سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المدينة الجامعية ل«الأزهر»: حشد بالنهار.. ومظاهرات بالليل زميل «عبدالغنى»: لا أشارك فى المظاهرات الخاصة بالشهيد لأن الإخوان يتاجرون بدمه ويستغلون المظاهرات لرفع شعار «رابعة»
رائحة غاز مسيل للدموع لا تزال عالقة فى المكان، عبارات معادية للفريق السيسى ووزير الداخلية وشيخ الأزهر ورئيس الجامعة وحزب النور مطبوعة بطول سور جامعة الأزهر بمدينة نصر. يظهر على بوابة المدينة الجامعية لافتة ضخمة مكتوب عليها «برجاء إبراز كارنيه المدينة»، لا يلتفت إليها مئات الطلاب الوافدين على المدينة، فيدخلون آمنين مطمئنين إلى أن أحداً لن يسألهم عن بطاقاتهم وهويتهم.. دماء طالب كلية الطب الذى قتل قبل أسبوع، يحيطها الطلاب بعدد من الأحجار بزاوية صغيرة من بوابة مدينة نصر، مرفق بها لوحة ورقية مكتوب عليها «الدكتور عبدالغنى شهيد المدينة الجامعية.. بأى ذنب قتل؟»، فيما تنتشر لافتات «لا للانقلاب» داخل وخارج المبانى. صباح جديد فى المدينة الجامعية التى يسكنها قرابة 10 آلاف طالب، يأتى الهدوء بسبب ذهاب الطلاب إلى كلياتهم بمدينة نصر أو الدرّاسة، لكن المدينة ذاتها تتحول لشعلة نار لا تهدأ مع غروب الشمس، حينما تتعالى الهتافات المعادية للنظام، شارع المدينة الرئيسى لا يخلو من الطلاب الذين تتفاوت أعمارهم وهيئاتهم، ثمة طلاب يخرجون ويدخلون من المدينة مرتدين ملابس عادية وجلابيب وملابس رياضية. مدخل مدينة «نصر ب» مكتوب به بخط كبير «مدينة الشهيد عبدالغنى». «أ.ق» طالب بالفرقة الرابعة بكلية اللغة العربية يقيم بمبنى الطيب النجار، فضل عدم ذكر اسمه خوفا من الملاحقات الأمنية، يقول إن وجود الإخوان بالمدينة أكبر من السلفيين الذين يعيشون فى حالة من الصمت الآن، ولا يهتمون بالجدال السياسى مع الإخوان، فى العام الماضى كان هناك تنافس شديد بين الإخوان والسلفيين على انتخابات اتحاد الطلاب وكتابة مجلات الحائط بمبانى المدينة، بالإضافة إلى نشاط أسرة «نبض الأزهر» التابعة للسلفيين، التى لا وجود لها الآن، يقابل هذه الأسرة فى جماعة الإخوان «جيل النصر المنشود»، وهى أسرة قديمة جداً تم إعادة تسميتها من جديد عقب إلغائها بعد عرض الإخوان العسكرى بالمدينة فى عام 2006. فى حماس شديد يكمل «أ.ق» حديثه قائلا: يتعرض طلاب حزب النور لبعض استفزازات طلاب الإخوان الذين يكتبون شعارات ضد حزب النور ويسمونه «حزب الزور»، لكن السلفيين صامتون تماماً، يهتمون فقط بالشعائر الدينية وإقامة الصلوات. يضيف الطالب أن الخريطة السياسية بالمدينة تشير إلى وجود أكثر من 50% من الطلاب غير المنتمين إلى أى أحزاب سياسية، ثم الإخوان المسلمين ومن بعدهم السلفيون، ويأتى المؤيدون لخارطة الطريق والفريق عبدالفتاح السيسى فى ذيل القائمة، وهم الذين يعيشون فى القاهرة والمدن، أما المؤيدون للرئيس المعزول محمد مرسى والمتعاطفون مع الإخوان فمعظمهم من الأرياف. وتابع: نعلم أن من يقود مظاهرات الأزهر طلاب الإخوان، من أعضاء حركة «طلاب ضد الانقلاب»، أما من يشارك فيها فليسوا كلهم من التنظيم. يتفق معه «ه.