أخبار مصر اليوم: مدبولي يكلف بإحياء مسار خروج بني إسرائيل ضمن مشروع التجلي الأعظم.. وظائف جديدة بمصنع الصلب في الجيزة    لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    توقيع اتفاقية تعاون لتطوير حلول رقمية مبتكرة فى مجال الرعاية الصحية باستخدام الذكاء الاصطناعى    " المشاط " تلتقي وزيرة الاقتصاد والتخطيط التونسية ومدير عام صندوق الأوبك للتنمية الدولية    محافظ الغربية يتابع أعمال رصف وتطوير شارع عمر زعفان في بسيون    يمنيون ينظمون فعالية تضامنية مع غزة على متن سفينة إسرائيلية محتجزة    الاتحاد الأوروبي ينتقد مناورات الصين واسعة النطاق قبالة تايوان    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الفيتو الأمريكي الحاجز الوحيد أمام حصولنا على العضوية الكاملة    لاعب الترجي: سنعود لتونس بلقب دوري أبطال أفريقيا    الأرصاد تكشف مفاجأة عن الموجات الحرارية خلال صيف 2024 (فيديو)    العثور على جثة متحللة لمسن في بورسعيد    صبا مبارك تخطف الأنظار على السجادة الحمراء في مهرجان كان    أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد ظهوره الغريب في عرض فيلم بنقدر ظروفك    دنيا سمير غانم «روكي الغلابة» وتتحدى بالبطولة السينمائية في مواجهة تايسون    الوجودية واختياراتنا في الحياة في عرض «سبع ليالي» ب مهرجان نوادي المسرح    "الصحة": اختتام ورشة عمل "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" بشرم الشيخ    قرار قضائي جديد بشأن التحقيقات مع سائق «ميكروباص» معدية أبو غالب (القصة كاملة)    طلاب يتضامنون مع غزة من على متن سفينة إسرائيلية يحتجزها الحوثيون    عبير فؤاد تحذر مواليد 5 أبراج في شهر يونيو: أزمات مهنية ومشكلات عاطفية    انقطاع التيار الكهربائى عن بعض أقسام مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح    محمد نور: خطة مجابهة التضليل تعتمد على 3 محاور    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    وزير النقل خلال زيارته لمصانع شركة كاف الإسبانية: تحديث وتطوير 22 قطارًا بالخط الأول للمترو    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    الجودو المصري يحجز مقعدين في أولمبياد باريس 2024    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    فيديو.. ابنة قاسم سليماني تقدم خاتم والدها ليدفن مع جثمان وزير الخارجية الإيراني    رئيس الوزراء يتابع مشروعات تطوير موقع التجلي الأعظم بسانت كاترين    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ أسيوط يناشد المواطنين بالمشاركة في مبادرة المشروعات الخضراء الذكية    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    حماس: معبر رفح كان وسيبقى معبرا فلسطينيا مصريا.. والاحتلال يتحمل مسئولية إغلاقه    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ.. محاولة فهم
نشر في الوطن يوم 11 - 12 - 2013

لعل نجيب محفوظ هو أحد أكثر الأدباء إثارة للجدل حتى بعد وفاته، فلا زال يحظى أدبه بهذه الشعبية الجارفة لاحتوائه على العديد والعديد من علامات الاستفهام التي تجعلنا نتفكر ونتوقف عندها.
وبالتأكيد فإننا يجب أن نشكر مقالات العقاد وطه حسين التي جعلت محفوظ الشاب يعدل عن قراره بالتخصص في الفلسفة الإسلامية ويتوجه إلى احتراف الأدب وكتابته.
يدين محفوظ بأدبه إلى وظيفته الحكومية الرتيبة التي جعلت حياته شبه منظمة فيقول عن هذا الأمر: "نعم أنا منظم، والسبب في ذلك بسيط، لقد عشت عمري كموظف، وأديب، ولو لم أكن موظفًا لما اتخذت النظام بعين الاعتبار، كنت فعلت ما أشاء وفي أي ساعة أشاء، لكنني في هذه الحالة كان علي الاستيقاظ في ساعة معينة، وأكون في الوظيفة في ساعة معينة، ويبقي لي في اليوم عدد ساعات معينة، فإن لم أنظم اليوم فسأفقد السيطرة عليه، لقد عودت نفسي علي عدد ساعات معينة للكتابة، في البداية كانت روحي تستجيب أحيانًا وأحيانًا لا لكنني مع الزمن اعتدت ذلك، إنني أكتب عادة عند الغروب، ولا أذكر أنني كتبت أكثر من ثلاث ساعات، في المتوسط أكتب لمدة ساعتين، أشرب في اليوم الواحد خمسة فناجين قهوة وأسهر حتى الثانية عشر ليلاً وأكتفي بخمس ساعات نوم".
