سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«شجرة العائلة» لقيادات تنظيم أنصار بيت المقدس جهات سيادية تتعرف على 4 تكفيريين نفذوا اغتيال ضابط جيش و5 من جنوده فى أكتوبر الماضى والأجهزة الأمنية فشلت فى القبض عليهم
«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ * فَبِأَىِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»، آيات من سورة الرحمن يصدح بها «كاسيت» سيارة فيرنا، رصاصية اللون، يمتزج فيها صوت المقرئ بصوت طلقات الرصاص، فيما تسيل دماء الشهداء على الرمال، وتتساقط أجسادهم التى اخترقتها طلقات الغدر، ويعلو صوت القتلة ويحتد أحدهم على الآخر «اضرب.. اضرب». 4 من المسلحين، الذين ينتمون إلى أحد التنظيمات التكفيرية المسلحة التى تطلق على نفسها اسم «أنصار بيت المقدس»، استهدفوا ضابطاً و5 من جنوده من قوات الدفاع الجوى، لاغتيالهم فى أثناء سيرهم بسيارة تابعة للجيش «زيتية» اللون نصف نقل على طريق 36 الحربى، عند مدخل قرية القصاصين الواقعة على طريق الإسماعيليةالقاهرة الصحراوى. هذا ما يتضح فى مقطع فيديو لا تتجاوز مدته دقيقة وعشرين ثانية، صوره واحد من تلك العناصر التى شاركت فى الاغتيال الإجرامى، لبثه عند إعلان مسئوليتهم عن تنفيذ العملية مستقبلاً، ورُفع المقطع المصور على شبكة الإنترنت، 16 نوفمبر الجارى، فيما تعود أحداث الواقعة إلى 7 أكتوبر الماضى. بمجرد تنفيذ تلك العملية أسرعت العناصر المسلحة إلى منطقة «سامى سعد»، وبالقرب من المفارق تركوا السيارة ولاذوا بالفرار وسط المزارع ذات الأشجار الكثيفة، وبتفتيش قوات الأمن للسيارة عثرت على الأوراق الخاصة بها، وتشير إلى أنها ملك لأحد مكاتب تأجير السيارات، وباستجواب صاحبها، وفقاً لأحد المصادر الأمنية فى مديرية أمن الإسماعيلية تم التعرف على هوية قائدها، لتتولى إحدى الجهات السيادية عملية التحقيق معه، التى أسفرت عن تحديد هوية منفذى العملية، إلا أن الأجهزة الأمنية فشلت فى القبض عليهم حتى الآن. التحريات التى تجريها الجهة السيادية، وفقاً للمصدر الأمنى، أكدت أن المتهم الأول يدعى حاتم سلامة القاضى، كما هو مدون فى بطاقة إثبات الشخصية، ويلقب ب«فرح»، وهو من البدو المقيمين فى الإسماعيلية، شاب فى العقد الثالث من العمر، فُصل من الأكاديمية البحرية بسبب تورط والده فى الاتجار بالمخدرات «البودرة»، وعندها انقلبت حياته رأساً على عقب، وتحول إلى صيد فى يد العناصر الجهادية، التى أقنعته بضرورة الانتقام ممن دمروا حياته، حسب تعبير أحد أقاربه. أما العنصر الثانى، فيدعى فصيل حمدين، من سيناء، ويقيم فى منطقة الشيخ زويد، وكان والده الشيخ حمدين أبوفصيل قاضياً شرعياً فى سيناء، أُلقى القبض عليه فى أثناء عبوره المعدية من القنطرة شرق إلى الإسماعيلية بتهمة تمويل تنظيم إرهابى، كما تروى المصادر، التى لم تستدل بعد على هوية الشخص الرابع، فيما تواصل جهات سيادية تحقيقاتها مع أقارب المتهمين، الذين أكدوا أنهم لم يشاهدوهم منذ ثورة 30 يونيو. «التكفيريون موجودون فى الإسماعيلية قبل الإطاحة بمحمد مرسى، الرئيس المعزول، وكانوا يتنقلون بصورة شبة طبيعية بين سيناءوالإسماعيلية، فى ظل ضعف الوجود الأمنى الذى كانت تعانى منه محافظات القناة وسيناء»، هذا ما أكده سعيد منصور، ذو الأصول البدوية، أحد سكان منطقة «أبوصوير»، عن أماكن المسلحين فى القناة. لافتاً إلى أن الترابط الأسرى والقبائلى بين أهالى سيناء ومدن الإسماعيليةوالسويس وبورسعيد لم ينقطع لأنهم يعتبرون أنفسهم أولاد عمومة لمجرد انتمائهم إلى نفس القبيلة، ووفقاً لقانون البدو من يخبر الأمن عن أحد أبناء القبيلة فهو مخطئ ويعاقب وفقاً للأعراف، لذلك نادراً ما يتعاون البدو مع الأمن إلا فى حدود معينة. أحد المقربين من العناصر التكفيرية المسلحة، سبق له التعامل معهم فى سيناءوالإسماعيلية من خلال تجارة السلاح، قال ل«الوطن»: «إن المسئول الأول عنها ويتولى مهمة التخطيط وتجنيد العناصر لهذه التنظيمات هو (فواز المنيعى) الشقيق الأصغر ل(شادى المنيعى)، الذى يعتبر قائد تنظيم (أنصار بيت المقدس) فى سيناء، الذى تم القبض عليه فجر الجمعة الماضى. وصف الشاب الثلاثينى «فواز» هذا قائلاً: «رغم صغر سنه لكنه يعتبر الأكثر خطورة، لأنه العقل المنفذ لتلك العمليات، وتمكن من التسلل إلى سيناء قبل أحداث 30 يونيو. هو شاب نحيف الجسد ذو بشرة سمراء، لا يتحرك بمفرده رغم أنه صاحب قلب ميت، ويعمل فى تجارة السلاح إلى جانب قيادته لتلك العناصر التكفيرية فى الإسماعيلية، بينما (شادى المنيعى) كان يعمل فى تجارة العبيد -تجار تهجير الأفارقة إلى إسرائيل- وسبق اعتقاله قبل ذلك فى أحداث طابا، وهو شاب عشرينى يفضل العيش بمفرده بعيداً عن أسرته، حيث شيد منزلاً فخماً، تم هدمه بالكامل فى أثناء مداهمة قوات الجيش لقرية المهدية التابعة للشيخ زويد، ويتردد اسمه بقوه فى تفجيرات خط الغاز المتكررة التى وقعت فى عهد المجلس العسكرى، واعترف بمسئوليته عن حادث اختطاف الجنود فى عهد (مرسى)». يؤكد الشاب الذى سبق له التعامل مع الشقيقين ولدَى «المنيعى»، وهى عائلة تنتمى إلى «السواركة»، أن «شادى» تمكن من الهروب إلى جنوبسيناء، وتحديداً إلى منطقة وادى وتير، وعاد مؤخراً إلى الشمال لتنفيذ العملية الإرهابية الأخيرة التى سقط فيها 12 شهيداً من جنود الجيش، وأصيب 35 آخرون. ويشير الشاب الثلاثينى إلى أن «مغنى» المنيعى، ابن عمومة الشقيقين، موجود فى الشمال الآن، وكان له ملف فى أمن الدولة قبل ثورة 25 يناير، واختفى من سيناء بالكامل، وظهر بعد الثورة فى العريش والشيخ زويد، ويشارك الآن فى العمليات ضد الجيش بمعاونة من «شادى»، الذى يعتبر العقل المدبر لها قبل أن تلقى قوات الأمن القبض عليه، وكان هؤلاء الثلاثة يتولون التخطيط والتنسيق للعمليات الإرهابية فى سيناء ومحافظات القناة. عائلة «المنيعى»، التى تتبع قبيلة «السواركة»، ينتمى العشرات من أبنائها «العائلة والقبيلة» إلى التنظيمات التكفيرية فى سيناء، ومنهم محمد حمدان السواركة، الشهير ب«أبوهاجر»، الذى أعلن مسئولية التنظيم عن تنفيذ عملية 19 نوفمبر. قال سعيد لافى، أحد سكان وسط سيناء: «المنيعة -أفراد عائلة «المنيعى»- دول زى الجنيه، وجه مسجد، والآخر فراعنة»، لافتاً إلى أن نصف العائلة فلول، والنصف الآخر تكفيريون، أو متعاطفون معهم، ويتسمون بالعند الشديد، والقوة رغم أجسادهم النحيفة. من جانبه، قال الدكتور ناجح إبراهيم، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية السابق: «إن أبرز التنظيمات الجهادية فى سيناء ومحافظات القناة اندمجت فى جماعة (أنصار بيت المقدس)، و(كتائب الفرقان)، خصوصاً بعدما انضمت عناصر (جند الله)، وهى بقايا (التوحيد والجهاد)، إلى تلك الجماعة». وعن سبب تمركزهم فى هذه المناطق أضاف: «ذلك يرجع إلى توافر العناصر الخمسة الأساسية اللازمة لتكوين أى تنظيم مسلح، وهى: توافر السلاح، البيئة الصحراوية المناسبة لمعسكرات التدريب والتأهيل، العناصر البشرية المؤهلة للاندماج فى مثل تلك التنظيمات، توافر التمويل اللازم لتنفيذ العمليات الانتقامية، إضافة إلى القواعد الآمنة، حيث كانت سيناء منفصلة عن مصر منذ 25 يناير على الأقل أمنياً». وأكد «ناجح» أن «لكل تنظيم أسلوبه واستراتيجياته وأهدافه المختلفة عن الآخر، ف(أنصار بيت المقدس) تستخدم التفجير، سواء عن طريق السيارات المفخخة أو زرع الألغام، وتستهدف قوات الأمن من الجيش أو الشرطة للثأر منها، ولهدم معنوياتها، وتوصيل رسالة مفادها أنهم يستطيعون استهدافها وإعطائها درساً على موقفهم من التيار الإسلامى بعد 30 يونيو. بينما (كتائب الفرقان) تستخدم أسلوب القنص أو القتل المباشر سواء عن طريق الآر بى جى أو البنادق الآلية، وتختار أهدافاً موجعة للحكومة، وتتسم بالدقة ولها حس سياسى أو اقتصادى، مثل ضرب السفينة الصينية داخل المجرى الملاحى فى قناة السويس، أو استهداف الأقباط كما حدث فى كنيسة الوراق لإحراج الحكومة أمام العالم وإضعاف البلاد اقتصادياً».