أخبار مصر: أول صور للضحايا المصريين بعد مقتلهم بالمكسيك، حقيقة وفاة جورج قرداحي بقصف إسرائيلي، قفزة بسعر الفول وعودة جنون السكر    "زلازل سماوية" تحدث في جميع أنحاء العالم تحير العلماء    8 شهداء فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات    حالة الطرق اليوم، اعرف الحركة المرورية بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    أسعار اللحوم والدواجن بسوق العبور اليوم 5 أكتوبر    الجيش السوداني يغير معادلة الحرب.. وترحيب شعبي بتقدم القوات في الخرطوم    بفعل الهجمات الإسرائيلية.. الصحة العالمية: لبنان يواجه أزمة    «مبقاش ليك دور».. هجوم ناري من لاعب الزمالك السابق على شيكابالا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 5 أكتوبر    حالة الطقس في مصر ليوم السبت 5 أكتوبر 2024: تحذيرات من الأرصاد الجوية    حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي نتيجة الغارات الإسرائيلية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    مباراة الزمالك وبيراميدز بكأس السوبر المصري.. الموعد والقنوات الناقلة    ابنتي تنتظر اتصاله يوميا، عارضة أزياء تطارد نيمار بقضية "إثبات أبوة"    بعد عودة تطبيق إنستا باي للعمل.. خبير مصرفي يكشف سبب التحديثات الجديدة    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    تشكيل الهلال ضد الأهلي في الدوري السعودي    28.4 مليار جنيه قيمة أرصدة التمويل العقارى للشركات بنهاية يوليو    إطلاق مشروع رأس الحكمة.. بوادر الخير    حريق فى عمارة سكنية بدمياط والحماية المدنية تكثف جهودها للسيطرة    اليوم.. محاكمة إمام عاشور في الاعتداء على فرد أمن بالشيخ زايد    تعرف على مواعيد قطارات الصعيد على خطوط السكة الحديد    ضبط المتهم بالاستعراض بسيارة في مدينة 15 مايو    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    بلومبيرغ: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار على الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    رئيس شعبة الدواجن: مشكلة ارتفاع أسعار البيض ترجع إلى المغالاة في هامش الربح    ترامب يطالب اسرائيل بالقضاء على المواقع النووية الإيرانية    سهر الصايغ "للفجر": بحب المغامرة وأحس إني مش هقدر أعمل الدور...نفسي أقدم دور عن ذوي الاحتياجات الخاصة    عاجل - حقيقة تحديث « فيسبوك» الجديد.. هل يمكن فعلًا معرفة من زار بروفايلك؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    بعد تعطله.. رسالة هامة من انستاباي لعملائه وموعد عودة التطبيق للعمل    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ليلة القدر.. «جبريل» يدعو والمصلون وراءه: «اللهم ارحم شهداء سيناء.. اللهم ثبت رئيسنا .. اللهم زلزل الأرض من تحت بشار»
خادم المسجد: يا جماعة هنا مفيش آلهة.. اللى جاى لربنا أهلاً بيه خلونا ننول ثواب اليوم
نشر في الوطن يوم 16 - 08 - 2012

ليلة واحدة تنحنى فيها القامات سجودا، وترتفع فيها الأكف دعاء، وتنهال فيها الدموع خشوعا، وتعظم فيها الآمال، ويكثر فيها الرجاء، يشتاق المسلم إلى يوم الدعاء، ويبكى بحرقة لفراق شهر الكرم والعفو.
