أثبتت طبيعة شخصية الرئيس الفلسطينى محمود عباس، أن الكفاح السياسى أحياناً يوازى بأهميته الكفاح المسلح ولا يقل عنه شأناً إذا ما أُحسنت إدارته، وهو ما ظهر خلال حواره مع الإعلامية لميس الحديدى فى برنامجها «هنا العاصمة» على شاشة «CBC»، الذى أماط اللثام عن تفاصيل جهوده الداعمة لثورة 30 يونيو. فى هذا الحوار يتحدث «أبومازن» عن تفاصيل دقيقة ومهمة عن أسرار جماعة الإخوان ومستقبل حركة حماس بعد سقوط نظام حكم الإخوان. وإلى نص الحوار: ■ هذه زيارتك الثانية بعد 30 يونيو، وأول لقاء مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى.. كيف وجدته؟ - انطباعى الأول أخذته من خلال خطاباته. إنه رجل هادئ وعاقل وحكيم يعرف ماذا يريد، وهذا أهم شىء فى القائد. ■ هل يمكن أن تطلعنا ماذا قلت ل«كيرى» وللأوروبيين عن الأوضاع فى مصر؟ - كنا نتحدث عن قناعاتنا. ما نراه فى مصر نعكسه كما وقع، والرؤى المختلفة التى كانت تصل كان دورنا أن نصححها بأن نقول إن هذه إرادة شعبية، قلنا قناعاتنا دفاعاً عن مصر وعن أنفسنا أيضاً. ■ وماذا عن تغيُّر الموقف الأمريكى؟ - لمست هذا التغيير منذ خطاب «أوباما» فى الأممالمتحدة، وإن كان ليس هو المأمول، وجاء «كيرى» لمصر وطلب منى عندما أخبرته أنى قادم إلى مصر أن أنقل تحياته إلى الرئيس المؤقت والفريق عبدالفتاح السيسى، وأعتقد أن كل هذا تغير. ■ هل العام الذى حكم فيه الإخوان أصاب القضية الفلسطينية بضرر؟ - أريد أن أعطى مثالاً، الحديث عن توسيع غزة على حساب سيناء، هذا كلام سمعناه كثيراً، وهو هراء غير مقبول، وتكلمت بصراحة مع الرئيس السابق مرسى حول هذا الأمر بصراحة، فإسرائيل تريد أن تلقى غزة فى مصر وهذا يضرب المشروع الوطنى الفلسطينى فى مقتل. ■ ماذا قال لك؟ - قال لى كلاماً آخر لا أحب أن أذكره أو أنقله عن لسانه، لكن صراحة لم يعجبنى كلامه مطلقاً. ■ سمعنا أنه قال لك عددهم كام مليون؟ - نعم حقيقى، قال مليون ونصف ممكن نضعهم فى شبرا، الفكرة هنا ليس أين تضعهم، لكن فى مشروع وطنى فلسطينى جامع، فهى قضية سياسية ووطنية، فلم يعجبنى هذا الطرح وأخبرناه بهذا. ■ فى كل مرة كنت تقابل فيها الإخوان أو «مرسى»، هل كنت تشعر أن ثمة انحيازاً كاملاً لحماس؟ - دون أدنى شك، من البداية «حماس» جزء لا يتجزأ من حركة الإخوان، وسأذكر مثالاً عندما شرعوا فى بناء قنصلية لغزة فى مصر وأخرى مصرية فى غزة، هذا كله تدمير للمشروع الوطنى الفلسطينى. ■ هل كنت تقول لهم هذا خطر ويزيد الانقسام؟ - ليس فقط الانقسام، لكن يدمر المشروع الوطنى الفلسطينى. الانقسام لم يعد هو المشكلة، لكن ما وراء الانقسام. ■ هل انهيار نظام الإخوان فى مصر يدفع «حماس» إلى المصالحة أو قبول الانتخابات؟ - «حماس» جزء من شعب فلسطين، ولا نريد الإقصاء، إذا نجحوا فى الانتخابات سوف نحترم ذلك، وإذا لم يحدث فليكونوا ضمن المشاركين أو المعارضين، لكن حقيقة لا أعرف فيمَ تفكر «حماس»؟ نحن ننتظر. ■ بعد سقوط «الإخوان»، «حماس» متهمة بالتدخل فى الأمن القومى المصرى، وهناك اتهامات بتهريب عناصر إرهابية إلى مصر؟ - يجب أن يكون هناك قضاء يقول كلمته، وبالتالى لا نستطيع أن نجزم هل العناصر المضبوطة تابعة ل«حماس» أم غيرها، لكن إذا وُجدت الأدلة، علينا أن نسلمهم إلى المحكمة. ■ وهل لدى أجهزة المعلومات التابعة للسلطة الفلسطينية فى رام الله معلومات عن جماعات تهريب إلى مصر عبر الأنفاق؟ - دون الدخول فى التفاصيل، الأجهزة الأمنية لدينا واعية جداً وتعرف كثيراً من المعلومات، ربما أكثر من حجمها. ■ هل تدخل قطر فى قطاع غزة يزعجك لأنه يكرس الانفصال؟ - أفرق بين تقديم المساعدات لأهلنا فى غزة، وأن تكون هناك زيارات رسمية. ■ كانت هناك زيارة لأمير قطر السابق؟ - هذا يساعد على انهيار المشروع الوطنى، وأنا أعرف أن بعض الدول العربية تطلب هذا بحجة أن غزة محرّرة، بالرغم من أن أى أحد يريد الدخول يأخذ إذناً من إسرائيل. ■ هناك حركة تمرد فى غزة ووزير الداخلية فى حكومة حماس هددها بأنه سيطلق النار على أى متظاهر؟ - هذه هى الديمقراطية، مَن يخرج عند «حماس» لتظاهرة يُضرب بالرصاص. ■ هل مستقبل «حماس» مهدد بعد سقوط نظام الإخوان فى مصر؟ - أرجو أن يعودوا إلى رشدهم ووطنيتهم وأن يتصرفوا كفلسطينيين. لا أفهم أن أنسى وطنى وجنسيتى دفاعاً عن فكرة ما. ■ هل ما زال لهم داعمون فى المنطقة، مثل قطر أو تركيا؟ - ليس مثل السابق، فمصر كانت معهم، وكان هذا الأهم، والآن لم يعد كذلك وهو ليس تخلياً عنهم، ولكن نتيجة الأخطاء التى قد تثبت بالتحقيقات لاحقاً أنهم يتدخلون فى الشئون الداخلية لمصر. ■ ومن الفاعل؟ - طبعاً البعض يستغل هذه القضية للمتاجرة لأسباب مختلفة. أنا كقائد وفى النهاية «أبوعمار» كان قائداً ورجلاً تاريخياً، لا بد أننا سنستمر للوصول إلى الحقيقة مهما امتد الزمان من خلال التحقيق الدولى. ■ إسرائيل تقول إنه ربما أن يكون مقربون له قاموا باغتياله؟ - نعم قد يكونون مقربين، لكن من الذى دفع هؤلاء لفعل ذلك، هذا هو الأهم. ■ أسألك عن شعورك الداخلى وأنت رجل معاصر؟ - الحقيقة هم لم يكونوا يحبون ياسر عرفات ويتحدثون علنياً عن ضرورة التخلص منه. ■ إسرائيل؟ - نعم ويتحدثون عنى الآن تحت ما يصفونه ب«الإرهاب الدبلوماسى» ممكن يحدث لى ما حدث ل«عرفات»، لكن فى النهاية هذه قضية قتل لا بد أن تكون هناك شواهد ونتائج تحقيقات. ■ يزعجك عدم سماح «حماس» لأهل غزة بالاحتفال بذكرى «عرفات»؟ - طبعاً يزعجنى لأن «أبوعمار» كان قائداً للشعب الفلسطينى، وهو أول من احتضنهم. لكن هناك كثيرين من «حماس» كانوا يتقاضون أجوراً من عملهم مع «أبوعمار»، والآن يمنعون الناس من الاحتفال بذكراه. هذا «عيب»، وليس موقفاً أخلاقياً، بعيداً عن السياسة. ■ وأنت تنظر إلى الخارطة العربية وهى تتغير، هل عاد مربع الاعتدال من جديد بعد انحسار موجة تركياوقطر وعودة مصر والسعودية والإمارات؟ - أهم شىء بصراحة هو مصر، لأنها ركن ركين للأمة العربية كلها إذا سقطت سقطنا، وهناك دول مثل السعودية والإمارات والكويت والبحرين هبّت لنجدة مصر ومساعدتها للوقوف على قدميها ليس إلا لاستشعارها الخطر، لكن لا أدرى هل تتحول هذه الروح إلى هيئة أو محور مؤثر؟ لا أعرف. رفات «عرفات» واليورانيوم نحن منذ استشهاده لدينا ثلاث لجان تعمل على ذلك، وهى لجان طبية وقانونية وأمنية، وطلبنا تدخل فرنسا وروسيا وسويسرا لفحص الرفات، لكن التقرير أشار إلى السم، وهذا يعنى مبدئياً أنه مقتول، وهناك مؤشرات أنه بتدبير إسرائيلى، لكن ليس لدىّ اختصاص أن أقضى بأنه وجد يورانيوم فى رفات الرئيس الراحل ياسر عرفات، لأنى لست جهة تحقيق. وعندما كان «كيرى» هنا تحدثنا معه أننا نريد فتح الملف عن طريق مجلس الأمن الدولى على طريقة رفيق الحريرى أو فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليكون التحقيق فى مسار ذى طابع دولى وأممى، ونعرف كيف حصل هذا؟ والأهم من الفاعل؟