أ» طالب بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة، هو أيضاً رفض ذكر اسمه خوفاً على نفسه من الاعتقال، يتحدث فى حذر قائلاً: «كنت ضد مرسى بسبب سياسات الإخوان، لكن موقفى تغير بعد اعتقال الطلاب وقتل زميلنا بكلية الطب، القانون يمنع اقتحام الحرم الجامعى، ونحن نرفض تدمير المنشآت لكن الاعتقالات جعلت معظم طلاب المدينة يرفضون سياسة النظام الحالى». يضيف طالب الصيدلة «يحشد الإخوان لمظاهراتهم عن طريق القرع على طبلة ضخمة مثل التى يحملها مشجعو الألتراس مع آلة الفوفوزيلا، أما الطريقة الثانية التى يتم الحشد بها فهى الدعوة بكل مسجد من مساجد مبانى المدينة إلى تنظيم مظاهرة أمام مسجد المدينة الكبير الذى يقع بجوار البوابة الرئيسية، بالإضافة إلى توقيف الطلاب فى المبانى والطرقات وتعريفهم بأهمية مشاركتهم فى المظاهرات، ومحاولة استمالتهم للانضمام إليهم». يواصل الطالب ووزع الإخوان بياناً على الطلاب: يشرح لهم ما حدث أمام المشيخة ويطالبهم بالمشاركة فى المظاهرات ليلاً، وهو ما استجاب له عدد كبير من الطلاب غير المنتمين إلى أى فصيل سياسى، وشاركوا من أجل زملائهم الطلاب». يتذكر الطالب الوضع فى المدينة الجامعية أثناء التظاهرات قائلاً: «بسبب عدد الطلاب الكبير توقفت حركة المرور أمام المدينة، ثم تدخلت الشرطة وفضت المظاهرة باستخدام قنابل الغاز، وأجبرت الطلاب على دخول المدينة وغلق الباب الرئيسى لها، واستمرت الاشتباكات حتى بعد منتصف الليل، وقام الطلاب بإشعال النيران فى بعض جذوع الأشجار الجافة -التى تم قطعها فى وقت سابق من قبل عمال المدينة- للتغلب على أدخنة الغاز المسيل للدموع، ثم تبادلوا قذف الحجارة مع الشرطة التى حاولت اقتحام المدينة، وفى تمام الواحدة والنصف صباحاً تسلل حوالى 200 جندى إلى المدينة الجامعية من باب جانبى مواجه لمبنى أمن الدولة واعتقلوا حوالى 35 طالبا، وضربوهم ضربا مبرحا ثم اعتقلوهم». يتدخل فى الحوار «س.ص» (25 سنة)، طالب بالفرقة السادسة بكلية الطب، ليقول «فى هذا الوقت كان زميلنا عبدالغنى محمد محمود الطالب بكلية الطب يريد الخروج إلى الحى السادس حتى يشترى عشاءً، لكنه أصيب بحالة من الإغماء من فرط استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، وتم نقله إلى المسجد، ثم حمله الطلاب إلى المستشفى الميدانى بجوار بوابة «مدينة نصر ب»، وأثناء خضوعه للعلاج هاجمته قوات الشرطة من داخل المدينة وأطلقت عليه الخرطوش من مسافة قريبة وأصابته فى رقبته ليسقط غارقاً فى دمائه، فحملناه إلى مدخل مبنى الطيب النجار، وطلبنا سيارة الإسعاف التى تأخرت حوالى ساعة فى الدخول والخروج بسبب منعها من الشرطة، ولفظ زميل دفعتنا أنفاسه الأخيرة بيننا رغم أنه كان لا ينتمى لأى فصيل سياسى وكان يرفض الحديث فى السياسة، وكان يتمنى أن يسافر خارج البلاد بسبب الأوضاع الحالية، ووالده المزارع البسيط من محافظة البحيرة وهب حياته لتعليم