يُنتظر أن يكلف الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي اليوم، رسميا، مهدي جمعة بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة ستقود البلاد حتى إجراء انتخابات عامة وذلك غداة تقديم الإسلامي علي العريض استقالة حكومته إلى "المرزوقي". ومساء أمس، سلم "المرزوقي" راشد الغنوشي رئيس حركة "النهضة"، رسالة ترشيح رئيس الحكومة المستقلة باعتباره رئيس الحزب الذي يملك أكبر عدد من النواب في المجلس التأسيسي (89 مقعدا من إجمالي 217)، وذلك وفق ما ينص عليه "التنظيم المؤقت للسلطة العمومية". وعوض هذا "التنظيم" دستور 1959 الذي تم وقف العمل به بعد الإطاحة مطلع 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ويعتبر تكليف "الغنوشي" بترشيح رئيس للحكومة أمرا شكليا، لأن حركة "النهضة" وأحزابا أخرى رشحت منذ الشهر الماضي مهدي جمعة وزير الصناعة في حكومة علي العريض، لرئاسة حكومة الكفاءات المستقلة. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن "الغنوشي"، قوله إن تكليفه بترشيح رئيس لحكومة مستقلة يدخل ضمن "عملية التداول على السلطة" في تونس، ويأتي احتراما لما تنص عليه "خارطة طريق" طرحتها المركزية النقابية القوية لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو 2013. وأضاف: "حركة النهضة وعلي العريض تخليا عن الحكم لأن مصلحة تونس فوق كل شيء، وأن خيار الحركة الأساسي هو خدمة الديمقراطية ووضع البلاد على سكة الانتخابات". ووصف تقديم علي العريض لاستقالة حكومته بأنه عملية "نادرة" في العالم لأنه ينتمي إلى الحزب الأغلبية في المجلس التأسيسي. ونوه "الغنوشي" بما أسماه "عملا جبارا" قام به رئيس الحكومة المستقيل في "إنقاذ البلاد والمحافظة على الحريات وعلى المرفق العام وفيما تحقق في مستوى التنمية من جهود كبيرة"، على حد تعبيره. وانتقد معارضون ونشطاء إنترنت تصريحات الغنوشي ووصفوها ب"المغالطة"، واصفين حكومة العريض ب"الفاشلة على جميع المستويات". وكان "العريض" أعلن مساء أمس "تعليق" العمل بزيادة في الضرائب فرضتها حكومته على أصحاب السيارات بعد أن فجرت هذه الزيادة احتجاجات شعبية عارمة في مختلف مناطق البلاد، تم خلالها مهاجمة قوات ومراكز الأمن وحرق بعضها. وبعد 3 سنوات على الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، تشهد تونس اضطرابات واحتجاجات مستمرة على غلاء الأسعار وتردي ظروف المعيشة وارتفاع البطالة، فيما يعاني اقتصاد البلاد من صعوبات كبيرة. ومساء أمس، أعلن حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، أن الحكومة الجديدة ستتسلم مهامها بعد أسبوعين من تقديم "العريض" استقالته وفق ما تنص عليه خارطة الطريق. وسيتسلم مهدي جمعة مهامه في وقت تشهد فيه البلاد منذ مدة تحركات اجتماعية وإضرابات عامة، على خلفية تردي ظروف المعيشة وغلاء الأسعار. وشرع المجلس الوطني التأسيسي، اليوم، في مناقشة الباب الثالث من الدستور المتعلق ب"السلطة التشريعية" بعد أن أتم المصادقة على بابَيْ "المبادئ العامة" و"الحقوق والحريات". وكان المجلس صادق في ساعة متأخرة من ليلة الخميس على الفصل 48 من الدستور الذي يمنع إدخال أي تعديلات على هذا الدستور قد تفتح الباب أمام المساس بما تضمنه من حقوق وحريات فريدة من نوعها في العالم العربي. وينص هذا الفصل على أن "يحدّد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها. ولا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الامن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها. وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك. لا يجوز لأي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور". واليوم، دعت محرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس التأسيسي، النواب إلى احترام تدابير أمنية اتخذتها السلطات داخل المجلس "حرصا على سلامتهم وأمنهم". كما طلبت منهم عدم اصطحاب زوار من غير النواب إلى المجلس بعدما حذر النائب المعارض سمير الطيب من وجود "غرباء" داخل المجلس. وأعلن الطيب أنه وجد اليوم صورة لدراجة نارية من نوع "فيسبا" على مقعده الخاص في المجلس التأسيسي. وكان مسلحون يمتطون "فيسبا" قتلوا في 6 فبراير 2013 المعارض اليساري شكري بلعيد المعروف بانتقاداته الشديدة للإسلاميين. واعتبر نواب أن وضع صورة "فيسبا" على مقعد سمير بالطيب، هو رسالة تهديد بالاغتيال لهذا النائب المعروف أيضا بانتقاده الشديد للإسلاميين. وسبق ل"الطيب"، الذي تخصص له وزارة الداخلية حراس شخصيين، أن تلقى تهديدات بالقتل.