حينما يجلس محمد الحمصى على المائدة منتظرا مدفع الإفطار، يرفع عينيه للسماء ويتذكر الأجواء الرمضانية التى كانت تعم مدينة حمص مع دخول الشهر الكريم، وقبل أول رشفة ماء يبتلعها ليكسر صيامه يتوجه بالدعاء إلى الله على الرئيس السورى بشار الأسد الذى شرد مئات الآلاف من السوريين. محمد تحدث ل«الوطن» من الحدود السورية - اللبنانية، ليحكى قصة نزوحه من حمص، ثانى مدينة انضمت للثورة السورية بعد درعا، قائلا: «قررنا فى مارس الماضى أنا وأمى وأبى وإخوتى الثلاثة أن نترك سوريا، بعد أن اشتد القصف العشوائى السافر من قبل قوات الأسد على المدينة». وأضاف: «لم يعد هناك مكان نحتمى به، الحصار على المدينة حرمها من الحياة، لم يعد هناك غذاء ولا دواء، ولم يكن هناك مفر من الرحيل، سرنا على الأقدام لمدة يومين، لنخرج من حارات حمص، باتجاه الحدود، وصلنا منطقة (الوعر) التى يتجمع فيها أهالى حمص هربا من اعتداءات قوات الأسد». بعدها أخذ محمد وأسرته سيارة حتى وصلوا إلى منطقة وادى خالد على الحدود، ليبدأوا معاناة جديدة لا تقل عن معاناتهم فى حمص؛ فالحكومة اللبنانية غير معترفة بهم كلاجئين، وحتى الآن يتنقل محمد وأسرته من منزل إلى منزل فى استضافة أسر لبنانية لأن أسرته لا تملك ثمن إيجار شقة فى لبنان. محمد لا يملك غير الملابس التى يرتديها، لا أموال ولا أوراق هوية. يريد أن يعمل، لكن عدم امتلاكه تصريح إقامة يقف عائقا أمامه: «أصبحت أتمنى لو كنت قد ظللت فى حمص لأموت شهيدا بدلا من هذه المعاناة». أبورائد، مدير مكتب شئون اللاجئين السوريين بلبنان، قال: «عدد اللاجئين السوريين فى لبنان تخطى 100 ألف لاجئ، ومع ذلك ترفض الحكومة اللبنانية بناء أى مخيم على حدودها لهم». وأضاف: «الإيجارات فى لبنان مرتفعة، وحلا للمشكلة فتح بعض التجار مخازنهم لاستقبال اللاجئين فى منطقة وادى خالد». وتابع: «مفوضية اللاجئين تمنح كرتونة غذائية واحدة كل شهر لكل أسرة، والكرتونة تضم (شاى وسكر وسمن)، لا تكفى فردا واحدا، والإفطار الذى تقدمه للاجئين لا يكفى حتى 20 ألف لاجئ»، موضحا: «لولا فاعلو الخير والجمعيات الخيرية التى تقدم الإفطار للاجئين، لكان النازحين ماتوا جوعا».