ذكرت قناة "روسيا اليوم" الإخبارية الروسية، أنه في 11 مارس 2018، أعلن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر تحالفه الرسمي مع الحزب الشيوعي العراقي، لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في 12 مايو 2018. وأوضحت القناة: "الصدريون والشيوعيون اندمجوا في قائمة واحدة سُميت (تحالف سائرون من أجل الإصلاح)، ويُعلل مدير مكتب مقتدى الصدر في بغداد إبراهيم الجابري هذا التحالف بأنه (ثورة العراقيين من أجل الإصلاح)". وقالت القناة الإخبارية: "الصدريون لم يدخلوا هذا التحالف باسمهم الصريح، بل تحت اسم حزب الاستقامة الذي يُقال إنه يضم مجموعة مرشحين (مُستقلين) بعيدين عن التيار الصدري لكنهم سيتلقون دعما معنويا من زعيمه مقتدى الصدر". التقارب الشيوعي الصدري كان متوقعًا مُنذ انضمام التيار الصدري للحركة الاحتجاجية في العراق، التي انطلقت في يوليو عام 2015، حيث كان جاسم الحلفي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وأحد أبرز قادة تلك الحركة يعقد لقاءات مُستمرة مع الصدر. طرفا التحالف شاركا في الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في العراق عام 2015، لذا من المتوقع أن يُشكلا كُتلة مُعارضة كبيرة داخل الدورة البرلمانية المقبلة نتيجة مواقفهما المعروفة ضد "المحاصصة" و"الفساد"، لكن يبدو أن لهما رؤية أخرى وهي الفوز بعدد أكبر من المقاعد يؤهلهما لتشكيل الحكومة المقبلة. وقال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي جاسم الحلفي خلال مقابلة مع "Rt": "رؤيتنا في التحالف مع الحزب الشيوعي هي الذهاب للانتخابات والفوز بمقاعد تؤهلنا لإنشاء تحالف حكومي واسع لا يُبنى على أساس المحاصصة الطائفية، وإنما على أساس الإصلاح والتغيير والمواطنة". وبحسب الحلفي، إذا "لم يتمكن تحالف (سائرون) من تشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة والفساد، فإنه سيكون أول معارضة رسمية في البرلمان العراقي، مدعومة بحركات احتجاجية شعبية مستمرة". وأوضحت "روسيا اليوم": "هذه هي المرة الأولى التي يتحالف فيها الحزب الشيوعي العراقي مع حزب إسلامي متهم بعمليات قتل جماعي أثناء الحرب الطائفية التي شهدها العراق عام 2006 عندما كانت لديه قوة مُسلحة تُدعى (جيش المهدي)". وأضافت: "فيما رأى نائب رئيس الوزراء السابق عن التيار الصدري بهاء الأعرجي، أن هناك "تناقضاً" في التحالف الصدري الشيوعي، فهو يقول خلال مقابلة تلفزيونية: (كيف ستنطلي على الناس أهداف هذا التحالف المتناقض بين حزب إسلامي وحزب شيوعي)". من جانبه، أشار كبير الباحثين في الصندوق الوطني للديمقراطية رحمن الجبوري، خلال مقابلة مع قناة "آرتي"، إلى أنه "إذا كان تحالف "سائرون" قائدًا للمعارضة فإنه سيكون مؤثرًا نتيجة الزخم الجماهيري الذي يمتلكه. وتابع أن القاعدة الجماهيرية التي يمتلكها التيار الصدري أكبر من تلك التي يمتلكها الحزب الشيوعي رغم عمره المديد الذي دخل عامه الخامس والثمانين، بينما الصدريون في تجربتهم المسلحة والسياسية لم يتجاوز عمرها 15 عامًا، ورغم فارق السبعين سنة إلا أن ما يمتلكه الصدريون لا يجعلهم بحاجة للحزب الشيوعي. وسيكون الحزب الشيوعي هو المستفيد من هذا التحالف على مستوى الأرقام إن حقق الفوز، فربما يحصل على عدد من المقاعد البرلمانية التي عجز في الحصول عليها طيلة الدورات البرلمانية الثلاث السابقة. وفي انتخابات عام 2014 حصل الحزب الشيوعي العراقي على مقعد برلماني واحد، بينما الصدريون نالوا 33 مقعداً، ما يضع تساؤلات عدة عن مغزى التحالف الذي سيخوض الانتخابات المقبلة. وأشارت القناة الروسية، إلى أن طموح مقتدى الصدر بتوسعة قاعدته الجماهيرية لتتجاوز تياره الصدري، دفعته للتحالف مع الشيوعيين وإن كان يختلف معهم لكنه بالمحصلة يبحث عن تغيير صورته المؤطرة بالحرب الطائفية عام 2006 وخلق صورة جديدة بإطار وطني عابر للطوائف والإيديولوجيات. وقال المحلل السياسي عدنان السراج ل"آر تي": "لا يُمكن أن نجزم كيف سيكون شكل تحالف (سائرون) قبل الانتخابات، فالأصوات التي سيحصل عليها ستُحدد مصيره، معارضة أم لا". لكن السراج يتوقع أن يكون هُناك خلاف بين الصدريين والشيوعيين، فحسب قوله، يُميل مقتدى الصدر لدعم العبادي في ولاية ثانية، لكن الشيوعيين لا يوافقون على ذلك. إن تحالف (سائرون) الذي يضم أحزاباً صغيرة أخرى غير إسلامية، يُحاول كسر الصورة التقليدية لطيلة ال14 سنة الماضية، ويبدو أن التحالف سيكون قوة برلمانية مؤثرة نتيجة ما يتمتع به من قاعدة جماهيرية تدعم مواقفه السياسية. وبالمحصلة، فإن الصدريين والشيوعيين متفقون على ضرورة خلق قواعد انتخابية جديدة تخرج عن إطارها الديني والقومي والطائفي، وهو ما سيُتيح لهم فرصة التوسع أكثر حتى في مرحلة ما بعد الانتخابات، خاصة إذا ما تذكرنا الحركة الاحتجاجية التي شهدها مجلس النواب العراقي عام 2016 وخروج بعض النواب عن "التبعية" لقادة كُتله.