انتخب حزب الشعوب الديمقراطي، التشكيل الرئيسي المؤيد للأكراد في تركيا، الأحد قياديين جديدين، يخلف أحدهما زعيمه المعتقل صلاح الدين دميرتاش استعدادا لانتخابات وطنية حاسمة عام 2019. واعتُقل ديميرتاش 44 عامًا، مع عشرات من نواب حزبه في نوفمبر 2016 مع اتساع نطاق عمليات التطهير لتطال الاوساط الكردية. ويتهم خصوصا بإدارة "منظمة إرهابية" والقيام ب"دعاية إرهابية" و"التحريض على ارتكاب جرائم"، ويواجه بالتالي عقوبة السجن مدة تصل إلى 142 سنة، وأعلن في مطلع يناير أنه لن يترشح لولاية جديدة على رأس الحزب. وانتخب اعضاء الحزب النائب السابق سيزاي تيميلي "54 عاما"،خلفا لدميرتاش، فيما تم انتخاب بروين بولدان "50 عامًا" رئيس مشاركة للحزب. وتخلف بولدان، نائبة رئيس البرلمان، سيربيل كمال باي، التي تولت المنصب اساسا خلفا للقيادية السابقة القابعة في السجن فيغين يوكسكداغ. ويختار الحزب امرأة ورجلا في مواقعه القيادية ترسيخا للمساواة بين الجنسين. والحزب هو الوحيد الذي يعارض في البرلمان الهجوم العسكري على منطقة عفرين بشمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة "إرهابية" غير أنها مدعومة من الولاياتالمتحدة في محاربتها تنظيم الدولة الإسلامية. وعقد المؤتمر وسط حراسة أمنية مشددة في انقرة حيث غصت القاعة بآلاف من الأنصار ممن لوحوا براية الحزب الذي يتخذ من الشجرة شعارًا. وقالت بولدان أمام مناصري الحزب الأحد أن "الحل ليس مع الحرب بل السلام، ليس مع الموت او القتل، إنه مع الحياة وترك الآخرين يعيشون". وقال أحد أنصار الحزب ويدعى حسين غونغور إن "الحزب لن ينسى يوكسكداغ أو دميرتاش". لكنه تابع لوكالة فرانس برس "نقف وراء تيميلي وبولدان". - "غزو" عفرين - وفي دعوة إلى المجتمع الدولي للتدخّل، وصف حزب الشعوب الديموقراطي العملية العسكرية التركية في عفرين بأنها "غزو" وتستهدف "الأكراد كشعب". وبعدما تضرر حزب الشعوب الديموقراطي إلى حد بعيد جراء حملات التطهير التي تلت الانقلاب الفاشل في صيف العام 2016، يؤكد أن اكثر من 350 من اعضائه اعتُقلوا بسبب معارضتهم لعملية "غصن الزيتون" التي بدأتها تركيا في عفرين في 20 يناير المنصرم. وكان الرئيس رجب طيب إردوغان دعا إلى الوحدة الوطنية حول هذه العملية محذرا كل من يعارضها. يذكر أن دميرتاش 44 عامًا، تزعم الحزب لثماني سنوات. وتتهم السلطات التركية حزب الشعوب الديمقراطي بانه واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني الذي يعتبره الاتحاد الاوروبي وتركياوالولاياتالمتحدة "ارهابيا". غير أن الحزب الذي يشكل ثالث كتلة في البرلمان، يرفض هذه المزاعم مؤكدا أنه مستهدف بسبب معارضته الشديدة لإردوغان. ويقول الحزب إن 3300 من عناصره اعتقلوا منذ يوليو 2015 عندما انهار وقف إطلاق نار هش بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني. وأوضح المتحدث باسم الحزب إيهان بيلكن لفرانس برس أن "الأجواء "من الضغوط" منتشرة وممنهجة ومتجذرة إلى حد أننا ندرك أن علينا تعاطي السياسة في هذه الظروف". وخلال المؤتمر، عرض المنظمون على شاشة عملاقة صورا لزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد الله أوجلان. والخميس، دعا نواب في البرلمان الاوروبي انقرة لالغاء حالة الطوارئ التي طبقت في اعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، والتي اعتبروها تستخدم لخنق "المعارضة السلمية والشرعية" وحرية الصحافة في تركيا. وتم تسريح أو تعليق عمل أكثر من 144 ألف شخص بسبب مزاعم ارتباطهم بالانقلاب الفاشل. - "ابنوا ألف سجن" - ولتعيين قادة الحزب أهمية خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية في نوفمبر 2019. ويشك الكثيرون في أن يتمكن حزب الشعوب الديموقراطي من تكرار الإنجاز الذي حققه عام 2015 حين فاز ب80 مقعدا في الانتخابات التشريعية في يونيو، حارما حزب العدالة والتنمية الحاكم من الغالبية المطلقة. وخسر الحزب 21 نائبا في الانتخابات التالية التي نظمت في نوفمبر من السنة ذاتها. وإضافة إلى يوكسكداغ، أسقطت عضوية ستة نواب آخرين من الحزب انتخبوا عام 2015. وتمكن الحزب من تحقيق اختراق في الانتخابات بفضل شخصية دميرتاش، الذي يطلق عليه اوباما الكردي، وعمل على تحويل الحزب إلى تنظيم يساري حديث وتقدمي، مستقطبا مؤيدين من خارج القاعدة الكردية. لكن بيلكن أكد أنه "سواء كان دميرتاش مرشحًا أم لا، سواء كان رئيسا مشاركا أم لا، فهو يبقى شخصية بارزة في الحياة السياسية وسيواصل تعاطي السياسة أيا كانت الظروف". وفي رسالة مكتوبة قرأت خلال المؤتمر الأحد، قال دميرتاش "إذا كان ردهم [حكومة اردوغان] على المقاومة هو اعتقالنا، يمكنهم أن يبنوا ألف سجن إضافي، لن يجدوا مكانا يسعنا جميعا".