أرسل أقباط المهجر، ممثلين في منظمة التضامن القبطي بواشنطن "كوبتك سوليدرتي"، بمذكرة إلى لجنة الخمسين، بشأن رؤيتها لتعديل الدستور، وكان أبرز ما طالبوا به في المذكرة تعديل المادة الثانية والسماح لمزدوجي الجنسية بالترشح للبرلمان. وقالوا في المذكرة التي حصلت "الوطن" على نسخة منها، وحملت توقيع رئيس المنظمة "عادل جندي": إن المصريين حين خرجوا في 30 يونيو للإطاحة بمحمد مرسي كان أيضا من أجل عدم إخضاع مصر للفاشية الدينية، وكنا نأمل في وضع دستور جدير بثورة يونيو، ولكن "خارطة الطريق" أوكلت إلى لجنة العشرة تعديل دستور 2012 الساقط بدلا من كتابة دستور جديد، وإن كنا نأمل أن تؤدي اللجنة عملا يقترب من إعادة صياغة كاملة للدستور ولكنها اللجنة رسمت لنفسها خطوطا حمراء كثيرة ربما خضوع لابتزاز البعض، ولذلك جاءت معظم تعديلاتها بما ليس له ضرورة لتغييره، وصمتت عن كثير من المواد التي تسببت في رفض الشعب لدستور الإخوان. وأضافت: ما زال هناك أمل أن تدرك لجنة الخمسين أن المرحلة التأسيسية تحتم الخروج عن الأفكار المقولبة وتستلزم الحذر من إعداد دستور ليس له نتيجة سوى أن يكون نظام حكم مصر "إخوانيا دون إخوان"، وأن المطلوب هو دستور عصري حديث لا يقل عصرية عن دستور كوسوفو أو السنغال أو بوركينا فاسو. واقترحت المذكرة تعديل المادة الأولى بحذف جملة "الشعب المصري جزء من الأمتين العربية والإسلامية"، ليكون نصها: "مصر دولة ذات سيادة وهي موحدة لا تقبل التجزئة ولا ينزل عن شيء منها، ونظامها ديمقراطي يقوم على أساس الحرية والمساواة والمواطنة. والأمة المصرية موحدة منذ فجر التاريخ وتعتز بثراء تاريخها وروافدها ومكوناتها وانتماءاتها وإسهاماتها الحضارية"، وقالت المذكرة إن تلك الفقرة من الأفضل أن تكون في الديباجة. وطالبت المذكرة بتعديل المادة الثانية واقترحت نصا بديلا لها هو: "الدين لله والوطن للجميع، والإسلام دين غالبية المصريين، والتشريع متعدد المصادر بما لا يتعارض مع المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية ومواثيق ومعاهدات واتفاقيات حقوق الإنسان العالمية. واللغة العربية لغة الدولة الرسمية"، ووصفت المذكرة أن المادة الثانية تحولت إلى صنم لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، وأن التعديل المقترح يحتفظ بجوهر النص القديم بشأن الشريعة حتى لا يتصور أحد أن هناك حربا على الإسلام، مع تحويره بصورة تمكن منع قيام أحزاب ذات مرجعية دينية، وإلا فكيف تمنع الأحزاب الدينية بينما الدولة نفسها مرجعيتها دينية. واعتبرت المذكرة المادة 3 أن النص الموجود طائفي ويجب تعديله، حتى ولو اعترضت المؤسسات الدينية، واقترحت نصا بديلا هو: "قوانين الأحوال الشخصية تراعي الشرائع الدينية لطوائف الشعب. ولكل طائفة دينية اختيار القيادات الروحية والقيام على شؤونها الدينية طبقا لشرائعها وتقاليدها"، معتبرة أن ذلك النص يجعل مهمة الدولة رعاية الشرائع الدينية للمواطنين من جميع الأديان بدلا من أن تكون دولة "المواطنين المسلمين" التي لا شأن لها بغيرهم من الرعايا. واقترحت المذكرة تعديل المادة ال6 الخاصة بالنظام السياسي بحذف كلمتي "للمجتمع المصري"، وإضافة جملة "والفصل بين السلطات