داخل محطة مترو «أنور السادات» يتجمعون، فى اتجاه واحد «محطة مارجرجس» وقبل موعد مدفع الإفطار بساعة يتزايدون، كلُ يمسك عُدته فى يديه، الأطفال يقبضون بأيديهم على أكياس العرقسوس والتمر هندى، بينما كبار السن والعجزة يحملون كراسى خشبية صغيرة سهلة الفك والتركيب حتى تُعينهم على مشقة الصلاة.. «لله در الأيام الخوالى ولله در السراج المنير صلى الله عليه وسلم والصحب المبجل».. كلمات الشيخ محمد رفعت تتردد من خلال ميكروفون المسجد الكبير «عمرو بن العاص»، الباعة الجائلون يحيطون المسجد فى اليوم الذى ينتظرونه من العام للعام، «إزازة مياه يا باشا.. عصير يا أمورة...»، يتجاهلهم المارة الذين أخذوا حذرهم واشتروا بضاعتهم فور خروجهم من البيت حتى لا يكونوا كبش فداء لاستغلال هؤلاء البائعين، «أحمد عبدالفتاح» شاب فى منتصف الثلاثينات يقول: «المياه هنا ب 4 جنيهات.. طب ليه.. المفروض الناس تستغل يوم زى ده وتعمل خير مش تستغل الغير»، ثوان قليلة وتجد بعض السيدات يوزعن «السوبيا والتمر والعصائر» على الوافدات مجاناً، يرفضن إعطاء الرجال: «إحنا بنوزع على الستات بس.. أما بالنسبة للرجالة فهتلاقوا قدام شوية ناس هيدوكم».. المساحة المُحيطة بالجامع محجوزة من قبل مُصلين جاءوا بعد صلاة العصر حتى يقتنصوا مكاناً لهم يتخلل الناس فى الناس ويتهامسون بكلمات ربانية جليلة: «لا إله إلا الله.. محمد رسول الله.. اللهم استجب لدعائنا فى تلك الليلة المباركة.. ليلة القدر».
فلاشات الكاميرات تضوى فى المكان صادرة من عدسات المصورين الأجانب الذين استغلوا ذلك اليوم لتوثيق الحدث، يقبع الأطفال أمام تلك العدسات الزجاجية مبتسمين غير مبالين بالمارة، تتشارك الضحكات وتتمازج، بينما يراقب الوضع الوافدون على ساحة المسجد وسكان المنطقة من شرفاتهم سعداء بضيوف الرحمن.. لافتات دعائية لأحد الأحزاب الدينية وبقايا دعاية لانتخابات البرلمان السابقة، تُزين المنطقة المحيطة بالمسجد، تتخللها زينة رمضان الشعبية، وسيارات للشرطة تحاول تأمين المكان، بينما يفتح المُصلون أمتعتهم لتجهيز طعام الإفطار، دقائق ويحين موعد أذان المغرب، يتساءل أحد الجالسين «هو الشيخ جبريل هيصلى بينا المغرب»، فيرد صديق له يبدو أنه صاحب خبرة بالمكان: «لأ هو بيصلى العشاء والتراويح بس المشكلة فى الزحمة اللى بتحصل حواليه».
يطوف بجلبابه الأبيض وسط المُصلين، الناس يعرفونه شكلا، منذ 12 سنة وهو على عادته، يوزع ما أفاض الله عليه من خير، لا يعرف أسماء الناس ولكنه يحفظ قسمات وجوههم بحكم العشرة: «كل ليلة 27 رمضان لازم أكون هنا أوزع اللى ربنا يقدرنى عليه»، عم «محمد» كما ينادونه ليس أحد الأثرياء لكنه صاحب فرشة للشاى ببولاق الدكرور غير أنه مع وصول اليوم الخامس عشر للشهر الكريم يبدأ فى جمع العدة، يحتجز نصيباً من قوت يومه، فيبدأ فى تحويشها ثم يشترى الفاكهة والفول السودانى والحلوى والتمر والمهلبية... «كفاية عليّا نظرة السعادة اللى بشوفها فى وشوش الناس»، رغم الكم الهائل من الأطعمة التى أحضرها لا يأكل منها شيئاً، إذ يستعين على مهمته ببعض اللقيمات يحصل عليها من المُصلين أيضاً أثناء توزيعه الأطعمة عليهم. الباب الرئيسى للمسجد يعلوه كشافان مظلمان، وعلى يمين الباب سيارة للمطافئ عرفت طريقها للمكان مع بداية العشر الأواخر من شهر القيام، «عماد» شاب ثلاثينى يقبع داخل كابينة السيارة يتخذ منها مُصلى له ويدعو الله أن يمر اليوم بسلام، فأهم ما يبغيه أن ينال رضا الخالق، يعلو خلفه صوت الفتاة، محجبة ترتدى تى شيرت كتب عليه «مليونية الخير»، «هدى» هى الأمين العام لجمعية خيرية تقبض بيمينها على مجلد ورقى به إيصالات قيمة الواحد منه جنيه، يمثل الوجود فى مسجد «عمرو» للفتاة العشرينية فرصة جيدة للتواصل مع أكبر عدد من الناس، فجمعيتها ترعى نحو 120 أسرة فى الدويقة والعشوائيات وتحاول مساعدة أصحاب المشروعات الصغيرة.
