى جميع الوظائف القيادية، فكان رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، وقائد كتيبة مشاة ميكانيكي، وملحق دفاع بالمملكة العربية السعودية، وقائد لواء مشاة ميكانيكي، ورئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، حتى أصبح قائد المنطقة الشمالية، كما تولى السيسي منصب مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وكان أصغر أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حتى أصدر الرئيس المعزول "محمد مرسي" في 12 أغسطس 2012م قرارًا بترقيته من رتبة لواء إلى رتبة فريق أول، وتعيينه وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة، خلفًا للمشير محمد حسين طنطاوي. ونال القائد العام للقوات المسلحة المصرية خلال مشواره العسكري العديد من الميداليات والأنواط، حيث حصل على ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة 1998، ونوط الواجب العسكري من الطبقة الثانية 2005، ونوط الخدمة الممتازة 2007، وميدالية 25 يناير 2012، إضافة إلى نوط الواجب العسكري من الطبقة الأولى 2012.