والتوازن بينها وسيادة القانون". وطالبت تعديل المادة 11 الخاصة بالمرأة عبر حذف جملة "دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية"، وكذلك المادة 30، الخاصة بالملكية الخاصة، عبر استبدال جملة "دون انحراف أو استغلال"، بجملة "دون استغلال أو احتكار"، وأيضا المادة 37، بإضافة جملة "وتجريم الازدراء والتحريض العلني ضد فئة أو طائفة من المواطنين"، إلى نص المادة وذلك لأن الدساتير والقوانين الحديثة في العالم تهتم بمنع "الازدراء" بالبشر وليس بالعقائد والأفكار. وبخصوص المادة 38، طالب أقباط المهجر في مذكرتهم بإضافة جملة: "وتلتزم الدولة بالقضاء على جميع أشكال التمييز وضمان تكافؤ الفرص لجميع المواطنين" إلى نص المادة، وفيما يخص حرية الاعتقاد التي تنص عليها المادة 47، طالبت المذكرة بتعديلها عبر اقتراح نص بديل هو "حرية الاعتقاد مطلقة للراشدين، ولا يترتب على تغيير العقيدة غبن لحقوق الأهل القانونية، ولا يجبر القصر على تغيير معتقدهم إلا عند تغيير ديانة الوالدين، وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة وممارسة الشعائر الدينية للأديان والمذاهب القائمة فى البلاد". وقالت المذكرة إن ذلك الاقتراح هو عودة إلى النص الأصلي في دستور 1923 بشأن حرية العقيدة، مع إضافة تعالج المشاكل المتعلقة بالتحول الديني التي هي عادة أحد مداخل "الفتن الطائفية". وفيما يخص المادة 51 الخاصة بحرية الصحافة، طالبت المذكرة بحذف كلمات "وحياد، وقيمة وتقاليده، والواجبات العامة، وقفها أو غلقها"، من نص المادة، على أن تضاف للمادة جملة: "لا يجوز توجيه الاتهام في جرائم النشر بغير طريق الادعاء المباشر، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في هذه الجرائم". وطالبت المذكرة أن تنص المادة 54 أيضا على عدم قيام أحزاب على مرجعية دينية أو تتعارض مع الحقوق والحريات الواردة في الدستور، وأن يضاف إلى تلك المادة فقرة: "وتشجع الدولة الأحزاب بدعم سنوي يتناسب مع عدد الأصوات التي تحصل عليها في الدورة الأولى للانتخابات البرلمانية، وبإعفاء ضريبي جزئي لتبرعات المواطنين، وذلك كله على النحو المبين بالقانون"، وبررت المذكرة تلك الفقرة على أن هذا الشيء معمول به في كل الديمقراطيات، بدلا من النحيب على ضعف الأحزاب ثم ترك الساحة لأعداء الديمقراطية. وعن المادة 55 رأي أقباط المهجر تعريف الجمعيات بالأهلية في نص المادة، وأن تضاف جملة "ولا يجوز لها ممارسة نشاط سري أو ذا طابع عسكري أو شبه عسكري"، وكذلك طالبت المذكرة بإضافة كلمة "حق" إلى نص المادة 64، لتكون: "مشاركة المواطن في الحياة العامة حق وواجب وطني...". وطالبت إضافة جملة: "بما في ذلك تقلد الوظائف والمناصب العامة أو الترشح للانتخابات عدا الرئاسية لمزدوجي الجنسية من دول ليست في حالة حرب مع مصر"، لنص المادة 65، وبررت المذكرة تلك الجملة بأنها تأتي مع تزايد موجات الهجرة التي أصبح من العبث حرمان الوطن من خبرات مهاجريه بحجج بلهاء تتعلق بالولاء، بينما لا يحرم المهاجر من تولي أي منصب في بلده الجديد، بحجة ارتباطه بوطنة الأصلي. واقترح أقباط المهجر أن تضاف جملة "وتلتزم الدولة بتفعيل مواثيق ومعاهدات واتفاقيات حقوق