هنأ البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية المصريين بالعام الجديد، قائلا: أهنئ كل الشعب المصري وإخوتنا المسلمين، ونصلي من أجل هدوء البلاد، وأن تقوم من هذه الكبوة وتنطلق نحو الخير والسلام. وأضاف خلال عظته الأسبوعية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية: "كما يعز علنا انتقال أسقف السويس الأنبا اغناطيوس إلى السماء، ونقدم التعزية لشعب السويس والكنيسة والآباء الكهنة وكل من خدموا معه، مشيرا إلى أنه خدم بالإبراشية حوالي 36 عاما خدمة مباركة وحمل المرض فترة، ثم أرادت إرادة الله أن ينتقل بعد هذه الخدمة. وتحدث في بداية العام عن مفهوم السعادة، قائلا: في بداية عام جديد أريد أن أحدثكم عن السعادة التي يبحث عنها الجميع يتفقون على طلبها، ولكن يختلفون على تعريفها، لو سألت كل واحد ما السعادة سيجيب كل أحد بشكل مختلف، ولكن كلنا نريد أن نعيش السعادة على كافة المستويات: الفرد، الأسرة البلد، العالم، حتى إننا نخاطب البعض في مناصب معينة، ونقول: صاحب السعادة. وتساءل: هل السعادة في مركز مرموق؟ عفة اللسان؟ سلطة؟ ثروة؟ حتى إن غاندي حكيم الهند قال: "إننا جميعا نبحث عن السعادة وهي بين أيدينا كما يبحث المرء عن نظارته وهي معلقة فوق أنفه"، موضحا أن السعادة أمنية غالية في حياتنا كبشر، والله قال: "جئت ليكون لهم حياة وليكون لكم أفضل"، موضحا أن كلمة أفضل هنا تعني "السعادة" التي يبحث عنها الإنسان. وشرح البابا كلمة سعادة من خلال حروفها: قائلا: إنها كلمة تتكون من 5 حروف، ودائما رقم 5 في اللغة العربية يعني قبضة اليد أي منظومة عمل متكاملة وشاملة، وفي الكتاب المقدس جاءت أمور كثيرة في شكل الخماسيات، وبدأ بحرف ال"س" مفسرا إياه بأنه "سماء" مؤكدا: السعاة لا تبدأ من الأرض بل من السماء، لأنك مخلوق إلهي وفيك نفخة ونسمة حياة من الله وأنت أيها الإنسان تاج الخليقة وقمة الكون، لذلك لا يمكن أن يحصل الإنسان على السعادة إلا إذا ابتدأ بنقطة سماوية من عند الله، فعندما تكون هناك علاقة قوية للإنسان بالسماء ومتصل بها، يجد حياته كلها سعادة. ولفت إلى أنه عندما يذهب الإنسان إلى البحر ويشعر بانسياب المياه، أو في الريف وسط الحقول الخضراء المتحدة بالسماء، أو البرية التي لا توجد بها مبانٍ بل متصلة بالسماء فإنها كلها أمور تجعله سعيدا، مضيفا: لذلك لابد وأن يذهب الإنسان لأماكن تكون فيها السماء مفتوحة أمامه، ويقف يصلي ويسترخي ويستريح. واستطرد قائلا: حرف "العين": تعبير عن العطاء، فالسعادة ليست في الأخذ أبدا، لكنها دائما في العطاء مستشهدا بالآية في الكتاب المقدس: "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ"، مفسرا إياها بأن الغبطة هي السعادة. وأوضح أن الإنسان عندما يقدم من المنح والعطايا التي أعطاها الله له سيشعر بالسعادة، وقال: إذا نظرنا للجريمة في العالم والاعتداءت كلها تدور حول كلمة واحدة وهي "الذات" و"الأنا" أمان أما إذا نظر الإنسان إلى الاّخر فسيختلف، وأوضح أن السيد المسيح قال، "إذا أراد أحد أن يكون أولا.. فيكون آخر الكل وخادما للكل"، أما الحرف الرابع "د" "دموع " مثل دموع الفرح، وتعني التعب، فالسعادة لا تأتي للإنسان وهو كسلان فيجب العمل والتعب لأجله، مثل الأب والأم اللذين يجتهدان في خدمة أبنائهما. وشدد البابا على أنه لا يمكن أن يحصل الإنسان الواقع في الخطية على السعادة، مثل الإنسان الذي يتعاطى مخدرات لا يمكن يشعر بسعادة الإنسان العادي، وفي سِفر الأمثال: "النفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مُر حلو"، فكل المواد التي تدخل في الإدمان بدون استثناء فيها مرارة كيماويا ولكن لأن النفس جائعة فحين تأخذ جزءا من هذه المخدرات تشعر أن كل مُر حلو، والدموع معناها لابد من التعب فالذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج، "الهاء": تعني الهناء والرضا الداخلي والاكتفائية، وحين تسأل هذا الإنسان المكتفي ماذا تريد؟ يقول لا أريد شيئا. واختتم العظة بقول القديس اغسطينوس: "بحثت كثيرا عنك أيها الجمال الغير المدرك، وأخيرا.. وجدتك في قلبى"، وطالب البابا مع بداية العام الجديد أن يجتهد الإنسان في هذه المنظومة وأن يجتهد فيما يسعد الاّخرين، وبحسب أمانتك سيعطيك الله وتعيش وأعلن البابا أن الأربعاء المقبل هو ثاني يوم عيد الميلاد وستلغي العظة، لتواجده بالدير، وسيتوقف الاجتماع الأربعاء الذي يليه بسبب مواعيد الاستفتاء، وقال: إننا نشجع المصريين بالمشاركة فيه لأنه خطوة أساسية في منظومة إيجابية.