أكد الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، أن إطلاق مشروع الكتاب المشترك للتاريخ لدول حوض البحر المتوسط إن دل على شيء إنما يدل على الرغبة الملحة لدى دول البحر المتوسط على توطيد العلاقات وتوسيع وتعميق الاتصال بينها، ويؤكد أن البحر المتوسط كان ولا يزال هو وسيلة اتصال بين هذه الشعوب بعضها ببعض من حيث الاشتراك في كثير من العادات والتقاليد وبكل تأكيد في الحضارات والثقافات. جاء ذلك في الكلمة الافتتاحية لمؤتمر "إطلاق مشروع الكتاب المشترك للتاريخ لدول حوض البحر المتوسط" والذي انعقد في مدينة مارسيليا بفرنسا، حيث وجّه الشكر للقائمين على تنفيذ هذا المشروع على ما حققوه كمرحلة أولى للوصول لمحتوى هذا الكتاب، وتمنى لهم التوفيق في إتمام المرحلة الثانية وترجمة الكتاب إلى عدة لغات وأيضًا بدء العمل على تدريب المعلمين ونقل الخبرات للطلاب. وأكد الوزير على سعادة مصر بإقامة هذا المؤتمر بمدينة مرسيليا المدينة العريقة التي تمتد جذور حضارتها لعصور ما قبل التاريخ وعاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2013. وأشار الوزير إلى بعض الأنشطة التي قامت بها مدينة مرسيليا كعاصمة للثقافة هذا العام ومن ضمنها تنظيم احتفال كبير لرائد نهضة مصر الحديثة رفاعة الطهطاوي، بعنوان "رفاعة الطهطاوي مونتسكيو العرب" اعترافًا منها بدور مصر في التطور الفكري التنويري في التعليم ونهضة مصر والعرب من خلال رائد هذا الفكر رفاعة الطهطاوي. وأشار إلى أننا الآن، بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، نسعى جاهدين من خلال تضافر جهود جميع المصريين لكي يعود دور مصر التنويري بالمنطقة لما كان عليه من قبل. وأكد الوزير أن دول البحر المتوسط تملك ثروة بشرية كبيرة ومؤسسات تعليمية عريقة وتملك مقومات علم ذات ريادة وتجارب رائدة يجب علينا أن نستمر في تبادلها وأن نتشارك فيها. ولفت إلى أن هذه الدول شريك مسؤول في المجتمع الإنساني، يدرك مسؤولياته وقادر على تحقيق أهدافه، ولديه رؤية واضحة تجمع بين الجوانب الإنسانية والإصلاحية والتي نبعت من حضارات تلك الدول وبين ضرورات التقدم ومستلزمات الثورة المعرفية والتكنولوجية والعلاقات الدولية المتشابكة في ظل الاقتصاد الحر وحرية التجارة وضراوة المنافسة الدولية في سوق عالمية واحدة. وأشار الوزير الى أنه انطلاقًا من أهمية التعليم في حياة الشعوب ودوره في التنمية والتقارب بينهم يأتي هذا الكتاب المشترك المراد العمل على تعميمه بدول حوض البحر المتوسط "بما فيه من أقسام ثرية بالحضارات المختلفة لهذه الدول منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى التاريخ المعاصر" ليكون بمثابة خطوة بالغة الأهمية في بناء مزيد من جسور التواصل العلمي والثقافي والإنساني بين شعوب دول البحر المتوسط للوصول إلى ما نطمح إليه من تحقيق الحوار والتكامل بين الشعوب والحضارات، لافتًا إلى أن هذا أصبح أمرًا حتميًا تفرضه التطورات الطبيعية لمسيرة البشرية التي تشابكت مصالحها واختلطت منافعها وأصبح مصيرها واحدًا، وهذا يتطلب بالضرورة إيجاد نوع من التفاهم يصل بنا إلى تعاون دائم يحقق الخير للجميع من دون أن يفرض بعضنا على بعض عقيدة أو فكرًا أو ثقافة، ولفت إلى أن الحوار الذي نريده هو ذلك الذي يبتعد عن الخصومة والجدل ويراعي احترام الآخر. ولفت الوزير، في كلمته، إلى الأهمية البالغة للتعليم، وأنه ينبغي على الحكومات أن تخصص له القدر الأعظم من الاهتمام وأن تسخر كل طاقاتها للنهوض به، وأكد أن التحدي الحقيقي أمام وزارة التربية والتعليم في مصر، وخاصة بعد ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، هو إحداث نقلة نوعية في نظام التعليم المصري، للتحوّل إلى نموذج تربوي جديد، ينتقل من التعليم إلى التعلم، لتنمية الإبداع والتفكير الناقد ومهارات التعلم الذاتي المستمر، ودعم القدرات العلمية والعملية لدى المتعلمين وذلك في إطار إعداد رأس المال البشري القادر على المساهمة في إنجاح سياسة الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق مجتمع المواطنة والعدل والحرية والدخول بمصر إلى مجتمع المعرفة والمنافسة العالمية. وأكد الوزير أن كتاب التاريخ المشترك لدول حوض البحر المتوسط سيساهم في النهوض بالعملية التعليمية ككل، وأن الجميع سيعمل على التعاون من أجل نشر ثقافة وحضارة دول البحر المتوسط في مصر من خلال تعريف المعلمين المصريين بما تم تناوله بهذا الكتاب. وأشار الوزير إلى أن مصر تطمح في توفير تعليم عالي الجودة للجميع، وذلك من خلال رؤية مستقبلية للتعليم في مصر عن طريق الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم قبل الجامعي 2014/2015 – 2023/2024 والتي تعتمد على مدخل للتطوير الشامل لقطاع التعليم قبل الجامعي والجودة الشاملة، وتسعى هذه الرؤية لتطبيق الإصلاح المتمركز حول المدرسة والتعلم المتمركز حول الطالب وتستند على محاور أساسية هي: مدرسة فعّالة: تقدم تعليمًا عالي الجودة لكل متعلم، في بيئة تعليمية غير نمطية. مناهج تدعم الأهداف القومية، وترتبط بالواقع المحلي، وترتكز على أنشطة فعالة، وتدعم التفكير العلمي الناقد، وحل المشكلات، والتعلم مدى الحياة. تكنولوجيا تعليم متقدمة: تندمج بشكل كامل في طرق التعليم والتعلم وبنية المنهج والكتاب المدرسي لخلق أنماط غير تقليدية للعملية التعليمية والإدارة المدرسة وإدارة النظام التعليمي ككل في جميع المستويات. مشاركة مجتمعية: تطلق الطاقات الفعالة للمجتمع المدني لدعم جودة التعليم وخلق ثقافة المشاركة وبناء المجتمع الديمقراطي في ظل التوجه القومي نحو اللامركزية. إدارة تربوية متميزة: تعمل في إطار اللامركزية تعتمد على المعلوماتية والشفافية والمحاسبية والقيادة المسؤولة والواعية برؤية التطوير. معلم متميز: على مستوى عالٍ من المهنية والخبرة المتميزة التي تمكّنه من القيادة التربوية والتخطيط الجيد والتفكير المتأمل وتجعل منه عنصرًا فعالاً في التغيير والتطوير، وإدارة تكنولوجيا التعليم المتقدمة، والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة.