مع تواصل أزمة القس الأمريكى المحتجز فى تركيا الذى تسبب فى أزمة دبلوماسية كبيرة بين الولاياتالمتحدةوتركيا، تلقى الاقتصاد التركى ضربتين موجعتين عندما أعلنت، مساء أمس، وكالتا التصنيف الائتمانى «موديز» و«ستاندرد آند بورز» تخفيض التصنيف الائتمانى لتركيا، فى وقت تواجه الليرة التركية انهياراً كبيراً أمام الدولار بعد إجراءات عقابية من «واشنطن»، لتكون ضربة يتواصل تأثيرها على الأقل حتى الانتهاء من إجازة عيد الأضحى المبارك عندما تعاود أسواق المال التركية فتح أبوابها، للتداول مرة أخرى. وخفضت وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى، تصنيفها الائتمانى لتركيا من «بى إيه 2» إلى «بى إيه 3» مع تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية. الوكالة الدولية توقعت فى الوقت ذاته، زيادة معدلات التضخم فى البلاد وتقويض النمو، الذى أعزته الوكالة إلى تشديد الأوضاع المالية فى تركيا وضعف سعر الصرف. ولفتت الوكالة إلى أن «تركيا أدارت بنجاح صدمات اقتصادية ومالية خطيرة سابقة، لكن حاجتها إلى تمويل خارجى تبقى كبيرة، فيما يواصل خطر أزمة فى ميزان المدفوعات ارتفاعه». «وول ستريت جورنال»: «أردوغان» قاد بلاده إلى حافة الهاوية ويعيش الاقتصاد التركى أصعب فتراته مع انهيار تاريخى لليرة أمام الدولار، ظهر بقوة مع إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الجمعة قبل الماضى، مضاعفة الرسوم الجمركية على الحديد والألومنيوم التركى، وهو الإجراء الذى أتى بعد أيام قليلة من فرض «واشنطن» عقوبات على وزيرى العدل والداخلية التركيين على خلفية احتجاز القس أندرو برانسون. خطوة وكالة «موديز» أتت بعد وقت وجيز من قرار لوكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية والتى أعلنت بدورها، مساء أمس، تخفيض التصنيف الائتمانى السيادى لتركيا إلى درجة أعمق فى الفئة غير الاستثمارية، مشيرة إلى تقلبات حادة لليرة ومتوقعة أن ينكمش النمو الاقتصادى العام المقبل. وخفضت الوكالة التصنيف الائتمانى درجة واحدة من «بى بى سالب» إلى «بى موجب»، إلا أنها أبقت على النظرة المستقبلية لتركيا مستقرة، فى تحرك جاء بعد أن خسرت الليرة التركية نحو 40% من قيمتها أمام الدولار الأمريكى هذا العام. الوكالة الدولية عزت قرارها إلى توقعات بأن «التقلبات الحادة لليرة التركية وما سينتج عنها من تعديل حاد متوقع فى ميزان المدفوعات سيقوضان اقتصاد تركيا»، معبرة عن توقعها ركوداً العام المقبل. وتوقعت الوكالة كذلك أن التضخم سيصل إلى ذروته عند 22% على مدار الأشهر الأربعة المقبلة، مشيرة إلى أن ضعف الليرة سيضع ضغوطاً على قطاع الشركات المدينة وأنه زاد بشكل كبير من مخاطر تمويل البنوك التركية. وأضاف بيان «ستاندرد آند بورز» أنه «على الرغم من ارتفاع المخاطر الاقتصادية، فإننا نعتقد أن سياسات الرد من السلطات النقدية والمالية فى تركيا محدودة حتى الآن». وتحتجز السلطات التركية القس «برانسون» منذ أكتوبر 2016 بداعى تورطه فى أعمال إرهاب وتجسس على صلة بمحاولة الانقلاب العسكرى التى وقعت فى تركيا قبل نحو 3 أشهر من احتجازه، قبل أن تفرج عنه السلطات لكن وضعته قيد الإقامة الجبرية، الإجراء الذى لا يزال يثير غضب «البيت الأبيض». «أردوغان دفع الاقتصاد التركى إلى حافة الهاوية»، هكذا علقت صحيفة «وول ستريت جورنال»، اليوم، فى تقرير على الحالة الاقتصادية التركية، وأضافت الصحيفة أن مشكلة «أنقرة» أن «الرئيس التركى أدار نموذجاً اقتصادياً يشبه نموذجاً مصغراً للصين، وهو نموذج للاقتصاد عالمى المستوى لكنه تحت سيطرة رجل واحد». وبحسب الصحيفة، أن أزمة الرئيس التركى، بعكس الصين، هى عدم قدرته على حماية هذا الاقتصاد، فبمجرد تغريدتين عبر موقع «تويتر» من الرئيس الأمريكى انقلبت الدنيا رأساً على عقب. فى المقابل، وعلى خلفية الأزمة مع «واشنطن»، رفضت بلدية العاصمة «أنقرة»، مؤخراً، منح تراخيص لمقاهٍ ومطاعم تابعة لشركات أمريكية وعالمية، بحسب ما نقلت، اليوم، قناة «سكاى نيوز». وجاء الرفض التركى بعد أن دعا الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، مؤخراً، إلى مقاطعة المنتجات الإلكترونية الأمريكية، فيما ضاعفت الحكومة الرسوم المفروضة على عدد منها. وأعلنت تركيا أنها فرضت الرسوم على منتجات أمريكية، من باب المعاملة بالمثل، بعد أن فرضت الولاياتالمتحدة رسوماً مرتفعة على واردات الصلب والألومنيوم التركية. وذكرت صحيفة «حرييت ديلى نيوز» التركية أن بلدية «كيشيورين» فى «أنقرة» رفضت منح تراخيص لمطاعم «ماكدونالدز» و«برجر كينج» وسلسلة المقاهى الشهيرة «ستار باكس». وقال مصطفى آك، وهو عمدة البلدية عن عضو فى حزب العدالة والتنمية الحاكم: «آمل أن يكون القرار الذى اتخذناه بمثابة مثال يحتذى»، فى إشارة إلى وجوب اتخاذ بلديات أخرى لقرارات مماثلة. أزمة قطر مع الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، لم تكن بعيدة عن أزمة تركيا، حيث قال السفير التركى لدى قطر فكرت أوزار، فى تصريحات اليوم، إن بلاده قدمت الدعم ل«الدوحة فى الأزمة الخليجية»، مشيداً بمواقف قطر ووقوفها إلى جانب «أنقرة»، بعد إعلان أمير قطر خلال زيارة له إلى تركيا ضخ 15 مليار دولار استثمارات قطرية فى تركيا، فى محاولة من تميم بن حمد لإنقاذ حليفه. وأتى التحرك القطرى بعد يوم واحد من هجوم لوسائل إعلام موالية ل«أردوغان» ضد قطر اتهمتها ب«التخاذل والصمت» حيال أزمة تركيا، وطالبتها ب«رد الجميل»، فى إشارة إلى اختيار «أنقرة» مساندة «الدوحة» بمواجهة الرباعى العربى المقاطع لقطر: مصر والسعودية والإمارات والبحرين.