باب كبير بني اللون، يجلس أمامه حارس المسجد، صوت آيات من القرآن تعلو المسجد، رجال يمسكون المصاحف والسبح وسط المسجد انتظارًا لرفع آذان المغرب، مئذنة مكسوة بخشب بني يتخللها طراز أثري إسلامي قديم، بجانبها غرفة إمام المسجد التي تمتلأ بالمصاحف والكتب الدينية وعلب البلح المتراصة فوق بعضها البعض، ليفطر عليها الصائمون والمصلون، هكذا ما تراه عند دخولك من باب مسجد صالح أبوحديد في حي السيدة زينب. الشيخ إبراهيم عبدالفتاح، إمام وخطيب المسجد، يقول إن صالح أبوحديد هو أحد الأولياء الصالحين، الذي يأتي إليه الناس من مختلف المحافظات داخل مصر ومختلف البلاد الأخرى خارج مصر تبركًا به، وبناه الخديوي إسماعيل إهداءً للشيخ صالح أبوحديد، لافتًا إلى أن عمر المسجد يبلغ مائتي عام. "صالح أبوحديد" كان شابًا يفعل أشياءً كثيرة طائشة مما يفعلها معظم الشباب الآخرين، لكنه في يوم من الأيام قرر التوبة وتخصيص معظم وقته للصلاة والصوم وذكر الله، وأصبحت خاتمته مسك بعد ما فعله من أخطاء، بحسب إمام المسجد. الشيخ إبراهيم يروي ل"الوطن" سبب بناء الخديوي إسماعيل مسجدًا له، بقوله: "الخديوي إسماعيل قرر إنشاء مسجدًا للشيخ صالح، هدية له بعد التنبؤ للخديوي بتوليه حكم مصر، وفي نفس اليوم، أمسك إسماعيل بزمام الأمور في مصر". يضيف الشيخ إبراهيم، قائلًا: "عاد الخديوي إسماعيل بعدها بعدة أيام للشيخ صالح، وسأله ماذا تتمنى من هذه الدنيا؟.. وذلك كنوع من المكأفاة له، فلم يطلب الشيخ صالح أموالًا أو شقة أو مأوى ولا أي شي آخر سوى مسجد يحمل اسمه ويكون على طراز معماري جيد، وبالفعل بناه له الخديوي ودفن به عندما وافته المنية". على الجانب الأيمن من الباب الرئيسي للمسجد، ضريح الشيخ صالح أبوحديد، عبارة عن مقصورة فوق المقبرة التي دفن بها والضريح ملفوف حول المقبرة تكسوه الألوان الذهبية بالطراز الإسلامي لجدار الإطار، وتحتل الأجواء الروحانية شهر رمضان المبارك داخل المسجد، ويمتلئ المسجد بالمصلين عن آخره في الشهر الكريم. إمام المسجد يقول أن هناك أناسًا يسكنون في مناطق مصر الجديدة ومدينة نصر والعجوزة، والتي تعتبر أبعد من نطاق المنطقة التي يقع بها المسجد في حي السيدة زينب، ويأتون يوميًا لصلاة التراويح في المسجد معه لحبهم الشديد له وتبركهم به، مضيفًا أن هناك طلاب ماليزيين يأتون إليه من مختلف الأماكن لما يتميز به المسجد من جمال معماري وروحاني، وعن الأعمال الخيرية، يوضح أن هناك أناس أثرياء يخصصون مبالغ للفقراء شهرية طوال العام، وشنطًا للحبوب الغذائية الأساسية في شهر رمضان رحمة بالفقراء ورغبة في التواصل والحب والرحمة بين المسلمين.