سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تفاصيل عملية فض «التحرير» فى الذكرى الثانية ل«محمد محمود» قوات الشرطة تسيطر على الميدان ب«الغاز المسيل للدموع».. والمتظاهرون يتفرقون فى الشوارع الجانبية
ميدان التحرير، حيث يتجمع المئات من المتظاهرين داخل محيط الميدان، الساعة تقترب من العاشرة مساء أمس الأول، لا تزال الاشتباكات الدائرة بين المتظاهرين وقوات الشرطة مستمرة عند مدخل ميدان التحرير من اتجاه كوبرى قصر النيل، الأصوات ترتفع، فلا يسيطر عليها سوى أصوات قنابل الغاز المسيلة للدموع من قوات الشرطة والتى يرد عليها المتظاهرون بالشماريخ والألعاب النارية. الذكرى هى الثانية لأحداث محمد محمود، التى كانت بمثابة الموجة الثانية لثورة 25 يناير، تلك الأحداث التى أجبرت المجلس العسكرى فى ذلك الوقت على تغيير الوزارة وتحديد موعد تسليم السلطة إلى أول رئيس منتخب، كما كانت أحداث الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود، هى ميلاد اسم شهيد جديد وهو جابر جيكا، الذى كان بمثابة أول رصاصة فى عرش الرئيس المعزول محمد مرسى، بعد أن قتل جابر جيكا. تتجمع مجموعة من الشباب داخل الدائرة التى تتوسط ميدان التحرير، بالقرب من النصب التذكارى الذى تم تشييده تخليداً لشهداء الثورة، والذى أثار غضب الكثيرين، حتى تم هدمه بعد مرور 24 ساعة على بنائه، يقف الشباب يتبادلون الحوار ويوجهون الاتهامات إلى أعضاء جماعة الإخوان، على أنهم باعوا هذه الدماء وقت الأحداث فى 2011، والآن يأتون ليركبوا على رأس التظاهرات التى خرجت أمس الأول للاحتفال بمرور الذكرى الثانية على أحداث محمد محمود. إحياء ذكرى أحداث محمد محمود بميدان طلعت حرب وشارع قصر النيل وتنظيم مسيرات حاشدة تهتف ضد المجلس العسكرى السابق والإخوان، لم يُنس بعض الشبان المشاركين فى المظاهرات موعد المباراة فى السادسة مساء، واختفى رجال الشرطة من المنطقة تماما، بمن فيهم رجال المرور، تجنبا للاحتكاك بالمتظاهرين وحتى لا يتكرر السيناريو الدامى، بينما اقتصر وجود قوات الجيش فى شارع الشريفين أمام مبنى الإذاعة القديم وبجوار مبنى البورصة المصرية والبنك المركزى، إضافة إلى ديوان وزارة الأوقاف الذى وجدت أمامه مدرعة تابعة للقوات المسلحة. مع قرب انطلاق صافرة المباراة تزينت معظم مقاهى «وسط البلد» لاستقبال المتظاهرين الذين اعتادوا الجلوس على كراسيها فى الأحداث الماضية للحصول على قسط من الراحة يعينهم على استكمال ما بدأوه من مظاهرات. ميدان التحرير أيضاً لم يخل من تلك المراسم، حيث نصب بعض الشباب شاشتى عرض لإذاعة المباراة عليهما، الأولى بجوار مبنى جامعة الدول العربية، والثانية قرب شارع طلعت حرب، الذى شهد مظاهرة حاشدة قبل أذان المغرب لحركة شباب 6 أبريل، رددوا فيها هتافات مناهضة لتنظيم الإخوان والمجلس العسكرى السابق، ثم انطلقت المسيرة من ميدان طلعت حرب إلى شارع قصر النيل معلنة أنها ستتوجه إلى نهاية الشارع ومنه إلى «محمد محمود»، حسب ما أعلنه «زيزو عبده»، أحد شباب الحركة، عندما حُمل على الأعناق ليستكمل هتافاته التى ألهبت حماس الجماهير، بعد أن رفضت وجود أعضاء تنظيم الإخوان أو أنصار الفريق أول عبدالفتاح السيسى بالميدان، وأكد كذلك على أن المظاهرة سلمية وأنها ستنتهى فى العاشرة مساء. وانطلقت المسيرة دون أدنى اهتمام بموعد