الإنسان العالمية الموقعة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور"، إلى نص المادة 68، مبررين ذلك بأنها ستبقى المواثيق الموقع عليها حبرا على ورق ما لم يعط لها الدستور المكانة الطبيعية لها ويؤكد على تفعيلها، كما اقترحوا أن تضاف جملة "ويعتبر الاعتداء الجماعي على الأبرياء، وما يسبقه أو يصاحبه من تحريض، أو تقاعس متعمد من الأجهزة المسؤولة، جريمة ضد الإنسانية"، إلى نص المادة 74، مشيرين إلى أن تلك الإضافة ضرورية للحد من موجات الاعتداء والعقاب الجماعي والتهجير التي انتشرت بلا رادع بل أصبحت تجرى بتواطؤ أجهزة الدولة. واقترح أقباط المهجر نصا بديلا للمادة 77، جاء كالآتي: "النظام النيابي يقوم على التمثيل العادل لمكونات الشعب، بأساليب الانتخاب الفردي أو القوائم أو مزيج بينها، وتتبع وسائل التوكيد الإيجابي المؤقت لضمان تمثيل الفئات المهمشة سياسيا مثل المرأة والأقباط والشباب. يشكل مجلس الشعب من عدد لا يقل عن أربعمائة عضو ينتخبون بالاقتراع السري المباشر. ويشترط في المترشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون مصريا، متمتعا بحقوقة المدنية والسياسية، حاصلا على شهادة الثانوية على الأقل، وألا تقل سنة يوم فتح باب الترشح، عن 25 سنة ميلادية. ويبين القانون شروط الترشح الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية، بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين"، وبرروا هذا النص المقترح بأن مهمة الدستور الإفصاح عن فسلفة النظام النيابي وترك التفاصيل التي تلتزم بتلك الفلسفة وتطبقها للقانون. وطالبت المذكرة لجنة الخمسين بأن يجرى تخصيص شرط التعيين لرئيس مجلس الوزراء ألا يكون حاملا أو أيا من والديه جنسية دولة أخرى، ويستثنى منه الوزراء، وذلك في نص المادة 138، مع إضافة جملة: "ويحتل مكانه في المجلس المرشح التالي من حيث عدد الأصوات في نفس الدائرة الانتخابية على النحو الذي يبينه القانون"، إلى نص تلك المادة، بالنسبة لعضوية النائب الذي يعين بالحكومة. وطالب أقباط المهجر بتحديد محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في حالة "الاعتداء على القوات المسلحة أثناء حالة الحرب أو أثناء مباشرة القوات المسلحة لعمليات عسكرية"، في نص المادة 174. أما ما يخص المواد المتعلقة بمجلسي الشعب والشورى، طالبوا بخصوص مجلس الشعب أن تكون الانتخابات المقبلة بأسلوب مختلط بين الفردي والقائمة النسبية المفتوحة، وعودة مجلس الشورى في الدستور الجديد لأن هذا المجلس تأخذ به جميع الديمقراطيات في العالم لأنه يوفر ضمانات تشريعية تحد من عيوب المجالس النيابية الأحادية، شرط أن يجرى تكوينه بصورة مختلفة عن أسلوب الاقتراع المباشر، ليضمن وجود الخبرات الخاصة التي تنأى عادة عن دخول معمعة الانتخابات وممثلي النقابات والهيئات. وطالبت المذكرة ألا يكون عملية إقرار الدستور بأغلبية أصوات المشاركين في الاستفتاء، ولكن أن تنص المادة 198، على أن يعمل بالدستور بأغلبية 60% من عدد الأصوات الصحيحة المشاركة في الاستفتاء وبما لا يقل عن 35% من المقيدين بجداول الانتخابات عند إجرائه. واختتمت المذكرة بالمطالبة بحذف المادة 219 من دستور 2012 تماما.