يعد إعلاء سيادة القانون وتنظيم العلاقة بين سلطات الدولة تحدياً مزدوجاً، فعلى الرئيس القادم مواجهة مصر ما بعد مبارك بكل مشكلاتها المزمنة والمتوارثة، إضافة إلى ذلك فإن عليه التعامل مع الآثار السلبية المتعددة والتعقيدات التى خلفتها المرحلة الانتقالية. ويمكن تفكيك هذا التحدى إلى أربعة عناصر أولية: العنصر الأول: إعادة تبعية المؤسسة العسكرية للسلطة المدنية، وهى خطوة صعبة بسبب تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطة رئيس الجمهورية على مدار عام ونصف العام منذ رحيل مبارك، وتوليه جميع الملفات السياسية الداخلية والخارجية فى الدولة، مع الوضع فى الاعتبار اختصاص الجيش بالملفات الاستراتيجية الكبرى وتحديداً ملف علاقة مصر بأمريكا وإسرائيل. العنصر الثانى: الفصل بين السلطات وضمان استقلالية القضاء وتحصينه من تدخلات السلطة التنفيذية كمحاولة لتفكيك بنية الاستبداد السابقة. العنصر الثالث: مواجهة الفساد الإدارى بالدولة، فبدون توفير إجراءات هيكلية حاسمة لمواجهة دولة الفساد فإن المواطن المصرى لن يشعر بأى تحسن أو تغير يمس حياته اليومية، وهو ما يمثل تهديداً للاستقرار السياسى والاجتماعى. العنصر الرابع: رعاية الديمقراطية الوليدة وضمان نزاهة ما هو مقبل من انتخابات، وبذل الجهد من أجل إرساء قواعد تداول السلطة ووضع مصر على طريق الدول الديمقراطية. فيما يتعلق بعلاقة المؤسسة العسكرية بالدولة ورد فى برنامج محمد مرسى الإشارة إلى رفع كفاءة وقدرة وقوة الجيش المصرى بما يحمى المصالح المصرية، وذلك دون التعرض للتفاصيل. بينما ذكر برنامج عبدالمنعم أبوالفتوح وجوب (أن تخضع جميع مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية لسلطة القيادة المدنية المنتخبة). ويرى عمرو موسى ضرورة ضبط إنتاج وإسهام القوات المسلحة فى مجال الإنتاج المدنى والخدمات، بتشجيع مشاركتها فى المشاريع الكبرى وقطاعات الصحة والتعليم، وضبط المشاريع الاستهلاكية الأخرى ووضعها ضمن خطط الدولة للتنمية. وعلى النقيض يؤكد خالد على بوضوح ضرورة خروج المؤسسة العسكرية من (لعبة السياسة والتجارة) وضرورة إنهاء توغل المؤسسة العسكرية فى الحياة المدنية عبر ضم كل مشاريعها الاقتصادية غير العسكرية لملكية الدولة. وباستعراض برامج مرشحى الرئاسة يبدو واضحاً توافق رؤى معظم المرشحين حول المبادئ العامة، حيث تضمنت الإشارة إلى بناء نظام سياسى يحقق الفصل بين السلطات الثلاث، وضمان عدم سيطرة أو هيمنة إحدى السلطات على الأخرى. وقد أجمع المرشحون على مبدأ استقلالية القضاء، وتعهد «موسى» بالعمل على ضمان استقلالية المجلس الأعلى للقضاء، ونقل التفتيش القضائى من وزير العدل إلى مجلس القضاء. بينما تحدث برنامج «العوا» عن ضرورة إصلاح القضاء بما يضمن استقلاله وحياده وكفاءته وإزالة ما لحق بثوبه الأبيض من ألوان غير متجانسة نتيجة لتصرفات غير جائزة، وذلك على حد وصفه. وتعرض خالد على إلى ضمان استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية مع العمل على توفير الموارد اللازمة لتطوير المحاكم والنيابات لتوفير العدالة الحقيقية للمواطنين بلا إبطاء. ولا يخلو برنامج مرشح رئاسى من ذكر محاربة الفساد، فمن أهم ملامح برنامج «أبوالفتوح» ضرورة تطبيق برنامج للميكنة لتسهيل الرقابة ومنع الفساد ووضع نظام لمنع تضارب المصالح الخاصة بكبار المسئولين والصالح العام للدولة. فيما يشير «موسى» إلى العمل على استقلالية الأجهزة الرقابية وسد المنافذ والثغرات القانونية. ويتفق «أبوالفتوح» و«موسى» و«مرسى» على ضرورة إصدار تشريع يسمح بحرية تداول المعلومات الحكومية كضرورة للرقابة الشعبية على الدولة وأجهزتها. وأما ما يتعلق بالحفاظ على الديمقراطية فقد تعهد جميع المرشحين ببناء دولة ديمقراطية تحترم الدستور، فى حين أشار «أبوالفتوح» إلى التزامه أن تكون الحكومة على الحياد بين جميع المرشحين وأن تحترم القوانين، وتعهد حمدين صباحى بضمان نزاهة وديمقراطية وشفافية الانتخابات بدءاً من موقع رئيس الجمهورية وصولاً إلى عمدة القرية، مع تأمين حق المصريين فى الخارج فى التصويت.