أكّدت الصين، اليوم، أنها ستواصل دعمها لمشروع "الممرّ الاقتصادي الصينيالباكستاني" الرامي لتطوير البنية التحتيّة في باكستان، وذلك إثر استقبال رئيس وزرائها لي كيكيانغ، لنظيره الباكستاني عمران خان، الذي يسعى للحصول على مساعدات واستثمارات من ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم. ويأتي الموقف الصيني بعد أن سادت مخاوف من أن تدفع الأزمة المالية التي تعاني منها إسلام آباد، بكين، إلى تقليص مشاريعها في البلاد حيث تساهم في بناء "الممرّ الاقتصادي الصينيالباكستاني"، وهو مشروع يهدف إلى تعزيز الروابط في مجالي الطاقة والمواصلات بين منطقة شينجيانغ في غرب الصين وبحر العرب عبر باكستان. وتُعدّ الصين مستثمراً رئيسياً في باكستان حيث يعمل البلدان على تنفيذ المشروع الذي تناهز قيمته 50 مليار دولار وتموّله بكين جزئياً، ويدخل في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جينبينغ كبرنامج دولي طموح مرتبط بالتجارة والبنى التحتيّة. ولقيت المبادرة ترحيبا دوليا وانتقادات على السواء، وفي حين اعتبر البعض أنها تسد نقصا حادا في التمويل في العالم النامي، اعتبر آخرون أن القروض الصينية قد يكون الهدف منها إغراق الدول التي تتلقاها بالديون. وتعرّضت مشاريع "الحزام والطريق" لانتقادات حادة في باكستان بسبب غموض شروط الإقراض، وقد اعتبر البعض أن سخاء بكين قد يفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها إسلام آباد. واليوم قلّلت باكستانوالصين من شأن تلك الإنتقادات والمخاوف، واعتبرتا أن المشروع جزء أساسي من خطط إنعاش الاقتصاد الباكستاني. وخلال لقائه لي، دعا خان نظيره الصيني لزيارة باكستان، ليشهد بنفسه التغيير الذي أحدثه المشروع الضخم على الأرض. وقال خان: "في العام 2013 كان الممرّ الاقتصادي الصينيالباكستاني مجرّد فكرة. أما الآن فهو واقع". وأضاف: "نشعر أن هذه فرصة رائعة لتتقدّم بلادنا وتجذب الاستثمارات"، مشيراً إلى أنّ المشروع "يمنحنا فرصة لرفع مستوى معيشتنا ومعدّل النمو". من جهته أثنى لي على العلاقات مع إسلام آباد، وقال إن "الصينوباكستان شريكتان في كل الظروف". وأكّد رئيس الوزراء الصيني أنّ "باكستان لطالما اعتُبرت أولوية بالنسبة للسياسة الخارجية الصينية". وبعد محادثاتهما أشرف خان ولي على توقيع 16 اتّفاق تعاون، بحسب مساعد وزير الخارجية الصيني كونغ تشوانيو الذي قال إن البلدين "سيمضيان قدما بثبات في تنفيذ مشروع الممرّ الاقتصادي الصينيالباكستاني مع ضمان سلاسة تشغيل المشاريع المنجزة، وتقدّم المشاريع الجارية". ولم يقدّم المسؤولون سوى قائمة عامة بالإتفاقات الموقّعة، والتي بدت سياسية أكثر منها إقتصادية. ولدى سؤاله عن التعاون المستقبلي في مجال البنى التحتية قال كونغ إن "عدد مشاريع الممرّ الاقتصادي الصينيالباكستاني لم يتغيّر"، مضيفا أن "أي تغيير قد يطرأ سيكون زيادة في المشاريع" وليس نقصانا. وقال كونغ، إن "الممر الاقتصادي الصينيالباكستاني سيتمدد إلى مناطق إضافية من باكستان"، مشددا على أن المشروع سيسهم في تحسين حياة السكان. ويأتي اجتماع خان ولي السبت غداة لقاء عقده رئيس وزراء باكستان مع الرئيس الصيني شرح خلاله بطل الكريكيت السابق المشاكل المالية التي تعاني منها بلاده وقال إن الاقتصاد الباكستاني "في أدنى مستوياته". ومنذ وصوله إلى السلطة في أغسطس، سعى خان للحصول على قروض من دول "صديقة" على غرار السعودية وتعهّد أيضاً باسترجاع الأموال المسروقة من قبل مسؤولين فاسدين بينما طبّق اجراءات تقشّف لجمع الأموال. وكان خان قال قبل سفره إلى الصين، إنّه يسعى للحصول على مساعدات مالية من دولتين لم يسمّهما، بعدما ضمنت باكستان الحصول على تمويل بقيمة ستة مليارات دولار من السعودية. ودخلت إسلام آباد كذلك في محادثات مع صندوق النقد الدولي، بشأن خطّة إنقاذ محتملة في وقت تعاني فيه من أزمة في ميزان المدفوعات وعجز في حسابها الجاري. ولجأت باكستان مراراً إلى صندوق النقد الدولي منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي. وكانت المرة الأخيرة عام 2013 عندما حصلت إسلام أباد على قرض بقيمة 6,6 مليار دولار للتعامل مع أزمة مشابهة.