مع تطور الصالة ونجاحها، اشترى صبري، جهاز فيديو وتليفزيون وشرائط لأبطال العالم في كمال الأجسام، وهم يؤدون تمارينهم ووضعهم في الصالة، وجعل هناك مواعيد لمشاهدتها، حتى يتعلم المتدربون منها أداء تمارينهم بشكل صحيح، من خلال متابعة تمارين محترفي اللعبة في التليفزيون. منذ فترة قصيرة انضم للصالة شخص ملتحٍ كان يأتي إليها بانتظام، اسمه "محمود"، وبسبب لحيته كان الجميع يناديه ب"الشيخ محمود"، حتى أنه كان يؤمهم في الصلاة حين يحين موعدها وهم يتدربون.. ويومًا تلو الآخر، اقترب الشيخ محمود من "صبري" أكثر فأكثر حتى توطدت العلاقة بينهما. في البداية كان هو السبب في توقف التدريب تمامًا في أي وقت للصلاة، ثم تدريجيًا بدأ يفرض آراءه على الجميع والتي يستجيب لها الجميع لأنه ملتحي، وبالتالي هو أعلمهم من وجهة نظر الكثيرين، ممن يرون أن كل ملتحي هو شيخ ويعلم في الدين ما لا نعلمه.. وباعتباره شيخ وملتحٍ، فقد أفتى بتحريم الغناء والفن بشكل عام، لأنها مواد تحتوي على الكثير من المحرمات، وإثارة الفتن. أثارت في البداية، فتواه جدلًا كبيرًا بين رواد الصالة، فمنهم من ناقشه بالعقل ورفض الفتوى باعتباره ليس أهلًا للفتوى، وقابل هو النقاش بأسلوب سيء وحاد، وكأنه أعلم أهل الأرض ولا ينطق عن الهوى، ومنهم من صدق فتواه وعمل بها فعلاً، حتى لو كان يعمل بها أمامه فقط، ثم بعد ذلك يخالفها كليًا، ومنهم من كان على الحياد مثل "صبري"، الذي كان يستجيب لنصحه أمامه ثم بعيدًا عنه يستمع للغناء، ويشاهد التليفزيون، وإن كان في قرارة نفسه يشعر أنه مخطئ. مع الوقت، أدت أراء الشيخ محمود إلى تحريم رنات الموبايل التي تكون عبارة عن نغمات أغاني.. ومع توطد العلاقة بين محمود وصبري، قام محمود في يوم بدعوة صبري لحضور حفل زواجه، وبدوره رحب صبري بالفكرة، وشعر أنها فرصة ليكتسب صداقة الشيخ محمود عن حق، فهو يعلم بالدين ما لا يعلمه، ولعله يستفيد منه ويقوي إيمانه عن طريقه!. حضر صبري الزفاف، وفوجئ أنه زفاف بشكل غريب لم يراه من قبل، عندما سأل، قيل له أنه الأصل في الإسلام، وهو "الزفاف الإسلامي"، والذي يبدأ بتلاوة القرآن، ويجلس الرجال في مكان والنساء في مكان آخر، حتى العريس لا يجلس مع عروسه، ثم يخطب أحد الشيوخ في الحاضرين، حول حكمة تشريع الزواج أو كما يطلق عليه فقهيًا "النكاح".. فضلًا عن ضرورة دخول العريس بعروسته، والخروج أمام الجميع ليعلن أنها كانت عذراء، وذلك في حضور كل المدعوين، وبالطبع لا يوجد أي صوت للنساء "لا زغاريد أو تصفيق"، فصوت المرأة عورة كما يقولون!، وكذلك صوت يديها!. كان هذا العالم مثيرًا بالنسبة له، أراد أن يقتحمه ربما ينال من خلاله عروس ترضى بقليلها، ولكنه وبعد أن اكتشف أن الرجال في الزفاف الإسلامي، ينفصلون عن النساء ولا يرقص الرجال كما نعتاد في أفراحنا، وإنما فقط يستمعون للخطب ويمكن إلقاء بعض الأناشيد الدينية، والتي تدعو إلى الجهاد وتخلوا من الموسيقى، والتي يمكن سماعها من فرقة "دي جي"، ولكنه "دي جي إسلامي".. وبالطبع النساء يفعلن المثل في جانب آخر من المنزل، لكن لا أحد يراهم ولا يسمع لهم صوتًا، فتبددت أحلامه في العثور على فتاة وسط هذا الجو، الذي وجده، حسب اعتقاده، يسير على أسس الإسلام، وإن لم يقتنع من داخله به. كما أدهشه أن الطعام الذي يقدم في هذا الحفل، ليس حلويات شرقية أو مشروبات غازية أو حتى شربات، كما اعتدنا دومًا، وإنما يتراص كل مجموعة من الشباب في دوائر، ويجلسون على الأرض ليقدم له "الثريد" أي "الفتة"، وبعدها يكون الحلو هو بعض من قطع الفواكه كالبرتقال، أما المشروبات فتقتصر فقط على الماء. تعجب صبري، في البداية من تلك الطقوس الغريبة، ولكن مع التفكير فيها وجدها الأسهل له، في التنفيذ من الناحية المادية على الأقل، لذلك نالت تلك الطقوس وتلك الحياة إعجابه، فالفرح الإسلامي لا يكلف كثيرًا كما هو واضح، والعروس ترضي بأقل متطلبات الحياة، وحتمًا سوف تكون طاعتها له طاعة عمياء، ولن تكن متطلبات كثيرة. بدأت الفكرة تداعب خياله، بل ووصل الأمر إلى إثارة حماسه، وفكر أن ينقل رغبته في الزواج من إحدى الأخوات المسلمات والمنتقبات بالطبع، للشيخ محمود، لكن تبقى لديه مشكلة واحدة فقط.. وهي كيف له أن يضمن أن يختار عروس منتقبة وجميلة في نفس الوقت؟، كانت هذه هي المشكلة التي يخشاها!.