فى إطار متابعتى لردود فعل بعض الكتاب والإعلاميين على الحلقة الأخيرة من برنامج «البرنامج» للإعلامى باسم يوسف، توقفت أمام مفارقتين أساسيتين، أولاهما: أن هناك من يريد أن يكون «ملكياً» أكثر من «الملك»، وثانيهما: أن التمحك بالأخلاق والدفاع عمّا يسمى «الرموز» كان الحجة الأهم التى استند إليها من هاجموا هذه الحلقة التى تناولت ضمن ما تناولت بعض جوانب أداء الفريق «السيسى». الملاحظ -بالنسبة للمفارقة الأولى- أن البعض أحياناً ما يبالغ فى الدفاع عن الفريق «السيسى»، قد يكون مدفوعاً فى ذلك بمحبة الرجل أو تثمين الدور الذى قام به فى 3 يوليو 2013 أو أسباب أخرى، لكن فى كل الأحوال تبقى المبالغة أمراً غير مستحب عند الحديث عن شخص أتصور أنه يستطيع الدفاع عن نفسه، وإذا كان «السكوت» كما يقولون علامة الرضا، فإننى أتصور أن عدم تعقيب «السيسى» على الحلقة -كما أكد بيان المتحدث العسكرى- يؤشر إلى عدم غضبه على ما تضمنته، ربما يكون قد انزعج بعض الشىء من أسلوب النقد الساخر الذى ينتهجه «باسم»، لكننى أتصور أنه من الذكاء بحيث يدرك أن حديث الإعلام عنه الآن هو حديث عن «رجل سياسة» وليس عن «رجل عسكرى»، وفى ظل وجود طوابير طويلة من الإعلاميين يدعونه إلى الترشح فى انتخابات الرئاسة، فمن المبرر أن يقوم بعض الإعلاميين بتناول أدائه بالنقد؛ فالإعلام ليس كله احتفاء وطبلا وغناء، بل هو أيضاً رقابة ونقد وتحليل لنقاط القوة والضعف فى الأداء. ربما كان الفريق «السيسى» مستوعباً هذه الأمور أكثر من كتائب الإعلاميين المدافعين عنه، الذين يحاولون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك! وقد ضحكت من قلبى وأنا أقرأ سطور اللوم التى استخدم البعض فى كتابتها «مدفعية لغوية ثقيلة»، وهم يتحدثون عن الإيحاءات غير الأخلاقية فى خطاب باسم يوسف، رغم أن هذا الأمر ليس بالجديد عليه، فقد فعل ذلك مراراً فى حلقاته التى وجه فيها سهام نقده الساخر إلى «المعزول» وجماعته، ولم أسمع أحداً منهم وقتها يتحدث عن الأخلاق ولا يحزنون. والدفاع عن الأخلاق أمر محمود ولا شك، لكن عندما يأتى الدفاع عنها بالقطعة فإن الأمر يختلف؛ فبعض الأقلام التى لامت على باسم يوسف ذلك، سبق أن احتفلت بأفلام ألفها أصحابها فى غرف النوم أو داخل المراحيض العمومية! وإذا كانت فقرة «جماهير» التى اشتمل عليها البرنامج قد جرحت الخلق الرفيع لمن هاجموا الحلقة فليس عليهم إلا أن يراجعوا عدد من قاموا بتحميل الحلقة على موقع «يوتيوب» بعد ساعات قليلة من بثها، فقد تجاوز عددهم المليون، ماذا نفعل والجماهير تحب «جماهير» رغم ما تستخدمه من إيحاءات؟! أما موضوع الدفاع عن «الرموز» فقد أصبح موضوعاً «سخيفاً»؛ فالشعب هو الرمز الأكبر الذى يجب أن نحترمه ونصون إرادته، أما المسئول -أياً كان مقامه- فبشر يخطئ ويصيب، وهو محاسَب فى النهاية أمام الشعب، الشعب وحده لا شريك له!