قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن رفض الدستور وعدم تمريره سيؤدي إلى عودة الإخوان باسم الشرعية، مهما كانت خسائر ذلك الأمر على الجماعة والدولة والأفراد، وهو خيار لم يعد له عند الشعب المصري "احتمال"، وأمر يتأكد يومًا بعد يوم بالأحداث الدامية التي تدفع تنظيم الإخوان شبابها ومَن وافقهم، إليها. وأضاف في بيان: "يؤدي رفض الدستور إلى خيار آخر غير مستحب، وهو استمرار الاضطراب والانقسام المجتمعي الذي يريده أعداء الأمة لتحقيق أهداف الفوضى الخلاقة، لأغراضهم طبعًا لا لخير الأمة، حتى تصل البلاد إلى الانهيار الاقتصادي الذي يؤدي إلى انهيار الدولة والاحتراب الداخلي الذي يسقط معه ملايين الضحايا وتجري الدماء أنهارًا، وللأسف هو خيار لا مانع منه عند بعض مَن يتسمون بالإسلاميين، وهو نابع من تكفير المجتمع الذي لا يستحق عندهم مراعاة حرمة دم أو عرض أو مال". واستطرد: "وقد يؤدي رفض الدستور إلى أن تحاصر مصر اقتصاديًّا ويتم التدخل الأجنبي، عسكريًّا أو سياسيًّا أو اقتصاديًّا، ليفرض على الضعفاء المفترقين كل ما يريد من شروط ليكون المنتصر فيهم أضعف ما يكون لا يستطيع إلا الرضوخ لشروطهم التي لا تحقق إلا مصلحة العدو، ويتأكد ذلك بانقسام القوات المسلحة، وانتهاء وجود الجيش المصري آخر الجيوش العربية في مواجهة دولة الاحتلال الإسرائيلي، وعند ذلك لن يقف الأمر على مصر، بل ستنهار كل دول المنطقة ويعاد تقسيمها من جديد، لإيجاد الشرق الأوسط الجديد الذي تحتل فيه دولة الكيان الصهيوني ثم إيران بمسافة طويلة موضع الصدارة في اتخاذ القرار في كل شئونه". وتابع: "وأما الخيارات الأخرى: فاستمرار الحال بالإعلانات الدستورية التي لا تمكِّن مِن بناء مؤسسات للدولة، أو بالعودة إلى دستور71، على كل ما فيه من نقص وتضييع لأية مكاسب اكتسبتها البلاد نحو التوجه الإسلامي للمجتمع الذي يتعرض اليوم لأعظم المخاطر بسبب الممارسات الخاطئة والقرارات الخرقاء، والفتاوى التي لا تنظر إلا بعين واحدة، وبتر للنصوص، وخطأ في التقدير، أو ندخل في دوامة (لجنة جديدة) لن يجد الإسلاميون فيها ولو مقعدًا واحدًا يعبِّر عنهم؛ إذ هم على كثرتهم لا يمثلون رقمًا واحدًا مؤثرًا في معادلة صعبة، صعب حلها، وإذا كان بعض المشايخ الأفاضل قد أفتى في شأن دستور 2012، بأنه حتى ولو كان فيه كفر فقد تكون الموافقة عليه مشروعة بدفع كفرٍ أشد، ومفسدٍة أشد، مع أننا لا نوافق في المسألتين، وهما: وجود الكفر في دستور 2012، والثانية: جواز الموافقة على ما يتضمن الكفر "فالدستور السابق لم يتضمن كفرًا، بحمد الله، ولن نحتاج، إن شاء الله، للموافقة على ما فيه كفر، وإن كان الأمر، بعد المراجعة لهذا الفاضل، راجعًا إلى عدم قراءة الدستور، أو إلى عدم فهم مواده في ضوء تقييد مواده ببعضها كما هو الحال في التعديلات الدستورية الحالية في دستور2013، فإنه لا يتضمن كفرًا كما زعم مَن زعم باطلاً وزورًا، وإن اتهم حزب النور بأنه حزب الزور والخيانة والعمالة، وهو من باب: رمتني بدائها وانسلت!". وأشار برهامي إلى أن من يحكمون أو يفتون برفض الدستور عليهم قبل إصدار توجيه أو حكم، أو فتوى في مسألة عامة كمسألة التصويت على الدستور، تمس حياة الأمة أن تكون لديه الموازنات الشرعية، ليس فقط معرفة الحسنات من السيئات، والمصالح من المفاسد، ويلزمهم أن يكون على معرفة بالواقع بحقائق من مصادر معلومات بلا أوهام يستطيع بها معرفة تقييم الأشخاص والهيئات والجماعات، واتجاهات الدول والحكومات والأنظمة؛ ليعرف بذلك المآلات الراجحة والمرجوحة، والغالبة على الظن والمتوهمة، ليتخذ القرار الصحيح المبني على العلم لا على الظن، كما لايجوز لمتكلم في مثل هذه المسائل أن تكون أمامه مصادر للمعلومات سواء منها الشرعية أو الواقعية، ثم يعرضون عنها ويكتفون بأدنى الظن في الأمور الشرعية، وأكذب الحديث في الأمور الواقعية باسم الاجتهاد، فيتسرع في الفتوى والحكم على المسائل والأشخاص والهيئات دون أن يحسب أدق الحسابات فيما يمكن أن تتعرض له الأزمة، وخاصة أهلها ومستقبلها. وأهاب "برهامي" بالدعاة وأهل العلم، داخل مصر وخارجها، أن ينظروا للدستور بعين العدل والإنصاف والكيل بنفس المكيال لا بمكيالين، وأن يسمعوا ممن باشر وعانى وسهر، وتعب غاية التعب حتى وصل إلى هذه النتيجة التي لا تخطئها إلا عين ظالمة أو غير مبصرة، لافتا إلى أن الموافقة على هذا الدستور ب"نعم" هو أفضل البدائل للشعب في هذه الظروف. وقال: "إذا كان بعض المشايخ، أفتى بذلك في ظل أغلبية للإسلاميين ورئاسة تنتمي لهم، وقبول واسع في الشارع دل عليه نتيجة الاستفتاء؛ فكيف لا يقبل البعض مثل هذا الاجتهاد في ظل ظروف هي أصعب بكثير، بل بكثير جدًّا؟! لو أمكن فيها إيقاف نزيف الخسائر لكان هذا نصرًا عظيمًا، فكيف لا يُقبل مثل هذا الاجتهاد، وليس في الدستور الجديد كفر بحمد الله؟! وكل العبارات المحتملة يجب دستوريًّا تفسيرها في ضوء النصوص الصريحة لمرجعية الشريعة".