أبنائه حتى أصبحوا أطباء وأساتذة جامعة، «عبدالغنى» طالب مجتهد تقديره جيد جداً، لم تكن الابتسامة تفارق وجهه، وكان الأول فى الشهادة الثانوية على محافظة البحيرة بمجموع تخطى 100%». وأضاف: «شاركت فى مظاهرات 30 يونيو الرافضة لحكم الإخوان؛ لذلك لا أشارك فى أى مظاهرة يقوم بها طلاب الإخوان داخل المدينة والجامعة، لكن حزننا الكبير على زميل دفعتنا يجبر بعضنا على المشاركة فى المظاهرات المنددة بقتله، فى الأول بتكون المظاهرة عشان «عبدالغنى»، لكن الإخوان بيستغلوها وبيتاجروا بدمه وبيرفعوا علامات رابعه فى المظاهرة ودا بيخلينا نمتنع عن المشاركة». يتعجب الطالب من استغلال الإخوان لقضية زميله، ومحاولة إيهام الناس أنه من الإخوان لكسب مزيد من تعاطف الناس والطلاب. زملاء «عبدالغنى» الذين كانوا يقيمون معه فى إحدى غرف الطابق الرابع بمبنى أحمد عمر هاشم هجروا الغرفة منذ مقتل زميلهم. وأضاف أحد طلاب الفرقة السادسة بكلية الطب، رفض ذكر اسمه خوفا من التعرض له: «اعتقال زملائنا من غير المنتمين إلى الإخوان وتعذيبهم أشعل الغضب فى نفوسنا، فكلية الطب معتقل منها عدد غير قليل مثل عبدالرحمن اليمانى وشاكر حامد وخالد عاشور وعمرو جمال، وهؤلاء ليس لهم علاقة بالإخوان، تم القبض عليهم صدفة واتهامهم ب7 قضايا، بل علمنا أنه تم اعتقال زملائهم الذين كانوا يسألون عنهم فى أقسام الشرطة، وهو ما يشعرنا بالخوف ويصيبنا بحالة من الإحباط واليأس لذلك من الممكن أن ندخل فى حالة إضراب عن الامتحانات من أجل زملائنا وليس من أجل «مرسى والإخوان». أحمد محمود طالب مقيم بالمدينة الجامعية، يقول إن طلاب الإخوان يحاولون استمالة الطلاب الجدد بالجامعة والمدينة من خلال عدة طرق: أولاً مساعدة الطلاب فى توفير سكن طلابى خارج المدينة، وهو أمر مهم لأى طالب مستجد، ثانياً توفير مذكرات امتحانات مطبوع عليها شعارات الإخوان وأسرة «جيل النصر المنشود»، ثالثاً دروس المساجد الشيقة، وأخيراً تنظيم مباريات كرة قدم، أساليب يتميز بها طلاب الإخوان داخل المدينة عن نظرائهم بالأحزاب والحركات الأخرى. ويضيف قائلاً: «طلاب الإخوان اتبعوا معى هذه الأساليب، لكنى أبلغتهم رفضى الانضمام إلى التنظيم، بعد ذلك فوجئت بتغير العلاقة بيننا ومقاطعتهم لى، وهو ما أحزننى جداً، وأكد لى أن ما يقومون به معنا ليس لله والوطن، لكن الطلاب السلفيين لا يهتمون بانضمامنا إليهم ولا يتبعون أساليب الإخوان المعروفة». الأخبار المتعلقة: مدينة الطالبات: شعارات تملأ الجدران.. وخلافات بسبب «تسلم الأيادى» نائب رئيس الجامعة: النائب العام وعدنا بإجراءات سريعة لإنهاء الأزمة وكيل كلية الهندسة: وكلنا محامياً للدفاع عن المحبوسين رغم القبض عليهم خارج الجامعة الإضراب بالإضراب يذكر: سلمية «عين شمس» تكسب عنف «الأزهر» طلاب «الهندسة» المُضربون: لن نؤدى الامتحانات.. إلا بحضور زملائنا المعتقلين اتحاد طلاب «الهندسة»: «خطوة تصعيدية» من أجل الإفراج عن الطلاب المعتقلين طلاب «عين شمس»: «الإضراب هو الحل»