سمات التنبؤ في أدب محفوظ:
على مر حياة محفوظ العامرة والتي شهدت الكثير من التغيرات في خريطة مصر السياسية، كان أدبه عامرًا بالكثير من التحذيرات ومظاهر التمرد بخلاف آرائه الشخصية، فنجده يحذر من السقوط والانهيار في روايات عدة مثل "ثرثرة فوق النيل"، "ميرامار"، "اللص والكلاب".
كل السلبيات التي حذر محفوظ من انتشارها في رواياته كانت أهم الأسباب في نكسة يونيو 67، وعلى مر العصور نجد كثير من الأدباء لديهم هذه الشفافية تجاه المستقبل فنجدها في شعر أمل دنقل وغيرهما من الأدباء الذين تنبأوا بالكثير من الأحداث.
يقول محفوظ عن هذه النقطة: "الثورة عند الأديب تبدأ في قلبه أولاً، وفي تفاعله مع الناس ثانيًا، تبدأ في إحساسه الطبيعي بالتبؤ الذي أعتقد أنه لا يوجد فنان يستحق هذا الاسم خال منه، لأن الفنان الأصيل كالحيوانات والعصافير والفيلة والنسور التي عندما تحس بخطر محدق تصدر أصواتا معينة معلنة للملأ أن خطرًا ما آت، والفنان إن لم يكن عنده هذه القدرة من الإحساس الذي يجعل أدبه في مستوي النبوءة متضمنًا دعوة إلى هذا الاتجاه أو غيره فإن أجهزته معطله أو مختلة، إن الفنان في الحقيقة لا يتنبأ إنما يحس الرؤيا.. رؤيا الواقع".
من الملاحظ أن أدب محفوظ يعج بصوت الثورة والكثير من سمات الثورة المعهودة في أي أدب واعي يرفض الظلم وينطق بالواقع، إلا أن آراء محفوظ السياسية كانت شبه معدومة ولم يكن له موقف سياسي واضح في حياته. وحينما سأله الأديب جمال الغيطاني عن التناقض ما بين أدب نجيب محفوظ وأدبه قال: "صدق العمل الفني".
ولخص محفوظ بهذه الإجابة رأيه الكامل، فهو يترك لنفسه العنان في لحظة الكتابة التي هي أقرب للحظة تجلي، معلنًا عن موقفه السياسي بالكامل الرافض للديكتاتورية والظلم بكافة أشكاله الرافض للفساد والمهاجم له كما في العديد من روياته مثل "اللص والكلاب"، "الكرنك"، "الطريق" وغيرها.
مراحل تطور الرواية في أدب محفوظ:
مرت الرواية في أدب محفوظ بالعديد من المراحل فتارة نجد الرواية الفرعونية التاريخية، كما في "رادوبيس"، "كفاح طيبة"، "عبث الأقدار".. ثم انتقل بعدها إلى الرواية الواقعية التي تميزت بها أغلب أعماله كما في "القاهرة الجديدة"، "خان الخليلي"، "زقاق المدق" وغيرها.. خلال هذه المرحلة جرب محفوظ أشكال مختلفة من الكتابة مثل الكتابة الواقعية النفسية المعتمدة على بطل به علة نفسية معينة كما في رواية "السراب". وفي النهاية اتجه محفوظ إلى الكتابة الرمزية كما فعل في ملحمة "أولاد حارتنا" و"الحرافيش"، انتهاء إلى المرحلة المتصوفة كما في "أصداء السيرة الذاتية" و"أحلام فترة النقاهة".
منعطف تاريخي.. أولاد حارتنا:
في عام 1959 ظهرت لأول مرة رواية "أولاد حارتنا" مسلسلة في جريدة الأهرام، ومن هنا بدأت الضجة الكبرى في تاريخ محفوظ والتي لم تنته حتى اليوم. ولعل التفسيرات المباشرة للرموز الدينية في هذه الرواية هي ما أوصلتها لهذه المرحلة الخطرة وأصبحت منعطفا تاريخيا أول في حياة محفوظ، فالتفسيرات المنطقية لرموز مثل "الجبلاوي"، "أدهم"، "إدريس"، "جبل"، "رفاعة"، "قاسم" وحتى "عرفة" لها دلالات دينية واضحة علي الرموز الدينية في الثقافات المختلفة وأهمها الثقافة الإسلامية، لذا كانت الرواية صدمة عقائدية واضحة، خاصة في موت رمز الإله المتمثل في "الجبلاوي" علي يد أحد أحفاده الذي يمثل العلم والمعرفة.
