التناغم صفة يسعى إليها أى عمل إبداعى يحاول الوصول للناس؛ لكن هذا يجعل من الجميع سواء، أما أن تكون مختلفا، فهذا قد يجعلك تجد فى النشاز مرادك، فرقة «حالة» المسرحية واحدة من أبرز النماذج الفنية الراغبة فى الاختلاف، وجدت مرادها بالفعل فى عرضها المسرحى الجديد «نشاز». تتكون الفرقة من عشرين فردا، تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 25 عاما، وقد صادفت العديد من المواقف الملفتة فى مسيرتها التى تخطت ال13 سنة حتى الآن، من بين هذه المواقف أن الفرقة شاركت بعرض «سلام مربى» فى ملتقى الفرق المستقلة بالهناجر عام 2003، إلا أن أعضاء الفرقة رفضوا أن يقدموا عرضهم فى المسرح وآثروا أن يقدموه فى ساحة الأوبرا، وتحديدا الحديقة الموجودة أمام الهناجر، وفوجئوا وقتها بأن جمهور المسرح ترك العرض الأساسى الذى يعرض فى الداخل وخرجوا ليشاهدوهم فى الحديقة وكان من ضمن الحضور نقاد كبار، مثل نهاد صليحة وأساتذة معهد الفنون المسرحية الذين أبدوا إعجابهم بالعرض. «وأنا بعمل مسرح، مابيبقاش فارقة معايا إن شكله يبقى حلو، بس لازم يبقى طعمه حلو، ومش مهم يبقى فيه حدوتة حلوة، بس لازم الأفكار تكون مهمة بالنسبة لينا، مش مهم الممثلين يبقوا معروفين، بس المهم إنهم يبقوا بنى آدمين، ومش مهم يبقى فيه إيه ع المسرح، المهم إن يبقى فيه حالة» هكذا فسر محمد عبدالفتاح، مؤسس ومخرج الفرقة أهدافها ببساطة، يقول: معندناش أى تمويل، ومش بنحصل على مقابل مادى، بنحاول نحقق اكتفاء ذاتى، ونخلى العرض يصرف على نفسه من خلال ليالى العرض فى الأماكن المختلفة، جمعيات أهلية وأماكن كتير بتطلبنا نعرض عندها، كل واحد فى الفرقة له مهنة تانية عشان يقدر يعيش، زينا زى كل بتوع المسرح المستقل. يمثل التمويل معضلة كبرى للفرق المستقلة فى مصر، ومن بينها فرقة حالة، وهى المشكلة التى يقول عنها عبدالفتاح: «أنا صاحب الشروط فى العرض، وليس أى أحد آخر، وللأسف المنتجون يضعون أموالهم وشروطهم أيضا، الميزانية التى تحتاجها عروضنا تتلخص فى أموال الملابس والمكياج، والصوت والإضاءة، أتمنى أن نجد تمويلا غير مشروط، أو على الأقل مكانا أعرض فيه، ومكانا للبروفات؛ لأنها مكلفة، وكتير بيكون عندنا بروفة ونلغيها لأن مفيش مكان، أو نعملها فى مكان مفتوح». تعد فرقة «حالة» الآن لعرض «نشاز» وهو العرض الذى يبقى الفرقة فى حالة من التدريب المتواصل الذى يمنعهم من الإفطار فى منازلهم منذ أول أيام رمضان، يقول عبدالفتاح: إحنا بنتعب جدا، بنفطر فى البروفة وبنتدرب وإحنا صايمين، سمينا العرض «نشاز»؛ لأنه شبه كل الحاجات اللى حاصلة من أول الثورة لحد دلوقتى، فى نشاز فى كل حاجة بتحصل بنحاول نبقى مواكبين للواقع، بنتدرب وهانكون جاهزين للعرض على مسرح الهناجر يوم 18 رمضان. الارتجال والجاهزية للتمثيل فى الشارع، هذه هى شروط الفرقة على ممثليها، يقول عبدالفتاح: نمارس الارتجال عبر جلسات نقوم فيها بتطوير المشاهد، والبناء لمواقف متتالية، وحين ننتهى نحفظ المسرحية على شكلها النهائى، أما التمثيل فى الشارع، فأحيانا ما يخيف البعض، خاصة البنات، لا يكونون جاهزين لذلك فى البداية؛ لكن بعد التدريب يختفى الخوف وتبقى الرغبة فى تقديم المسرحية للناس، وتتعدد الأماكن التى نعرض فيها مثل وسط البلد، وشط الإسكندرية، وكوم الدكة، وإمبابة، والكثير من الشوارع والميادين، وعقب 12 عاما من عروض الشارع، أستطيع أن أقول إننى اكتسبت خبرة تجعل نسبة التعرض إلى مشاكل خلال العرض محدودة تكاد تكون معدومة، خاصة أن أقصى مدة يستغرقها العرض لا تزيد على أربعين دقيقة. «أهم حاجة فى عروضنا إن إحنا نستمتع باللى بنعمله وأنتم تستمتعوا باللى بتشوفوه بغض النظر عن اللى جوا العرض، إحنا مش مهتمين نعمل مسرحيات، بس مهتمين نعمل عروض فنية فيها الحواديت بتاعتنا اللى بنحبها، والغنا بتاعنا اللى بنحبه، والرقص بتاعنا اللى بنحبه، والضحك والقلش بتوعنا اللى بنحبهم، المهم إننا كلنا نحس بسعادة فى الآخر، إحنا بنعمل عروض إنسانية علشان أساسا المجد للإنسانية طالما الثورة مستمرة» هكذا تلخص الفرقة على صفحتها بموقع الفيس بوك الهدف من مسيرتهم، ومجهودهم، ومحاولاتهم المستمرة ليكونوا أفضل.