«بلّغوا أمى سلامى وشوقى وحنينى وكلامى، بلغوا أبى أننى شبل من أسد، فهو خير الرجال، أبلغوا أبى وأمى أنهما أنجبا خيراً، وربيّا فأحسنا التربية، وعلّما فأحسنا التعليم، وأنهما قدّما للوطن هدية، فلم يبخلا عنه بفلذة كبدهما».. هذه كلمات ليست كالكلمات، صاغها مجموعة من رجال الشرطة بشمال سيناء، الذين يترقبون الموت فى كل لحظة، استشهاداً فى سبيل وطن، يحاول الإرهاب الإخوانى، ضرب استقراره، ضمن رسالة طويلة ومؤثرة، تعكس وطنيتهم، واستعدادهم للشهادة. هذه الكلمات، التى ليست كالكلمات، صاغها مجموعة من أفراد الشرطة العاملين فى سيناء، الذين يحملون أكفانهم فوق أيديهم، وأطلقوها فى الفضاء الإلكترونى، على صفحات التواصل الاجتماعى، لتكون شهادة حيةً على وطنيتهم، وجبن الإرهاب الإخوانى، الذى يمشى فى دروب سيناء، متباهياً مزهواً بنفسه، متوهماً أنه قادر على البقاء فترة أطول، يعيث فى الأرض فساداً وقتلاً وتدميراً وتخريباً. الرسالة الممهورة بتوقيع «أبناء الشرطة بشمال سيناء» جاء نصها على النحو التالى: «أهلى وأصدقائى، أقاربى وأحبائى، إلى كل من سمعتُ صوتهم اليوم، ومن حاولتُ سماع صوتهم، ولم يشأ القدر، الشمس تشرق وتغيب، والأيام تفرّق كل حبيب، ليس البعاد بخاطرى، ولكن أمر الزمان عجيب، فإذا لم ترونى ثانية، فاجعلوا لى من ذكراكم نصيبا، تذكرونى ولا تنسونى، فربما ينادينى صوت القدر فجأة، ولا ترونى، تذكرونى بقلب راضٍ، واسم جميل، فإن الرضا من الطبع الأصيل، بلغوا أمى سلامى وشوقى وحنينى وكلامى، بلغوا أبى أننى شبل من أسد، فهو خير الرجال، أبلغوا أبى وأمى أنهما أنجبا خيراً، وربيا فأحسنا التربية، وعلّما فأحسنا التعليم، وأنهما قدما للوطن هدية، فلم يبخلا عنه بفلذة كبدهما». وتابعت الرسالة: «قولوا لحبيبتى: لا تحزنى ولا تبكى، بل تباهى، فقد اختارنى القدر، واعلمى جيداً أننى أحببتك حباً لا يضاهيه حب، وأطلب من الجميع مسامحتى ومصافحتى، وأوصيكم ببلدكم خيراً، إننى الآن أخطُّ كلماتى بدموع عينى ودمى، ليس خوفاً، ولكن فرحاً، فهل يا تُرى حان الوقت؟ وهل ما أسمعه صوت القدر؟ وهل أنا الشهيد القادم؟ وهل أنا العريس هذه المرة؟ واختتم أفراد الشرطة وصيتهم بالدعاء: «ربى إنى أسألك الشهادة أو النصر، فكلاهما فوز لى، ربى إنى أسألك أن تحفظ مصر آمنة مستقرة، وأن تحفظ أهلها وشعبها وجندها، خير أجناد الأرض، ولتكون آخر كلماتى لكم «أشهد أن لا أله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله».