بينما تُشكل مأساة دهشور القضية الأكبر والأخطر فى دلالاتها الأمنية (وبصرف النظر عما ستسفر عنه نتائج التحقيقات حول أسباب وتداعيات الحادث) يطالعنا أول تصريح لأول وزير داخلية فى عهد أول رئيس منتخب بعد الثورة خالياً من أى إشارة للحدث «أكد اللواء أحمد جمال الدين، فور تكليفه، سنعمل على ترسيخ مبدأ حرية التعبير طالما ليس هناك ما يهدد المواطنين. وستتم مواجهة قطع الطرق بكل حزم وبالقانون. وأيضا العمل على تلبية طموحات الضباط والمجندين، وإزالة أى معوقات أمامهم حتى يرتقوا بالأداء»، التصريح لا يشير من قريب أو بعيد للأزمة الأبرز والتى تهدد حالة السلام الاجتماعى هى وغيرها من الأحداث الطائفية (التى سرعان ما تتحول إلى أزمات تصل إلى حد الاعتداءات الطائفية حتى لو لم تكن البدايات كذلك) بفعل تسيد الشارع المصرى حالة احتقان تُمثل المناخ والتربة الصالحة للتأجيج والانفجار.. وحول معالجات الإعلام لمثل تلك الأحداث أطرح على القارئ العزيز أكثر من عرض للحدث.. فى خبر كتبه عماد توماس على صفحات موقع الأقباط متحدون: «هناك إغاثة عاجلة من مصدر قبطى يسكن فى أطراف قرية «دهشور» بمحافظة الجيزة، حيث المئات من الجيران بالقرية قاموا بعد تشييع جثمان الشاب المسلم «معاذ أحمد» متأثرا بالحروق التى أُصيب بها أثناء مروره بالصدفة قرب موقع الاشتباكات بنهب وسرقة محلات الأقباط وحاولوا اقتحام وحرق كنيسة مارى جرجس ب «دهشور» لكن قوات الأمن تصدت لهم وألقت القنابل المسيلة للدموع. وقال المصدر: إن الجيران المسلمين يقفون لحماية الكنيسة وحماية منازل الأقباط التى فر سكانها إلى قرى مجاورة عند أقربائهم». وعلى صفحات موقع اليوم السابع كتب محمود عبدالراضى من زاوية أخرى: « فجر أهالى قرية «دهشور» بالبدرشين، التى شهدت أحداثا مؤسفة بين المسلمين والأقباط، مفاجأة عندما أكدوا أنهم لم يقتحموا منازل الأقباط أو المحلات التى تحطمت بالقرية، وإنما هناك أطراف خارجية وراء ارتكاب هذه الوقائع، حيث شاهدوا مجموعة من الشباب الغرباء عن القرية ملثمين يحملون أسلحة بيضاء فى أيديهم اقتحموا بها منازل ومحلات الأقباط. وأوضح رئيس الجمعية الزراعية بدهشور ل«اليوم السابع» أن هناك مجموعة شباب من خارج القرية استغلوا فرصة انشغال الأجهزة الأمنية بحماية كنيسة مارى جرجس ومنع محاولات اقتحامها وتسللوا إلى منازل ومحلات الأقباط واقتحموها. وأشار شاهد عيان إلى أن الأهالى بالقرية حموا منازل الأقباط من الاحتراق، وأن الأقباط الذين تركوا منازلهم بالقرية تركوا متعلقاتهم الشخصية ومجوهراتهم لدى المسلمين».. ويضيف الخبر: «وكان اللواء مدير أمن الجيزة قد تلقى إخطاراً من مدير المباحث الجنائية بوجود اشتباكات بين المسلمين والأقباط فى قرية دهشور، وتم الانتقال إلى مكان الواقعة، وتبين أن مشادات كلامية وقعت بين كل من «أحمد. ر. ط»، كهربائى، مسلم (23 سنة)، و«سامح. س. ى»، مكوجى، قبطى (30 سنة)، بسبب قيام الأخير بحرق قميص الأول، واستعان كل طرف منهما بأقاربه. ودلت التحقيقات على أن المكوجى القبطى ألقى زجاجات المولوتوف على أقارب الكهربائى المسلم الذين تجمعوا أمام منزله، مما أسفر عن إصابة المواطن «معاذ. م. أ»، (19سنة) أثناء مروره بالصدفة فى مكان الحادث بحروق بنسبة 75%، نقل على أثرها إلى المستشفى وتوفى متأثرا بإصابته». ورغم بشاعة الحدث وتداعياته واختلاف طريقة عرض الحدث، حيث إنه ولرابع مرة يتم التهجير القسرى لمواطنين من قراهم ومدنهم، فإننا نلاحظ الاتفاق فى عرض الخبر على أمر وقوف أهل البلد من المسلمين لحماية إخوتهم الأقباط والحفاظ على ممتلكاتهم، وعليه أدعو النخب الدينية أن يرحمونا من تصرياتحهم وفتاويهم التى تشيع حالة من النكد العام فى الشارع المصرى عبر تأجيج مشاعر الطائفية والانقسام.. يُصرح الشيخ ياسر برهامى «بأن ديننا يدعونا إلى كراهية النصارى، وعندما يواجهه الشيخ الحبيب الجفرى على الهواء بسؤال: «كيف يأمرنا ديننا بذلك وهو يسمح لنا بالزواج منهم، فهل يأمرنا أن نتزوج ممن نكره؟» لم يجد الداعية المتشدد إجابة، وعلى الجانب الآخر يصرح الأنبا بولا: «فى حالة عدم إضافة أنه يُسمح للأقباط بالاحتكام لشرائعهم، سأقول للأقباط لم يعد لديكم مكان على أرض مصر».. مَن أنت حتى تخاطب جموع الأقباط وتأمرهم؟! والطريف انتشار صورة على صفحات الفيس بوك تجمع الداعية برهامى والأنبا بولا يضحكان فى سعادة وألفة تجمعهما زمالة عضوية اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وإليهما أقول: المسلم لن يكره القبطى أبداً، والقبطى لن يترك وطنه مهما حدث يا دعاة زمن النكد.. ارحمونا..