«أحمد» أحد المُصلين ترك مسجد النور بالعباسية ليلة 27 رمضان ليحييها فى مسجد «عمرو بن العاص» فإمام جامع النور قد أخبره أن ختم القرآن سيكون فى ليلة 29 على غير العادة وبرر ذلك: «وزير الأوقاف صلى يومين بأجزاء بسيطة، أبطأت من خطتهم لختم القرآن ليلة 27» غير أنه ظل يتواصل مع أصدقائه من المُصلين هناك الذين أخبروه بدورهم أن مسجد النور يشهد زحاما بُحكم العادة فى ليلة القدر فما يهم الناس هو الدعاء وليس ختم القرآن وحده.
سيل من الفاكهة يسقط على المصلين، عم «محمد» لا يتوقف عن قذف «الخيرات» على رؤوس الأشهاد، «شاى ومياه ساقعة يا شيخ» يهتف بها أحد الصبية حاملاً صندوقا بلاستيكيا يطوف به بين صفوف المُصلين، أصوات لغط ينقلها ميكروفون المسجد، يردد حينها الموجودون بالساحة الخارجية أن ذلك سببه حضور الشيخ محمد جبريل «إمام المصلين»، تظل الأصوات على الوتيرة نفسها حتى يؤذن بصلاة العشاء، فتهدأ النفوس وتخفت الأصوات.
عقب صلاة العشاء زالت الممرات التى كانت تفصل بين النساء والرجال، تصلى أسر كاملة (الأب والأم وأبناؤهما) متجاورين، تقطع النساء والفتيات صلاة الرجال بالمرور أمامهم فى محاولة للحاق بمكان.. تبتعد السياسة ولا يتذكر المصلون إلا الثواب والدعاء، لهذا جاءوا، لكن إعلان إمام المسجد أن الشيخ محمد حسان لن يؤم المصلين فى صلاة التهجد لتأديته مناسك العمرة، أعادهم إلى السياسة مرة أخرى، تبادر إلى الأذهان زيارة الرئيس محمد مرسى إلى الأراضى المقدسة، فتحولت الفترة ما بين العشاء والتراويح إلى ساحة للجدال بين المُصلين أحدهم وصف قرارات «مرسى» الأخيرة: «عامل زى السادات بالظبط كده بقى رئيس بحق وحقيقى»، بينما يستنكر أحدهم التنظيم السيئ لهذا اليوم، ويشكو رجل مُسن من قلة الإنارة بسبب عدم إضاءة كافة الكشافات المحيطة بالمسجد.
(يا جماعة هنا مفيش آلهة .. اللى جاى لربنا أهلا بيه.. خلونا ننول ثواب اليوم) صوت خادم المسجد مُعقباً على حالة اللغط التى أحدثها التدافع داخل ساحة المسجد لمحاولة الوقوف فى الصف الأول خلف «الشيخ جبريل» بدأت الصلاة فساد المكان صمت القبور، إلا من صوت جبريل مرتلا للقرآن، تمر الأربع ركعات الأولى فيناشد خطيب المسجد الجموع بالتبرع بالدم والتصدق من أجل اليتيمات، حينها تمر بنات صغيرات يحملن صناديق خشبية مكتوبا عليها «تبرعوا لمسجد عمرو بن العاص»، يستأنف الشيخ الصلاة حتى يصل إلى ركعة الوتر التى ينتظرها الجميع، حيث دعاء الشيخ بصوته الجلى من الألف إلى الياء يدعو الله، يجهش البعض بالبكاء بينما ينهنه الآخرون كالأطفال، وبين هذا وذاك يعلو صوت الشيخ بدعاء (اللهم زلزل الأرض من تحت بشار.. اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك) يرج المكان ويرد المُصلون بحرقة (آمين)، يهدأ المُصلون فيما يجهش جبريل بالبكاء حال الدعاء بالرحمة على شهداء سيناء، يتوقف عن الدعاء للحظات تتبعها دموع المصلين، يُنهى الشيخ دعاءه للرئيس بالثبات والحفظ من الحقد والحسد وإصلاح الفساد الذى طغى فى البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.