على ضفاف خليج فنلندا في بحر البلطيق، في البلدية الأكبر سكاناً "هلسنكي"، أقصى عواصم الاتحاد الأوروبي شمالاً، وقع اختيار رئيسا قطبي الحرب الباردة السابقة، الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، على المدينة لتكون بمثابة أرض محايدة لعقد أول قمة رسمية تجمع الرئيسين بعد سنوات من تجمد العلاقات الأمريكية الروسية، فلماذا "هلسنكي" دون عواصم العالم؟ تمتلك فنلندا علاقات جيدة مع الولاياتالمتحدةوروسيا رغم كونها عضواً في الاتحاد الأوروبي، إلا أنها ليست من بين أعضاء حلف الناتو ،الذي شهد الأخير قمة ساخنة منذ أيام بانتقادات أمريكية لأعضائه، كما أنها تعد خياراً مناسباً للرئيس الروسي لأنها تبعد حوالي ساعة ونصف الساعة فقط عن "موسكو". وتاريخياً كانت فنلندا جزءاً من الإمبراطورية الروسية في زمن القياصرة قبل أن تمنحها الثورة البلشفية الاشتراكية عام 1917 حق تقرير المصير والانفصال عن روسيا السوفيتية. ولعبت "هلسنكي"، دوراً تاريخاً لتقريب وجهات النظر الروسية الأمريكية، ففي عام 1975 استضافة البلدة اجتماع الرئيس الأمريكي جيرالد فورد، والأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي ،ليونيد بريجنيف، والذي شهد في ختامه توقيع اتفاقية "هلسنكي"، الوثيقة التي وقعها رؤساء 35 دولة، مع إعلان حول تحسين العلاقات بين الدول الاشتراكية والرأسمالية، والتي كانت تعد حينها بداية لتقريب وجهات النظر بين "موسكو" و "واشنطن" خلال الحرب الباردة. وفي بداية العشرينات، التقى الرئيس الأمريكي الأسبق ،جورج بوش الأب، والزعيم السوفيتي الأخير ،ميخائيل جورباتشوف، في "هلسنكي" قبل بضعة أشهر من انهيار الاتحاد السوفيتي الذي وضع نهاية للحرب البادرة في اكتوبر 1991، وذلك لمناقشة الأزمة في الخليج. وبعدها بست سنوات التقى الرئيس الأمريكي الأسبق ،بيل كلينتون، مع الرئيس الروسي الأسبق ،بوريس يلتسين، لإجراء محادثات في المقر الرسمي للرئيس الفنلندي. "على أية حال هذا سيفيد المنطقة"، هكذا جاءت تصريحات العمدة هلسنكي، يان فابافوري، للوكالة الروسية، لافتاً إلى المنطقة بأكملها في محيط العاصمة الفنلندنية تستفيد من هذه القمة، وسيكون هناك الكثير من السياح، والفنادق لمركزية لن تكون كافية للضيوف"، مضيفاً بأن "المدينة لن تتحمل تكاليف إضافية فيما يتعلق بعقد القمة الروسية الأمريكية بل تستفيد منها. قبل عام التقى بوتين وترامب لأول مرة في هامبورغ بألمانيا على هامش اجتماع مجموعة العشرين، ثم اجتمعا لفترة وجيزة في فيتنام في نوفمبر 2017 في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي "ابيك". إلا أن هذا الاجتماع سيكون الأول رسمياً لرئيسي البلدين يجري بشكل مستقل وليس على هامش مؤتمرات واجتماعات دولية.