المباراة المرتقبة والمصيرية وواصلت سيرها مرددة هتافات منددة بقتلة الثوار وطلبت القصاص منهم ورددوا «الداخلية بلطجية». وفى شارع محمد محمود لم تتغير الصورة رغم وجود عشرات الثوار الذين لم يكفوا عن الهتافات خلال وجودهم بالشارع منذ الصباح حاملين صور الشهداء. ورغم حالة القلق الشديدة التى انتابت المصريين قبل أيام من حلول يوم ذكرى محمد محمود خوفا من تكرار المأساة واستغلال تنظيم الإخوان للحدث وتحقيق مآربه الشخصية، فإن كثيرا من مطاعم ومحلات ومقاهى وكافتيريات الشارع لم تُغلق أبوابها، فى بداية الشارع ناحية ميدان التحرير توافد عشرات من المتظاهرين على المقاهى القديمة لمشاهدة المباراة مفضلين إياها بسبب قربها من تجمعات المتظاهرين. يتحدث شاب لزميله قائلاً: «ازاى الإخوان ينزلوا النهارده، هما ناسيين لما قالوا على الثوار فى محمد محمود إنهم بلطجية، نازلين ليه النهارده ويطالبوا بحق الشهداء»؟، فيجيبه الآخر: «إن أحداث محمد محمود كانت الصورة اللى أظهرت كل الفصائل فى الشارع من مع الثورة ومن ضدها، من يتحالف مع المجلس العسكرى ومن هو ضد سياسة المجلس العسكرى وقتها». بينما تتعالى الأصوات، ويتزايد إطلاق القنابل المسيلة للدموع، فى تصاعد حدة الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، يجلس شابان فى العشرين من عمرهما على الرصيف، لا تجد وسط حديثهما سوى نظرة حزينة على ما يحدث، غير مهتمين إلا بمستقبل هذا الوطن، الذى لا يجدان له أى صورة إيجابية، فيقول أحدهما بنبرة حزينة: «لسه بدرى أوى على مصر إنها تفوق، أنا مش عندى أمل فى إن الحال يتصلح ولا حتى بعد 50 سنة». الوقت يمر، دقات الساعة تقترب من الحادية عشرة والنصف مساءً، ترتفع أصوات قنابل الصوت من قِبل قوات الشرطة، يصرخ شاب من بعيد: «اجروا يا رجالة، الشرطة بتقتحم الميدان»، يهرول مئات الشباب والفتيات إلى داخل شارع طلعت حرب والشوارع الجانبية للميدان، بينما تتحرك مدرعات الشرطة بقوة داخل الميدان، مع إطلاق كثيف للقنابل المسيلة للدموع، حتى تم فض الميدان تماماً من كل المتظاهرين. يحتشد المتظاهرون داخل ميدان طلعت حرب، يهتفون هتافات مناهضة للنظام الحالى، منها ما هو ضد الرئيس المؤقت، عدلى منصور، والفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، وجماعة الإخوان، مرددين «يسقط يسقط حكم العسكر»، «يسقط كل من خان فلول وعسكر وإخوان». عقب فض الميدان من المتظاهرين، تحركت مدرعات الجيش لتغلق مداخل ومخارج الميدان، بينما المتظاهرون يتجمعون فى مجموعات صغيرة بشارع طلعت حرب والشوارع المجاورة له، يتبادلون الحديث عما يجرى، فأمام أحد المبانى الواقعة فى شارع طلعت حرب، جلس مجموعة من الشباب والفتيات، بينهم شابان ظلا يتجادلان حول ما يحدث، وماذا كان سيحدث لو أعطينا لمرسى فرصة فى أن يخرج بالانتخاب كما جاء بالانتخاب، فيرد عليه الآخر: «ما هو اتعرض عليه يعمل استفتاء وهو اللى رفض، عايز نعمله إيه تانى؟». المقاهى التى تظل ساهرة حتى وقت متأخر من الليل، بدأت، عقب فض الميدان، تستعد لإغلاق أبوابها قبيل الساعة الواحدة صباحاً، وتندثر التجمعات الكبيرة إلى تجمعات صغيرة ومنفردة، حتى بدأت فى الاختفاء تماماً، حتى اقتربت الساعة من الثانية صباحاً، ليتحول ميدان التحرير إلى شبه ثكنة عسكرية، وشوارع وسط القاهرة شبه خالية تماماً من المارة.