الطريف في الأمر أن محاولات محفوظ لمحاكاة قصص الأنبياء موسى وعيسى ومحمد كانت ساذجة وغير موفقه إلى حد كبير لذا كانت الرواية مترهلة في منتصفها بشكل كبير بينما كانت محكمة في طرفيها خاصة قصتي "أدهم" التي تضاهي قصة آدم وقصة "عرفة" والتي هي من خيال محفوظ.. والسبب في هذا هي جزالة حكاية آدم أبو البشر المتوارثة والتي تقارب الميثولوجيا كثيرًا مقارنة بغيرها من قصص الأنبياء والتي هي أقرب للسير الشخصية أو الذاتية عن كونها حكايات وقصص.
والذي يمعن التركيز في حكاية عرفة يدرك أن الأمر أكبر من كونه انتصار العلم على الدين في إشارة واضحة بمقتل الدين بسبب جريرة العلم، ولكن عرفة الممثل للعلم كان يهدف إلى خدمة أولاد حارته وهي حركة يباركها الجبلاوي نفسه الذي أراد أن يخدم أولاده ويجعلهم يعتمدون علي أنفسهم طوال عمره.
ولعل الجريرة الأساسية هنا كانت على يد أبناء الجبلاوي المحافظون عليه أنفسهم، أولئك المنادون باسمه الذين يسلبون أولاده رفاهة عيشهم ورغد حياتهم.
والمتابع لأدب محفوظ جيدًا يجد أن هذه الرموز تتكرر بشكل أكثر حنكة في أهم رواياته علي الإطلاق وهي ملحمة "الحرافيش"، فمرة أخرى نجد الرموز نفسها ولكن بصورة أكثر إنسانية، المتمثلة في عاشور الناجي الذي وجدوه طفلاً بجوار التكية دون أب أو أم كأنه يمثل الخلاص والبراءة والقوة الغاشمة، ومرة أخرى نجد إدريس أو فلنقل كما في أحداث الرواية درويش رمز الشر الخالص، قاطع الطريق تارة و صاحب الماخور تارة أخرى.
وقد تراجع محفوظ عن روايته المثيرة للجدل بجملة تحتاج إلى تفكير عميق:
"أردت أن أوضح للناس أمرًا فلم يستوعبوه".
نوبل:
نجيب محفوظ هو الأديب العربي الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل، وقد زاد الاهتمام العالمي بأدب الشرق الأوسط بشكل عام بعد فوزه بهذه الجائزة رفيعة المستوى. وقد حصل محفوظ على الجائزة عن مجمل أعماله مسماة في أربعة روايات كانت "أولاد حارتنا" المثيرة للجدل واحدة منهن.
محاولة اغتياله:
تعرض محفوظ عام 1995 لمحاولة اغتيال بسبب رواية "أولاد حارتنا" فقد تم اتهام محفوظ بعد أن تم نشرها مسلسلة في جريدة الأهرام بالكفر والزندقة، فقام شابين بطعنه في رقبته بسكين وهي الحادثة التي أثرت عليه كثيرا في حياته، وحينما تقرر إعدام الشابين اللذان شاركا في محاولة اغتياله قال محفوظ: "أنا غير حاقد عليهما وأتمنى لو لم يعدما".
ومن هذه الطبيعة الهادئة المتسامحة يمكننا البدء في فك شفرة أدب محفوظ الغارق في الألغاز، فربما لا يحمل الأمر كل هذا التعقيد والتفكير، ربما لو تعاملنا مع أدبه بأبسط الطرق وأرقها لفهمناها دون أرق أو تعب.
إن محفوظ الذي التزم بكلمته مع حسن صبري الخولي، الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ورفض نشر الرواية في مصر إلا بعد موافقة الأزهر عليها، ظل طوال عمره رافضا نشرها في مصر حتى وفاته وبعدها نجحت إحدى دور النشر الكبرى في نشر الرواية "غير الممنوعة".
متفرقات في حياة أديب نوبل:
* سمي نجيب محفوظ على اسم الطبيب الذي قام بعملية ولادته فقد كانت الولادة متعثرة، قامت بعدها والدته بتسميته نجيب محفوظ على اسم طبيب النساء والتوليد الشهير الذي قام بالعملية.
* لولا إصابته المبكرة لما حظينا قط بنجيب محفوظ الأديب ولكننا سنسمع عن لاعب قديم في صفوف نادي المختلط (الزمالك) اسمه نجيب محفوظ، حيث كان ناشئًا بين صفوفه وكان يلعب بمركز خط الوسط.
* حينما ذهب محفوظ بمخطوط روايته "بين القصرين" إلى سعيد السحار ناشره وصاحب "مكتبات مصر" قال له السحار: "إيه الداهية دي"، فأخبره أنها روايته الجديدة وقد كانت مخطوط بخط اليد يزيد عن الألف صفحة، ومن هنا جاء الاقتراح بتقسيمها إلى ثلاثة أجزاء ومن هنا اكتملت الثلاثية ب"قصر الشوق" و"السكرية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.